لم يعد مهرجان الجنادرية السنوي مجرد تظاهرة ثقافية تجمع المثقفين من كل مكان في هذا العالم.. وتحتفي بهم.. وتكرمهم فحسب.. بل أصبح أفقا عالميا واسعا وعريضا تناقش فيه أكثر القضايا السياسية.. والاقتصادية.. والفكرية السائدة في هذا العالم.. بكل ما تفرزه من هموم وتبعات وبكل ما تقود إليه المجتمعات من أخطار ومآس لا قبل لها بها. وفي هذا العام على وجه التحديد كانت هناك أكثر من ندوة من هذا النوع الثقيل.. بما تشكله من حركة تنوير هادفة إلى نشر الخير في كل الدنيا.. ومنها: ▫ ندوة: المملكة والأمن القومي العربي. ▫ وندوة: حركات الإسلام السياسي.. والدولة الوطنية الخطاب والواقع. ▫ وندوة: السعودية والتيارات السلفية في العالم العربي.. التوافق والاختلاف. والأهم من عناوين هذه الندوات هو الحوار المفتوح.. والتناول العلمي البحت لكل القضايا والموضوعات.. التي توفرها إدارة المهرجان للمتحاورين وصولا إلى تصورات ورؤى مشتركة تقود إلى أفكار.. ومبادرات هدفها الأول والأخير هو تحقيق تنمية ثقافية شاملة وتوسيع دوائر وإشعاعات التنوير.. في مواجهة الارتكاسات والإخفاقات الشديدة التي تعيشها الأمة ولاسيما في هذا الوقت بالذات.. وفي منطقتنا العربية على وجه التحديد.. وبكل تأكيد فإن بنية الحوار المفتوح هذه.. إنما تجسد رؤية هذه الدولة المهمومة بقضايا الإنسانية.. وحرصها الشديد على أن تستثمر كل الطاقات الفكرية لإيجاد المخارج للأمة من تلك الأزمات التي ترسف بها. تلك الرؤية التي عبر عنها صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وزير الحرس الوطني يوم الأربعاء الماضي حين قال «إن الجنادرية رمز الوطن ووفاء الأجيال.. وذكرى لمسيرة طويلة من البناء والعمل.. وهي تمثل وقفة مع النفس لاستقاء العبر والدروس.. كما أنها صعيد جاد للحوار الهادف.. ومناسبة للفرح بالوطن بكل مكوناته الجميلة». هذا الكلام بدلالاته الفكرية.. والسياسية.. والإنسانية والعاطفية.. يعني أن المملكة العربية السعودية.. دولة حوار.. ودولة مواجهة للمشكلات لأنها تدرك أن الفكر الخلاق ينتج حلولا عملية لأعقد القضايا وأصعبها بدلا من الهرب منها وعدم مواجهتها وتلك هي المشكلة الأولى التي يعاني منها عالمنا العربي.. ويتعرض بسببها إلى ما نشهده اليوم من فوضى عارمة.. أو تداعيات مخيفة.. نظرا لغياب الحوار النابه. وكم أتمنى أن تتحول نتائج هذه الندوات الهامة إلى توصيات يتم تفعيلها بالتواصل مع الدول والمؤسسات المعنية في الدول العربية والإسلامية وفي بلادنا تحديدا.. حتى تتحقق الفائدة منها بصورة كاملة.. ونحول ما تدعو إليه إلى خطط وبرامج واستراتيجيات صانعة للتغيير. ضمير مستتر: [ مستقبل الأمم لا تصنعه الأفكار فحسب.. ولكن تحوله الأفعال إلى منجزات كبيرة] [email protected]