أعترف أن ذاكرتي كالغربال ومع ذلك فإني لا زلت أذكر أن طبيبين من أكبر وأشهر أطبائنا في جدة ومكة المكرمة هما د. محمد علي البار، ود. طارق صالح جمال قد اتفق رأيهما في مقالين مستقلين أن لا خطر علينا من أنفلونزا الطيور عندما انتشرت شائعة هذا المرض واتخذت وزارة الصحة إجراءات عنيفة للوقاية من هذا الوباء وهو معدوم بحسب رأي الدكتور البار ورأي الدكتور جمال. وكانت هذه الإجراءات من ست سنوات تقريبا.. وكانت الخشية أشد الخشية أن يأتي موسم رجب وشعبان ورمضان فينتشر هذا المرض فيموت المعتمرون والسياح.. لكن الموسم جاء.. وجاء بعده موسم الحج.. وانتهى على خير ولم ينتشر مرض ولا يحزنون. وكدليل على الدعاية المغرضة -والغرض مرض- فقد انتشرت قبل بضع سنين في الهند شائعة أن آلهتهم وهي عبارة عن ثلاثة وجوه متلاصقة لكل صنم من الرخام.. انتشرت شائعة تقول إن هذه الأرباب الرخامية شربت الحليب.. وكانت هذه الشائعة قوية جدا فهجم الهندوس على محلات تموين الحليب واستهلكوا كميات هائلة يسفحونها على أرضية معابدهم أملا في إطعام أربابهم والتقرب إليهم.. بل وصلت الشائعة إلى الجالية الهندوسية في بريطانيا.. وانتعشت تجارة الألبان هناك. والنتيجة؟؟ كانت فاجعة.. فالحليب شديد العفونة إذا بقي دون ثلاجات، وقد مضى الأسبوع وإذا بالرائحة تزكم الأنوف، واشتغلوا بعدها بتنظيف معابدهم في الهند وفي بريطانيا. وأما بعض الهندوس الذين رفضوا الشائعة واعتبروها خرافة فقد فسروا القضية أنها مؤامرة من أصحاب شركات الحليب.. وأن هذه الشركات حسب رأيهم كان عندهم مخزون كبير فخشيت أن تنتهي صلاحية الحليب في مخازنهم ويدفنونه أو ينثرونه للطير والبهائم فجاءت هذه الحيلة وباعوا وكسبوا أموالا ما كانت تخطر لهم على بال. وعودة إلى موضوع أنفلونزا الطيور.. فقد أصدرت وزارة الصحة السعودية في ذلك العام -أي عام انتشار شائعة انفلونزا الطيور- قرارا بمنع الذبح في أماكن بيع الدجاج.. وصرنا بعد ذلك نشتري الدجاج مبردا من الثلاجات بعد أن كنا نشتريه حيا ويذبحه العامل أمام أعيننا.. بعد أن يبسمل ويكبر عليه. لقد تبخرت شائعة أنفلونزا الطيور في ستة أشهر.. ولكن مضت ست سنوات أو أكثر أو أقل ونحن لا نستهلك إلا هذا الدجاج المكدس في فريزرات -أقصد الثلاجات الكبيرة- الشركات السعودية المتاجرة بالدجاج.. مثلها مثل أي شركة في البرازيل أو في نيكاراغوا التي تبعد عنا آلاف الكيلومترات بينما شركاتنا الأهلية للدجاج بين أظهرنا وبإمكاننا أن نحصل على دجاج حي نذبحه نحن أو يذبحه عمال هذه الشركات أما أعيننا. فهل تتكرم وزارة الصحة الموقرة برفع الحظر.. لعل وعسى! السطر الأخير: وتراه يتبع وعده بنجازه فيكاد يعثر قوله بفعاله