قد لا يعرف الكثير منا السبب الرئيسي في أن يكون نادي برشلونة الإسباني، صاحب أقوى قدرة مالية في العالم يستطيع أن يستثمرها باحترافية عالية داخل المستطيل لتحقق له الكثير من البطولات المحلية والقارية والعالمية ويكسب احترام ملايين الجماهير في مختلف دول العالم، فخلال رحلتي القصيرة إلى النادي الكاتلوني لحضور وقائع تدشين حملة الأرجنتيني ميسي نجم برشلونة الأول مع شركة جيليت والتي سيكون لها سفيرا في السنوات المقبلة ولمنتجاتها، ولحضور أيضا مواجهة برشلونة ومستضيفة فالنسيا في الجولة ال22 من الدوري الإسباني والتي خسرها أصحاب الأرض 3-2، فنجاح برشلونة على مستوى العالم خلفه أسرار وأسرار لا يستطيع أحد أن يفك شفرتها سوى المختصين في عالم الاقتصاد والرياضية وأن هذه النجاحات لا تأتي من فراغ بل من عمل دؤوب لخبراء كل في مجاله لصناعة هذا الكيان والمحافظة على إنجازاته مع مرور الوقت، وخلال الجولة التي رصدتها سوف أنقل لكم بعض -وليس كل- ما لفت انتباهي كزائر لهذا النادي العظيم الذي يحظى بشعبية كبيرة في المقاطعة الكاتلونية وخارج حدود إسبانيا والتي قد لا تجد شخصا على الكرة الأرضية إلا ويعرف رفقاء مسي، وملعب كامب نو الذي بني عام 1954 أكبر ملعب في أوروبا، وشهد على بطولات النادي. تغيير تاريخ النادي يروي السيد جوردي بيناس مدير متحف النادي الكاتلوني ان تأسيس برشلونة كان في عام 1899م، في محاولة لإثبات استقلالية مقاطعة كاتلونيا ونجح في ذلك خوان جامبير مع مجموعة من الكاتلونيين والسويسريين والإنجليز، ولم تكن بداية النادي مشجعة على صعيد البطولات التي كان يشارك فيها، وبعد مرور 9 سنوات من تدهور أوضاع النادي تدخل جامبير بعد اجتماعه الشهير في «صالة الحديد» غير مسار النادي بشكل كبير ووضعه في طريق المنافسة وتحقيق البطولات، مشيرا إلى أن جامبير في فترة رئاسته الثالثة تعاقد مع مدرب إنجليزي واستقطب مجموعة من اللاعبين البارزين في عالم كرة القدم، وفي فترة الرئاسة الرابعة سيطر برشلونة على جميع البطولات الكاتلونية والإسبانية، وذلك في موسم 1921/1922م، وسطر التاريخ أحرف برشلونة من ذهب وزاد عدد الأعضاء لأكثر من 10 آلاف عضو وخصص وقتها ميزانية كبيرة للموسم الجديد، وتخليدا لذكرى «جامبير» تم اعتماد بطولة ودية تحمل اسمه وهي كأس خوان جامبير تقديرا له وتقام البطولة بشكل سنوي منذ العام 1966، وهو لاعب كرة القدم «سويسري» الأصل، أسس عدة أندية في سويسرا وإسبانيا، وترأس النادي خمس فترات خلال العشر السنوات التي قضاها وتوفي جامبير منتحرا في العام 1930. إنشاء كامب نو ويضيف جوردي بيناس مدير متحف برشلونة أن جامبير، قبل أن يموت كانت لديه أفكار كثيرة ترجمتها إدارة النادي من خلفه إلى واقع نعيشه من ضمنها بناء ملعب وإنشاء متحف وزيادة عدد مشجعي النادي في كافة أنحاء الكرة الأرضية، فبعد 24 سنة من وفاته استرجع القائمون على النادي تلك الأفكار وكان أولها بناء ملعب يتسع لأكبر قد من المشجعين ويكون الأكبر في قارة أوروبا وتحقق ذلك بعد ثلاث سنوات من العمل المتواصل، مضيفا أن الاتحاد الدولي لكرة القدم رفض الموافقة على إقامة الملعب على مساحة 7.704م2 وتم تقليصها إلى 7.140م2 كاشفا أن المهندس المسؤول عن البناء الملعب في ذلك الوقت هو فرانسيس ميرو وجوزيف مورى وغارسيا باربون، ليتسع فقط ل73 ألف متفرج. 80 ألفا في الافتتاح فور الإعلان عن إقامة أول مباراة على الملعب الجديد تسابق عشاق هذا النادي على شبابيك بيع التذاكر للظفر بشرف حضور أول مباراة للفريق على هذه التحفة المعمارية فتم بيع 73 ألف تذكرة إلا أن الحضور تجاوزوا ال80 ألف متفرج في ذلك الوقت واستمر هذا العدد في جميع المباريات التي خاضها الفريق على الملعب وتم رصد الحضور الجماهير وهم جالسون على سور النادي لمتابعة المباريات ومع مرور الوقت أقر القائمون على النادي عمل تحسينات وتجديدات تحاكي النقلة النوعية التي يعيشها العالم ولم يكتفوا بأنه أكبر ملعب في أوروبا، حيث تم تعديل نظام الإضاءات في عام 1959، وتركيب اللوحة الإلكترونية وتخصيص غرفة لرجال الإعلام والصحافة، بالإضافة إلى تخصيص مصلى للاعبين المسلمين وكذلك غرفة خاصة للأديان الأخرى، أما بخصوص غرفة تبديل الملابس فهي مجهزة على أحدث طراز ويوجد بها جاكوزي وركن للعلاج الطبيعي ومقاعد وأدراج خاصة للاعبين. كامب نو كشف جوردي بيناس، أن أكثر من 105 آلاف برشلوني صوتوا على تسمية ملعب برشلونة «كامب نو» في الاستفتاء الإلكتروني وعلى ضوء ذلك تمت تسميته، وفي عام 1999 حصل الملعب على شهادة ال5 نجوم من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم للتطورات التي يشهدها الملعب ولكبره في القارة العجوز، وبعد مرور 50 عاما على إنشاء الملعب تمت تغطية 50% من الملعب على يد المهندس المعماري البريطاني نورمان فوستر. 64 عاما لإنشاء متحف استغرقت دراسة إنشاء متحف يدر على خزينة النادي الكثير من الأموال داخل «الكامب نو» ما يقارب ال64 عاما لظروف اقتصادية وكذلك لعمل شيء يضيف لهذا الكيان، فكان صاحب الفكرة خوان جامبير مؤسس النادي ورئيسه لعشر سنوات تقريبا طرح على أعضاء النادي الفكرة ولم يتحمس لها الكثير وذلك كان في عام 1920 وبعد مرور 64 عاما على فكرته فضل القائمون على النادي إنشاء المتحف في عام 1984 وتم تحسينه في الأعوام 87 و94 و98، لتصل مساحته إلى 3500م2 (والكامب نو تعني بالكاتلونية الملعب الجديد) وهو بالتالي أكبر ملعب كرة قدم في أوروبا. مزار الكامب نو على خلاف أندية العالم، يتحول ملعب «الكامب نو» من مقر لاستضافة المباريات وتدريبات الفريق إلى مزار يدر على خزينة النادي الملايين حيث يفتح النادي أبوابه يوما للسياح للوقوف على حقيقة هذا النادي وعظمة إنجازاته وخصصت إدارة الاستثمار في النادي سعر ال23 يورو ثمن تذكرة دخول النادي والتعرف على مرافقه بخلاف السماح لكل زائر بالتصوير مع بعض إنجازات النادي والتي لها ثمن آخر بخلاف الدخول، يضم المتحف الذي أسسه جوسيب لويس نونيز الذي شغل منصب رئيس الفريق من 1978 إلى 2000، كل نقطة عرق للأشخاص الذين ساهموا في صناعة التاريخ إلى جانب الكؤوس التي حققها النادي في مختلف البطولات سواء بكرة القدم أو الألعاب الأخرى، بالإضافة إلى لائحة الشرف لصور الرؤساء والمدربين الذين تعاقبوا على رئاسة النادي وتدريبه، والملفت في المتحف أنه مزود بتكنولوجيا وتقنية فائقة الجودة وكأنك تحمل جهاز «آيباد» بين يديك، حيث توجد طاولات كبيرة تعمل باللمس فيها كل شاردة وواردة بالصوت والصور المتحركة وكأنك تعيش الأحداث في وقتها، كذلك هناك على جنباته شاشات العرض، لعرض الصور ولقطات الفيديو للحظات والأحداث وبعض الإحصائيات الخاصة بالنادي ولاعبيه، وكذلك توجد في المتحف بعض المقتنيات التي تم استخدامها من قبل اللاعبين على مر التاريخ كالملابس والأحذية والكرات. 25 مليون زائر في يوم 4 يناير الماضي وصل عدد الأشخاص الذين زاروا المتحف 25 مليون زائر، حيث كرمت إدارة النادي الزائر ال25 مليون بمنحه قمصان النادي والالتقاء بنجوم النادي، وأعلن جوردي بيناس مدير المتحف، أنهم يرصدون يوميا الزوار الذين أغلبهم من الإنجليز ومن دول فرنسا وإيطاليا وهولندا، مشيرا إلى أن أعدادهم تزداد خلال يوليو وأغسطس بمجموع 400 ألف زائر تقريبا في العام وقال السيد جوردي «نعمل طوال السنة لكي نقدم جميع الخدمات الممتازة للسواح في فصل الصيف». مشيرا إلى أن المتحف مكون من طابقين وعلى مساحة 3500 متر مربع. متجر النادي قد لا تصدق عندما ترى أمام عينيك 3 آلاف منتج تحمل شعار برشلونة تحت سقف المتجر المخصص لبيع تلك الأصناف والتي تعتبر في متناول الجميع، حيث قامت اللجنة القانونية في النادي بحماية منتجاتها من التزوير بمنع أي منتج يحمل شعار النادي دخول إسبانيا دون الرجوع لهم وبذلك سيطر صناع القرار على منتجات برشلونة وأصبحت حكرا على النادي، وحتى وإن وجدت تلك الأصناف في متاجر أخرى تجدها الأصلية ومرخص لها لأن لجنة الاستثمار في النادي راعت الناحية الاقتصادية ووفرت كل تلك المنتجات بأسعار في متناول للجميع وبخامات مختلفة للوازم الفريق الأصلية إلى دفاتر التمارين المدرسية والساعات والكتب، ويشغل المتجر مساحة 2000م2 للبيع بالتجزئة من استاد كامب نو وهو عامر بالسلع المتعلقة بالنادي.