التقت «الشرق» ثلاثة مثقفين من ضيوف «الجنادرية27»، مستطلعة آراءهم في هذه الدورة من الجنادرية، وقوفاً على الإيجابيات والسلبيات، فرأى الإعلامي اللبناني عرفان نظام الدين أن الجنادرية فرصة لرصد تفاعل المثقفين مع الأحداث في العالم العربي، بينما رأى وزير الثقافة الإيراني السابق عطاء الله مهاجراني أن المهرجان يهيء فرصة للقاء ثقافي بعيداً عن السياسة. أما الشاعرة الكويتية سعدية مفرح فقالت إن المهرجان مكان للقاء والحوار وليس القراءة. وتحدث ل«الشرق» الإعلامي عرفان نظام الدين، فقال: لمست في مهرجان الجنادرية هذا العام تطوراً من حيث النوعية والأفكار والموضوعات المطروحة للنقاش، وكذلك من حيث عدد الأشخاص والشخصيات، وهذه كلها جاءت لتصب في جوهر ما يجري حالياً من أحداث في عالمنا العربي، ولتتوازى بتفاعل كبار المثقفين معها.وأضاف: أهم ما في الجنادرية هذا العام هو إحياء ثقافة الحوار بين المثقفين «الرأي والرأي الآخر»، وصلة الوصل بين المثقف السعودي والمثقفين العرب في كل الاتجاهات، بالإضافة إلى بعض الرموز الأجنبية التي لها باع طويل في الثقافة والإعلام والسياسة، وحتى النقاشات في الندوات كانت على مستوى راقٍ جداً، ونحن لاحظنا مشاركة المرأة في الحوار، وفي الندوات، وفي كل النشاطات، وهذا شيء جميل، ويدل على أن الإصلاحات التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين تأخذ طريقها في دعم الشباب والمثقفين، وبالنسبة لمشاركة المرأة السعودية في نهضة المجتمع، وفي إثارة كثير من الأمور التي تخدم المجتمع، فهذه نظرة أولية من خلال الأيام الأولى للمهرجان.وعن غياب صوت المثقف العربي حيال ما يجري في البلدان العربية، يقول «لم يغب صوت المثقف العربي فقط خلال الثورات العربية، بل غابت أصوات كثيرة، ولكن الأحداث بكل أسف سبقت المثقف العربي واضطرته إما لركوب الموجة، أو لاتباع سياسة النفاق في الترويج لهذا الطرف، أو ذاك، وأصبح هنالك نوع من الابتذال في التعامل الإعلامي والثقافي، من حيث استخدام العبارات النابية، وإعطاء قدوة غير صالحة للمجتمع، من خلال ما شاهدناه عبر وسائل الإعلام». وتحدث وزير الثقافة الإيراني السابق، الدكتور عطاء الله مهاجراني، عن مهرجان الجنادرية قائلاً: المهرجان الوطني للتراث والثقافة دائماً ما يهيء مناخاً ثقافياً إيجابياً، وكل المفكرين والكتاب والروائيين والناقدين يركزون على هذه القضايا، في مناخ إيجابي. وأضاف إن المثقفين في إيران لديهم معلومات عن الثقافة العربية أكثر مما لدى العرب عن الثقافة الإيرانية، من خلال الروايات والكتب العربية الشهيرة المترجمة إلى الفارسية. فالإيرانيون يعرفون من هو محمود درويش، ونزار قباني، وسميح القاسم، ومحمد الثبيتي، وأدونيس، ومحمد الماغوط، ونجيب محفوظ، وغيرهم كثير، ولكن في البلاد العربية نجد العكس، وأن الكتب المترجمة من اللغة الفارسية إلى العربية قليلة جداً، وبالتأكيد فإن تأثير الثقافة العربية على المجتمع الإيراني هو تأثير إيجابي، فاللغة العربية هي اللغة الثانية في إيران، ولدينا في إيران اطلاع ومتابعة لما يطرح بالعربية الفصحى، وليس هناك اهتمام بما تسمونه هنا بالعامي، أو الفلكلور، ربما لأنه غير مترجم للغات أخرى. ومما يؤسف له أن بعض القضايا الثقافية ترتبط بالقضايا السياسية، رغم أنه من المفروض أن تكون السياسة في خدمة الثقافة، وليس العكس. ومن المؤسف أيضاً أن يكون دور السياسة أكبر، وحجمها أكبر، وهذا يؤثر حقيقة على المثقف أياً كان، وفي أي مكان. فيجب أن يكون هناك تواصل بين النخب المثقفة وبين الجامعات وبين الكتاب والروائيين والمترجمين، سواء كان من خلال المؤتمرات، أو الندوات، أوالمهرجانات الثقافية، وهذا الجمع من الأدباء والمفكرين العرب وأصدقائهم من الدول الأخرى لا شك أنه يفتح آفاقاً واسعة للحوار وتبادل الثقافات والحضارات، من خلال الموضوعات التي تناقش وتطرح، سواء من خلال الندوات، أو حتى من خلال جلساتهم العادية. وأضاف: وجهت لي الدعوة من القائمين على مهرجان الجنادرية، وتلقيتها بفرحة غامرة وحب، وهذه مناسبة لأن أتقدم بالشكر إلى خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وإلى سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز، ولي العهد، وزير الداخلية، والأمير متعب بن عبدالله، وإلى كل الأشقاء في هذا البلد، وبالمناسبة هذه المرة الخامسة التي أكون فيها ضيفاً مشاركاً في مهرجان الجنادرية، واتصل بالإخوة والمفكرين العرب، فأنا صديق الجنادرية. وقالت الشاعرة الكويتية سعدية مفرح: أنا من المشجعين لزيارة هذه المهرجانات، وهذه الملتقيات والأنشطة الثقافية، فهي في النهاية تشجع على استدراج الجيل الجديد للمشاركة، وتقرب لهم الأسماء، لأنه في المهرجانات والندوات ليس المهم الذي يحصل على المنصة، أو الكلام، الذي يقال أو يكتب، فمن الممكن لأي كلام يقرأه المحاضر على المنصة أن أقرأه في كتاب، أو جريدة، وهنا يبقى الأهم هو مساحة الحوار المفتوحة. وبالأمس، كنت موجودة في ندوة فكرية، وكانت تتحدث عن جدلية العلاقة بين السلطة والمثقف «وهذا عنوان خطير، ويكاد يكون هم كل مثقف عربي، وربما كل سلطة عربية، فمجرد طرح مثل هذه العناوين المهمة، حتى لو لم تأت إلى نتيجة حقيقية ومهمة، فهي تقرب هذه المفردات التي كانت ربما من المسكوت عنه في الثقافة، خصوصاً في المنطقة، وكما أسلفت ليس المهم ما يجري على المنصة، والمهم هو ما يجري من حوارات بين المثقفين، وفتح الهامش للقاءات والتعرف على بعض، وفتح مساحة حوار بين ذوي الخبرة والأجيال الشابة، وشاهدت في أروقة كل ندوة كثيراً من النقاشات المشتركة. أعجبتني عناوين فكرية جميلة، وكذلك التنوع في الطرح، وتوزيع الأمسيات الشعرية، وبعض الأنشطة على عدد من مناطق المملكة. د.عطاء الله مهاجراني