طالب أعضاء في مجلس الشورى هيئة مكافحة الفساد «نزاهة» بالتشهير بالفاسدين، لكنني عدت لنظام الهيئة، فلم أجد فيه أي نص يمنح الهيئة صلاحية أو مسؤولية التشهير بالفاسدين! ربما لذلك لم تشهر «نزاهة» بفاسد واحد منذ إنشائها، فهي تملك صلاحيات واسعة في المتابعة والمراقبة والإحالة للتحقيق في حالات وبلاغات الفساد، بل وحتى الاطلاع على التحقيقات، ومراجعة أداء وأساليب وإجراءات الجهات الأخرى في المراقبة لتحديد نقاط ضعفها وسد الثغرات التي يمر منها الفساد، واقتراح الأنظمة والسياسات لمنع الفساد ومكافحته، لكنها لا تملك التشهير بالفاسدين حتى بعد إدانتهم بالأحكام القضائية النهائية المسوغة للتشهير! هذا برأيي يضعف من موقع وقوة الهيئة في مواجهة الفساد، وينثر علامات الاستفهام حول جدية الدور المناط بها للقيام بمهمتها وتحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها، كما أنه ينتفي مع غاية نشر الوعي الرادع ضد الفساد وإحدى أدواته التشهير بالفاسدين المدانين بجرائم الفساد! الحقيقة، التشهير ليس مشكلة هيئة مكافحة الفساد وحدها، بل هو مشكلة الجميع، وهناك انطباع مستفز سائد عند الناس بأن سمعة الفاسد أحيانا أهم من سمعة المجتمع، فحتى اليوم لم أسمع أو أقرأ أن فاسدا مدانا تم التشهير به، إلا إذا كان مزور أختام أو سارق خراف أو خالط زيوت!