أيها تتوقع أن يعرضك للخطر أكثر، أن تسافر بالسيارة أم بالقطار أم بالطائرة أم بالسفينة؟ سؤال كهذا عادة يحتاج إلى مراجعة الدراسات الإحصائية التي غالبا يكون لديها الخبر الأكيد عن أكثر وسائل السفر تعرضا للحوادث وما ينتج عنها من أعداد الإصابات والوفيات وغيرها من الخسائر المادية. ولكن في بلادنا، ومن خلال ما تنقله لنا أخبار الحوادث في كل يوم، قد لا نحتاج إلى مثل تلك الإحصائية، فالإجابة ترد إلى أذهاننا بتلقائية مباشرة دون انتظار لما تقوله الإحصائيات، السفر بالسيارة هو أكثر وسائل التنقل خطورة فعدد ما نسمعه من أخبار حوادث صدام السيارات وانقلاباتها وسقوطها إلى أسفل المنحدرات، سواء داخل المدينة أو خارجها على الطرقات السريعة، هو أكثر بكثير مما نسمعه من حوادث سقوط الطائرات أو تصادم القطارات أو غرق السفن، إلا أنه بالرغم من هذا، نجد الجهات المسؤولة عن وسائل النقل لا تبدي اهتماما يذكر بالتشديد على تأمين سبل السلامة للمسافرين بالسيارة بدرجة اهتمامها بتأمينها عبر وسائل السفر الأخرى. إن التشديد على كفاءة سائقي السيارات المهارية والعلمية وصحتهم النفسية، يأتي في مقدمة معايير السلامة المطلوب تأمينها عند السفر بالسيارة. ولوقارنا المعايير التي تشترط عند اختيار قائد الطائرة أو السفينة أو القطار بما يطلب من شروط في قائدي السيارات، لو وجدنا فروقا كبيرة، فبينما توضع معايير عالية يجب توفرها فيمن يتقدم للعمل قائدا لطيارة أو باخرة أو قطار، نجد سائق السيارة لا يطلب منه شيء البتة، يكفي أن يكون معه رخصة قيادة. لكن السياقة ليست رخصة قيادة وحسب، السياقة تتطلب ذكاء واتزانا وحسن تقدير للعواقب وصحة نفسية وجسدية وقدرة على الحكم على الأمور بمنظار وعي وتعقل. إن تجاوز الحد الآمن في السرعة، وعدم الالتزام بشروط التجاوز السليم، وعدم السير في خط مستقيم بتعمد الزوغان والمراوغة بين الخطوط، والتهاون في إضاءة إشارة الالتفات وإهمال فحص السيارة والتأكد من صلاحيتها قبل السفر، كل ذلك ناجم من سوء التفكير وغياب التقدير الصحيح للعواقب. إن من نستقدمهم من السائقين حاليا يتسببون في زيادة أعداد الحوادث سواء كانوا سائقي أجرة أو سائقين خاصين، فمعظمهم بلا تعليم أو تعليم متدني الدرجة، وهم غالبا يأتون إلينا من بيئات تغيب عنها الثقافة المرورية والالتزام بمعايير السلامة، فيقودون السيارات في بلادنا بالطريقة التي اعتادوها في بلادهم فيضيفون ضغثا على إبالة ما لدينا من عادات رديئة في القيادة. سائقو السيارات الذين تموج طرقاتنا بهم سواء كانوا سائقي سيارات أجرة أو سائقي سيارات نقل أو سيارات خاصة أو أفرادا يقودون سياراتهم الشخصية، جميعهم في حاجة إلى أن يخضعوا لمعايير مكثفة تتركز حول ما يحفظ السلامة على الطرقات، وذلك قبل أن تمنح لهم رخصة القيادة.