يحن عدد من أهالي مكةالمكرمة الذين تركوا منازلهم في الحارات المجاورة للحرم المكي، وتفرقوا بين المخططات الحديثة في العاصمة المقدسة، لجلساتهم القديمة، لذا قرروا تنظيم ملتقى أسبوعي في منزل أحدهم بالتناوب، يتجاذبون فيه أطراف الحديث، لمعرفة أحوال بعضهم، واستذكار الأيام والأحداث الجميلة التي عاشوها، ومزاولة العديد من الهوايات مثل طبخ الأطعمة الحجازية الشهيرة، بالتعاون فيما بينهم، ومن ثم يجتمعون لتناولها في أجواء حميمية، تؤكد تمسكهم بجذورهم وتعزز الترابط الاجتماعي فيما بينهم. ويتولى أحدهم عملية التنسيق للقاء الذي بات معروفا لأهالي المنطقة المركزية، ويترقبونه بشوق وحنين، ويحرص الحضور على السؤال عن كل من يتغيب عن الاجتماع، ومعرفة الأسباب التي أعاقته عن اللقاء. وأوضح سالم مليباري أن أجمل ما في تلك اللقاءات أنها تجمع الأصدقاء القدامى وأهل الحارة تحت مظلة ومجلس واحد فتكون الذكريات واستحضار القصص الجميلة، هي الوجبة الرئيسية للمجلس، معتبرا اللقاءات الأسبوعية مصدرا مهما للتعرف على أخبار من غابوا أو داهمهم المرض فحق على كل من في المجلس أن يزوروه. وذكر أن تلك المجالس تتطور وتتوسع بمرور الأيام، منها مجلس أبو وليد المعروف لدى أهالي المعابدة والجميزة، لأن من يرتاده كبار حارة المعابدة. إلى ذلك، أفصح نايف الصائغ أنه يرتاد أكثر من مجلس أسبوعيا، مبينا أنه يفضل ممارسة هوايته في الطبخ للحضور، ملمحا إلى أن أفضل مجلس يزاول فيه نشاطه مجلس أبو وليد أو مجلس عصام دمنهوري وهم مجلسان معروفان لدى أهالي حارة المعابدة ويقصدهما الكثيرون من أهالي الجميزة أو حارة أكلب أو حارة بيشة ودحلة الجن والشعب. وذكر أن كل حارة في المنطقة المركزية لها مجلس خاص في المخططات الحديثة، ملمحا إلى أنهم تعرفوا على شخصيات عدة في الملتقيات المستحدثة. وأرجع عبدالعزيز الحبشي تجمع أهالي الحارات القديمة في ملتقيات أسبوعية في المخططات الجديدة إلى الحنين الذي يدفعهم للماضي، والحرص على معرفة أخبار زملاء الأمس، ورؤية الأصدقاء القدامى، وتجاذب أطراف الحديث معهم، والاجتماع على مائدة للمأكولات الحجازية العريقة مثل المعدوس والسليق والبخاري وغيرها من الأطعمة الأخرى. وذكر أن تلك المجالس عززت التواصل الاجتماعي بين أبناء مكةالمكرمة، في زمن طغت عليه التقنية وباعدت بين الأهالي، معتبرا تلك المجالس تأكيدا على أصالة أبناء أم القرى ورقيهم، وحرصهم على التعاون والتكاتف مهما باعدت بينهم الظروف المعيشية.