أجساد ترقد مستسلمة داخل مراكز النقاهة والمستشفيات، بعضها يتنفس طبيعيا والبعض الآخر عبر أجهزة التنفس الاصطناعي.. واجهوا الإهمال من أسرهم منهم من يدرك ما يدور حوله وآخرون خارج الوعي والإرادة .. أجساد تشكو الألم وفراق الأحبة حتى وإن كانت لا تتحدث جهرا، بعد أن تركت في رعاية الغير وأصبحت تعيش الوحدة في غرف مغلقة، هذه الاجساد لم تغادر أسرتها منذ سنوات وإن غادرتها بالتأكيد سيكون الى مثواها الأخير.. ومرضى الحالات المزمنة والنفسية.. «عكاظ الأسبوعية» تفتح هذا الملف وتطرح القضية للنقاش باعتبارها قضية مجتمع بحاجة لوقفة جادة: أمام مدرسة الفلاح بجدة، يقبع أحمد في العقد الرابع من عمره في سرير اختاره بعد رفض كافة دور الإيواء والمصحات النفسية والأربطة استقباله، ويروي أحمد أنه هائم على وجه منذ ما يقارب 10 أعوام في المنطقة التاريخية، بعد أن كان نزيل أحد المستشفيات -بحد زعمه-، وفي منظر يرثى له على سرير على قارعة الطريق ينام احمد بجانبه كرسي متحرك وبقايا مأكولات، ويقول «اصبحت أسير هذا السرير منذ أعوام في ظل غياب الجهات المعنية بالاهتمام بمن هم في مثل حالتي». وفي جولة على الأربطة، أبدى الساكنات وخاصة كبيرات السن خشيتهن من عدسة الكاميرا، وذلك نظرا لتعليمات وصلتهن بشكل أو بآخر عن عدم التحدث لوسائل الإعلام. واكتفين بالقول «هناك حالات تحتاج إلى رعاية صحية ولا يجدن ذلك في الأربطة». خبايا وأسرار وفي منطقة المدينةالمنورة، يعيش منسيو مركز التأهيل الشامل معاناة الإعاقة التي قدرها الله لهم جسدية كانت أم عقلية، وبين هجر ذويهم واسرهم لهم وإهمال رعايتهم والسؤال عنهم، ومن هؤلاء من نشأ منذ صغره في المركز وعاش فيه حتى بلغ الكبر وتجاوز الخمسين، ومنهم من أتى به ذووه من مناطق بعيدة للتخلص منه خشية جلب العار للأسرة، أو بسبب الفقر وعدم قدرتهم على رعايته إجمالا، خاصة وأن مصاريف رعاية المعاق تقدر بنحو 45 ألف ريال سنويا، وتشمل الأدوية وكافة المستلزمات الشخصية إلى جانب المأكل والمشرب. وكشفت جولة «الأسبوعية» داخل مركز التأهيل الشامل، خبايا وأسرار بل «حقائق» ربما طمستها الحوادث المؤلمة التي عانتها مراكز مثيلة، فمن وراء بوابة المركز حكايات تستدعي دموع المآقي وتحفز الجميع على وقفة عنوانها «تعظيم سلام» ليس للمسؤول الذي تعامل برفق مع معاق محروم بل للمعاق ذاته الذي هزم العجز بسيف الطموح وتعاطى مع الحياة بصورة وردية.. في داخل المركز تتباين شكل الإعاقات التي لازمت أصحابها منذ الولادة أو جاءت نتيجة حوادث مؤلمة، وعلى الرغم من وجه الاعاقة وملمحها الظاهر التقطت كاميرا «عكاظ» صورة للقلوب المنطلقة الوثابة والنفوس التي تعزف في الحياة العزف الطروب. فعند دخولك أقسام مركز التأهيل، تجد النزلاء يتجولون في الممرات وفي الصالات وكأنهم يعيشون داخل منزلهم.. ابتسامة عريضة وسعادة على الوجوه تخفي معاناة الجسد ووخز الإعاقة، نعم لقد بدا أن مرضى التأهيل يرون في منسوبي الدار أبا وأما بعدما تعرض أغلبهم لهجر غير مبرر من أسرته الطبيعية. طفلة مجهولة من الوجوه التي استوقفتنا طفلة مجهولة الأب والأم وتبلغ ال11 ربيعا أطلق عليها منسوبو المركز اسم «فاطمة» بعد أن أحضرتها الشرطة قبل أكثر من عام ولم يعرف أي تفاصيل عنها حتى الآن، وذكر مدير المركز أحمد السناني أنها تعاني من إعاقة جسدية وعقلية، إضافة الى عدم قدرتها على الكلام وتم العثور عليها من قبل رجال الشرطة في حي النصر أمام كلية التمريض للبنات، وكشفت الفحوصات الطبية في المركز وفي مستشفى الطب النفسي، أن نسبة ذكائها لا تتعدى ال45 في المائة، ولاتزال تعيش في المركز وتولى رعايته في ظل عدم ظهور أي أحد من ذويها، مستدركا أنه من الممكن أن يكون أهلها من المقيمين المخالفين، وأن وضعهم القانوني أدى إلى عدم السؤال عنها في أقسام الشرطة والمستشفيات. أما سعيد، في عقده الثالث وبملامح منغولية، سألناه برفق هل زارك أحد؟ تلعثم في الكلام وقال (لا ما في أحد). وفي المقابل لم يتأقلم السبعيني أبو محمد والذي يعاني من تخلف عقلي، العيش في المركز ويطالب بعودته إلى أسرته التي عاش بينها منذ عام 1399ه، وتجده في حركة لا تهدأ يتجول داخل الأقسام بلحيته البيضاء يمازح المارة ويداعبهم بابتسامات عريضة. غياب طويل وبما أن نزلاء دور الرعاية الاجتماعية ومستشفيات المسنين والصحة النفسية، ينقطعون عن أسرهم ومعارفهم، وقد ينساهم المجتمع في ظل غيابهم الطويل، «الأسبوعية» زارت عددا من دور الإيواء في منطقة القصيم، والتقت بعدد من النزلاء وكانت البداية مع العم صاهود (65 عاما) نزيل دار الرعاية الاجتماعية في عنيزة، والذي بين أنه التحق بدار الرعاية بعد تعرضه لإصابة في الظهر بعد حادث مروري مؤلم قبل زواجه بشهر، ولم يكمل زواجه، وقال «ظللت طريح الفراش لمدة ولحاجتي للرعاية دخلت الدار لأنه لا يوجد من يخدمني»، ويضيف «أقاربي الذين هم على قيد الحياة يأتون لزيارتي ولكن في فترات متباعدة وهم في الحقيقة معذورون لأنهم يقيمون في منطقة بعيدة ولذلك يأتون للزيارة بعد شهر وأحيانا بعد شهرين وفي مناسبات الأعياد». وأردف «أحيانا تنظم إدارة الدار رحلات خارجية للنزلاء في الأعياد ولمدة أسبوع تقريبا وفق البرنامج العلاجي المعد، وآمل أن تكون زيارات الأهل متقاربة ولكن ظروف العمل والبعد المكاني حد من ذلك». إعاقة مستدامة وفي موقع آخر من الدار، أوضح العم سالم بن حمود (69 عاما) أنه دخل الدار بعد تعرضه لحادث دهس، أصيب بعدها بإعاقة دائمة ويستخدم كرسيا متحركا في تنقلاته، وقال «لحاجتي الدائمة للرعاية ولعدم وجود من يرعاني دخلت الدار فوجدت لديهم رعاية متميزة، واشكر القائمين على الدار وجزى الله حكومتنا الرشيدة التي وفرت لنا مثل هذه المرافق». وحول زيارة الأقارب قال «في الحقيقة هي لم تنقطع ويأتوني في المناسبات وأحيانا يسمح لي بالخروج معهم لمدة أسبوعين خاصة في الأعياد، وعموما لا نشعر بالفراغ، ونحن نشاهد التلفاز ونتصفح الإنترنت وأحيانا نجتمع في جلسات سمر داخل الخيمة التي وفرتها لنا الدار التي تنظم بين وقت وآخر حفلات ترفيه نجد فيها المتعة والتسلية». زيارات متواصلة وفي موازاة ذلك، نفى مدير دار الرعاية الاجتماعية بمحافظة عنيزة بندر بن جلوي العتيبي، أن يكون هناك انقطاعات من أسر وذوي النزلاء عن زيارة أقاربهم من نزلاء الدار، وقال «قسم البحث بالدار يتواصل مع الأقرباء في حالة انقطاعهم عن الزيارة، وبحمد الله لم يحدث هذا أبدا لأننا في مجتمع متحاب ومترابط كالجسد الواحد»، وفي مستشفى المسنين وجدنا مجموعة لم تسمح ظروفهم الصحية بالتحدث، فاستعنا بشاب كان يجلس بالقرب من النزيل «أبو صالح»، وقال الشاب إن حالة «أبو صالح» مستقرة لكنه متقدم جدا في السن وأصبح في حالة هرم وكبر وشبه فاقد للوعي، وقال «اقرباؤه يزورونه من وقت لآخر، وهم محدودون جدا، خاصة وأنه ليس له أبناء وأنا آتي إلى هنا مرتين أو ثلاثة في الأسبوع لأطمئن عليه وأسأل الله له العافية وحسن الختام». ويضم المكان عددا من النزلاء ممن لا يستطيعون التحدث لعدم القدرة على النطق بسبب تقدم السن، ومنهم من هو في غيبوبة دائمة، فيما يشير المسؤولون إلى أن الزيارات لهؤلاء العجزة مستمرة ولم تنقطع. تكدس مراجعين لا تزال طوابير الانتظار تؤرق المسنين المراجعين لطوارئ مستشفيات العاصمة المقدسة، هذا في الوقت الذي تتحمل فيه المراكز الصحية المنتشرة جزءا كبيرا من العبء، إلا ان هذا لا يدوم طويلا خاصة إذا علمنا أن المراكز الصحية للأحياء تغلق أبوابها بنهاية ساعات الدوام، لتبدأ معها موجة التكدس والانتظار في صالات الانتظار بالمستشفيات خاصة في الأوقات المتأخرة من الليل، وخصوصا في اجازة نهاية الأسبوع. وأكد العم سمير صلاح، بطء عمل الطوارئ وقال «يتسم عمل أقسام الطوارئ بالبيروقراطية والروتين المبالغ فيه، وتمر المعاملات بإجراءات لا أول لها ولا آخر، لذلك تجد قوائم الحصول على سرير قط يطول أمده لذلك قدمت اليوم على المستشفى بعد أن وجدت المراكز الصحية مغلقة للتفرغ لحملة شلل الأطفال، وكما ترى فإن قسم الطوارئ يشهد تكدسا ومن الصعب الحصول على خدمة في وقت قياسي». عناية واهتمام وبين محمد الحربي، أن معاناته بدأت عندما كان منوما في العناية المركزة، بعدها انتقل إلى عنبر التنويم، وقال «للأسف أثناء ساعات الدوام الرسمية تجد العناية والاهتمام، وعندما يأتي الليل يكون الجو باردا وكانوا ينظفونني بماء بارد وكنت وقتها اعاني من درجات حرارة متدنية لا تسمح بمرور الماء البارد على جسدي والحمد الله تجاوزت تلك المعاناة». أما أيمن سفر، فروى معاناته مع الصيدليات، وقال «راجعت المستشفى وكنت في حالة إعياء شديدة بسبب القولون، ووصف لي الطبيب بعض الأدوية فتوجهت إلى الصيدلية ولكن كانت مغلقة للصلاة، علما أن المستشفيات بكافة قطاعاتها الخدمة فيها على مدار الساعة»، ويضيف «في مرفق هام كالصيدلية على الموظفين التناوب على اداء الصلاة فيما يستمر الباقون في استقبال المراجعين وصرف الادوية حتى لا تتعطل مصالح المرضى خاصة وأن بعض الحالات لا تتحمل التأخير». ثلاث حالات من جانبها أكدت استشارية الطب النفسي في وزارة الشؤون الاجتماعية الدكتورة عائشة الشيهاني، أن 95 في المائة من الحالات غير متخلى عنهم، بمعنى التخلي المعروف وهم بين حالات ثلاث، امرأة زوجها متوفى وليس لها ابناء، أو من لها أبناء ولكن مرضى نفسيين لا يستطيعون العناية بها، أو من لم تتزوج أصلا ومرفوضة من زوجة الأخ أو زوج الأخت، مضيفة «من خلال عملي وجدت أن المرضى النفسيين هم أكثر فئة متخلى عنها، وخاصة من هم مرضى بأمراض خطيرة مثل مرضى الفصام والاضطراب الوجداني، لكونهم معرضين لانتكاسات خطيرة تجعلهم يشكلون خطورة كبيرة على من حولهم، فينقطع الأهل عن السؤال والزيارة حتى لا يطلب منهم رعايتهم في حال تحسن وضعهم الصحي، فتجد بعضهم يبقى ما بين 20-25 عاما في الدار دون ان يسأل عنهم أحد»، وتابعت «الشؤون الاجتماعية ليست مسؤولة عن هذه الفئة، بل هي من اختصاص وزارة الصحة، ولكن بمجرد ان يدخل المريض مرحلة النقاهة يحول الى دار الرعاية متعذرين بقلة الأسرة رغم أن الوزارة انشأت مؤخرا دار الإخاء في الرياض ولكن للرجال فقط وهي الدار الوحيدة على مستوى المملكة». حالات المنع وعن أبرز الحالات التي تمنع الدار تسليم المريض لأهله قالت الشهاني «يتم المنع عندما نرى ان المريض ممكن أن يتعرض للعنف، فبعض الحالات بإمكان الأهل استلامها ورعايتها، ولكن الفريق المسؤول لاحظ عند التقييم، أنها تعرضت للعنف والإهمال وتركت فترة طويلة دون رعاية، مما يشكل خطورة عليها خاصة وأن المريض النفسي من الممكن ان يعرض نفسه للخطر، وأن أقدم الحالات النفسية دام بقاؤها 30 عاما دون ان يسأل أحد عنها». وأردفت «للدار قصص إيجابية ومنها حالة مريضة نفسية كان لديها اطفال ووالداها متقدمان في السن واخوتها واخواتها مرتبطون بأزواج رفضوا رعايتها واستقبالها، فتمت رعايتها في الدار لمدة ست سنوات حتى تحسنت حالتها وكبر ابناؤها وتولوا رعايتها والعناية بها تحت اشراف الدار». من جانبه، قال الكاتب والحقوقي وعضو مجلس الشورى الدكتور زهير الحارثي، إن الأمر يعد قضية وطنية تحتاج إلى تضافر جهود الدولة والقطاع الخاص الذي لم يقدم لها شيئا ملموسا لهذه الفئة، وباب المسؤولية الاجتماعية غير مفعل في القطاع الخاص حيث يفترض أن يكون هناك شركات وبنوك وقطاعات عدة تتفاعل مع هذا الجانب الإنساني خاصة وأن ديننا يحثنا على هذا الامر. وأضاف الحارثي «الأمر يحتاج إلى وضع رؤية وآليات لكيفية الاهتمام بهذه الشريحة، فالاجتهادات الفردية لم تعد ذات جدوى رغم أهميتها»، وقال «نحتاج إلى عمل مؤسسي بإمكانه تحويل هذه الاهتمامات والجهود إلى رؤية أو خارطة طريق لهذه الشريحة». وأردف «وزارة الصحة تجتهد، ولكنها بحاجة إلى دعم كافة القطاعات مثل المؤسسات التعليمية والمساجد، ويجب التعاون على عمل مؤسسي له مرجعية تعنى بهذه الشرائح لها صلاحيات التنسيق بين جميع القطاعات، وأعتقد أن القطاع الخاص مقصر في هذا الجانب رغم الوفرة المالية لديه، وعلى الدولة والقطاع العام المبادرة بوضع رؤية للعناية بهذه الشريحة على غرار الدول المتقدمة». تثقيف الأسر من جانبها، تحدثت مشرفة الرعاية الصحية المنزلية في المدينةالمنورة سابقا ومسؤولة التدريب والتطوير والبحوث والدراسات للطب المنزلي في وزارة الصحة حاليا الدكتورة عائشة الصغير عن تجربتها مع بعض الحالات التي عايشتها اثناء عملها في هذا المجال، وقالت «أجرينا مسحا للمرضى في سبعة مستشفيات عندما توليت العمل في الإشراف، ووجدنا أن معظم الحالات بين أطفال اصيبوا بشلل رباعي بسبب نقص الأكسجين أثناء الولادة، وبين كبار في السن أطاح بهم المرض ومعوقون بسبب اصابات الحوادث وبعض الأمراض المزمنة، وهنا نجد نوعين من الأهل، نوع رافض لمريضه كاره له متخلٍ عنه ورافض استلامه رغم أن المستشفى يرى انه لا داعي لبقائه، والنوع الثاني خائفين على مريضهم وحرصهم عليه يمنعهم من اخراجه حتى لا يصاب بمضاعفات». وعن الحالات التي مرت بها اثناء عملها في الرعاية الصحية المنزلية، ذكرت حالة مريض معوق بسبب حادث سيارة بقي في المستشفى 30 عاما دون أن يسأل عنه احد، حتى توفي وبقي في الثلاجة قرابة الشهر إلى أن اصدر المستشفى أمرا من الوزارة بدفنه. وأكدت الصغير افضلية المنزل للمريض المستقر صحيا شريطة أن يجد من يرعاه ويشرف على علاجه، ودعت الى ضرورة تثقيف من يخافون على مرضاهم من الانتكاس عند الخروج من المستشفى رغم استقرار حالتهم الصحية وتوضيح الأمر لهم بان الرعاية الصحية المنزلية هي أفضل لهم، أما من يرفضون استلام مرضاهم دون وجود سبب مقنع صحي أو مادي فيجب ان يكون هناك قانون يعاقب هذه الفئة ويجبرها على رعاية مريضها مع وجود الإشراف عليهم ومتابعة المريض. أسرة شاغرة وعلى الرغم من التوسع الذي استحدثته الصحة في إنشاء مجمعات ومستشفيات طبية في شمال وشرق جدة بالإضافة إلى مستشفى الملك فهد العام والملك عبدالعزيز والثغر، إلا أن استمرار مكوث كثير من المرضى الذين انتهت فترة علاجهم لا تخدم هذا التوسع، وخاصة مرضى الصحة النفسية، وبالأخص النساء ممن يرفض ذووهن استلامهن بحجة العيب أو العار والخوف من الفضيحة فيصرون على بقائهن داخل المستشفى. وهنا ذكر مدير الشؤون الاجتماعية بمنطقة مكةالمكرمة عبدالله آل طاوي، أن الشؤون الصحية تتولى الحالات المرضية، وهناك حالات قد تحتاج إلى متابعات صحية وعلاجية بين فترة وأخرى فبعض هذه الحالات موجودة في بعض الدور، وأضاف «بعد انتهاء فترة العلاج لبعض المرضى خصوصا الأشخاص الذين ليس لهم عائل، يتم إحالتهم إلى دور الإيواء شريطة أن لا يكون به مرض معدٍ أو خطر على الموجودين في الدار فليس هناك مانع من استقبالهم». معاناة حقيقية وفي نفس السياق بين عضو مجلس الشورى الدكتورة ثريا العريض، أن القضية تشكل بالفعل مشكلة أو معاناة حقيقية، باعتبارها حالات إنسانية، وأرجعت أصل المشكلة الأساسية إلى أن 30 في المائة من الأسرة في المستشفيات شاغرة بسبب الحوادث، لتبقى النسبة المتبقية محصورة ما بين هذه الفئة والأمراض الأخرى، وكشفت الدكتورة العريض عن طرح موضوع في مجلس الشورى تناقش فيه قضية هذه الفئة بالذات، وعن إمكانية وجود حلول لإيوائهم بطريقة مستجدة، مؤكدة في الوقت نفسه أن هذه الفئة ليست غائبة على مجلس الشورى. أما استشارية الطب النفسي ورئيسة وحدة الطب النفسي بمستشفى الملك فهد بجدة الدكتورة منى الصواف، رأت أن الحل البديل لرفض الأهل تسلم المريض يكمن في مركز الرعاية النهاري، وهذه المراكز غير متوفرة حاليا بالرغم من تفعيلها في مجتمعات خارجية، وقد تكون موجودة في مناطق بسيطة في المملكة وتسمح للمريض بالخروج من قسم التنويم الداخلي في غرف المستشفيات ومراجعة العيادات الخارجية، وتحت إشراف فريق طبي وتمريضي، بالإضافة إلى متخصصين بالعلاج النفسي خاصة للمرضى المدمنين. وأضافت «هذا الحل يعد من الحلول المقبولة وتوفر أسرة للمرضى الذين هم بحاجة للعناية أكثر من المريض الذي انتهت فترة علاجه، وهذه الخطوة لها جانب اقتصادي كونها تحد من التكلفة على المنشآت الصحية». متابعة مستمرة من جانب آخر أوضح المتحدث الرسمي لهيئة حقوق الإنسان الدكتور إبراهيم الشدي، أن الهيئة تتابع باستمرار دور الإيواء بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية باعتبارها المعنية بهذه الدور، كما تتابع ما أسماه بدور الإيواء العائلي خصوصا لمرضى الصحة النفسية، وأرجع بقاء المرضى الذين انتهت فترة علاجهم في المستشفيات إلى تباطؤ بعض الأسر في استلام ذويهم بعد انتهاء فترة علاجهم، وهذا يشمل بعض الحالات وخاصة النساء نزيلات مستشفى الصحة النفسية، كاشفا عن مشروع أو تنظيم تشريعي يلزم أسر المرضى باستلام ذويهم.