أكد عضو مجلس الشورى ومستشار وزير العدل الدكتور عيسى الغيث، أن الفتاوى المضللة هي السبب في تحريض الشباب على الانخراط مع الجماعات الإرهابية، مبينا أن أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- بتجريم القتال في الخارج والانتماء والتعاطف والتأييد لكل التنظيمات الإرهابية محليا وإقليميا ودوليا، جاء في وقته لحسم هذه التنظيمات غير الشرعية، معتبرا تعليق البعض بأهمية صدوره مبكرا، دلالة واضحة على حجم التأييد الواسع للقرار في المجتمع، بل يعد الأمر أيضا استجابة إلى طلب الناس وحاجتهم له. وكشف أنه على مدى خمس سنوات ماضية اقترح إنشاء مركز وطني لمكافحة الإرهاب تكون مهمته الرصد والتحليل، بالإضافة إلى مكافحة الإرهاب الفكري. كيف تصفون توقيت الأمر الملكي بتجريم القتال في الخارج والانتماء أو التعاطف أو التأييد للتنظيمات الإرهابية؟. يجب أن أثمن أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله-، وهو صدر بعد سريان نظام جرائم الإرهاب وتمويله، وجاء بشكل غير مسبوق، وفي زمنه المناسب. إذن كيف ترى توقيت إعلان الأمر الملكي؟. أعتقد أن توقيت الأمر مقصود من أجل أن يعرف الرأي العام مبررات الأمر الملكي، لأن الناس اطلعوا على حقيقة هذه التنظيمات لاسيما الإرهابية منها سواء عبر الدعوة إلى النفير إلى سوريا والتغرير بالشباب فضلا عن التضليل الفكري لمن لم يذهب إلى هناك، وقد بقي الناس يتابعون هذه الأمور لعدة سنوات، وبدلا من أن تكون المبادرة من الدولة قبل أن يطلع الناس كان من الحكمة أن يأخذوا هؤلاء فرصتهم لأمرين، الأمر الأول أن تقام عليهم الحجة بإعطاء الفرصة حتى لا يباغتون، والأمر الثاني حتى يظهرون على حقيقتهم أمام الجميع، وبالفعل كما يقال «تترك المبتدئ يحفر وتكبر حينئذ حفرته من أجل أن يشاهد الناس حجم الحفرة من أجل أن يسهل دفنه فيها»، وهذا الواقع لتنظيم القاعدة عبر ما فعله في سوريا، وما فعله قبل ذلك في السعودية وغيرها لاسيما في اليمن، إضافة إلى أنه ظهر أمام الجميع بأن هذه المنظمات بما فيها تنظيم القاعدة وتنظيم الإخوان وتنظيم السرورية، وهذه أخطر ثلاثة تنظيمات في السعودية، بالإضافة إلى التنظيمات العائدة إلى الشيعة وغيرهم من التيارات. خطورة التنظيمات وهل تعتقد أن الناس عرفت مدى خطورة هذه التنظيمات واستطاعت التعرف على الشكل الحقيقي لمآربها وخططها وبرامجها؟. الأمر الملكي جاء أيضا استجابة إلى طلب الناس وحاجتهم عبر ما يكتبونه وما يقولونه في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة لاسيما الإنترنت وعلى وجه الخصوص في «تويتر»، ولهذا نلاحظ الترحيب الكبير للرأي العام الشعبي لهذا الأمر، بل الناس لم يقولوا لماذا يأتي، وإنما قالوا قد تأخر، وهذا دليل على أنه فعلا عرفوا حقيقة مثل هذا الأمر، وبالتالي من المؤكد أن كل مسلم مؤمن مواطن وطني ومخلص لا يسعه إلا أن يثمن هذا الأمر الملكي الذي وضع النقاط على الحروف بشكل غير مسبوق سواء في السعودية أو عند غيرنا بهذه الصراحة والوضوح. وإلى أي مدى يمكن أن يكون ذلك حاسما لهذا الأمر؟. الدولة تريد حسم الموضوع، والدليل أنها لم تحل هذا الأمر إلى جهات تشريعية باعتبار أنه إرادة ملكية من ولي الأمر صاحب الولاية العظمى لحسم الموضوع مباشرة من عنده نظرا لأنه أدرك حينئذ أهمية مثل هذا الأمر، ومن المعروف أن ولي الأمر ليس من فقط من حقه بل من الواجب عليه أن يحافظ على الأمن والاستقرار للبلاد والعباد، وبالتالي فإننا نشكر الملك عبدالله حفظه الله على أمره. التطبيق الحازم وماذا عن أهمية آليات التطبيق؟. من هنا أؤكد على أهمية التطبيق بشكل حاسم بنفس الحزم الذي جاء به الأمر الملكي، لأنني رأيت من البعض أنه يأخذ مثل هذا الأمر مأخذ عدم الجدية، ويقول إنه سبق أن صدر أمر ملكي مماثل في تنظيم الفتوى ومنع غير المؤهلين من التصدر للفتوى والآن هذه الأمر لا أحد يتابع تطبيقه. ما هو في تصوركم السبب المباشر في تحريض الشباب على الانسياق بلا وعي وراء العمليات الإرهابية؟. الفتاوى المضللة هي السبب الأول في العمليات الإرهابية، وتقوم على بحوث ودراسات يتم إعدادها من قبل متطرفين، وهذا الأمر ليس محض تخمين، بل هو أمر موثق، حيث إنني زرت قبل أقل من أسبوع سجن الحائر وكذلك مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية وعرفت من المختصين أن السبب الأول للإرهاب هي الفتاوى، ومن ثم يأتي من بعدها بقية الأسباب الأخرى، ومن المعروف أن أي عملية إرهابية تكون بناء على فتوى وعلى بحوث ودراسات هم يقومون بها بشكل متطرف. وإلى أي مدى ترون انتشار الفتاوى غير الشرعية والمشوهة للدين الحنيف والضارة بالمجتمع وبالقيم؟. للأسف بعض القنوات الفضائية والإذاعات ولاسيما التي على موجات FM بالإضافة إلى الصحف الورقية والإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي.. كل بدأ يفتي حتى الذي لا يحمل إلا الشهادة الابتدائية أصبح يفتي ويشار له بالبنان للأسف الشديد، وبعضهم من التائبين وأرباب السوابق وأصبحوا مشايخ ويفتون وبالتالي من باب هيبة الدولة وقيمتها أمام الداخل والخارج عليها أن تضع الآليات الكفيلة لتنفيذ هذه الأوامر حتى يكون لتلك الأوامر هيبتها وقيمتها ووقارها أمام الناس، وبالتأكيد أن الناس أخذوا الأمر بكل جدية ولكن نتمنى أن تكون هناك آليات لتنفيذه. مكافحة الإرهاب ما هي آليات مواجهة الإرهاب في اعتقادك؟. أتمنى إنشاء مركز وطني لمكافحة الإرهاب تكون مهمته الرصد والتحليل، ولقد طالبت على مدى الخمس سنوات الماضية بإنشاء هذا المركز، والذي يتضمن عدة أمور منها الرصد والتحليل والبحث والدراسة ومن ثم تحويل البلاغات إلى الجهات المختصة للقبض ومن ثم إحالتها إلى جهات التحقيق ومن ثم الادعاء العام ثم المحاكمة، هذا الأمر لا بد أن يكون حينئذ منفذا بشكل كبير وحاسم ودائم، أما إذا كان بشكل بطيء أو سريع ولكنه غير حازم أو سريع وحازم ولكنه مؤقت وبعد أشهر يعود مثله مثل بعض الأوامر التي لا أحد يتابعها وتم اختراقها، فإننا بهذا الشكل سوف نؤثر على هيبة الدولة والأوامر الصادرة منها، ويقيني إن شاء الله أن الأمر الملكي سيكون محل التنفيذ وتأكيدي على هذا الأمر ليس من باب التشكيك ولكن من باب التأكيد كقول الله تعالى «يا أيها الذين آمنوا آمنوا» مع أنه يخاطب المؤمنين ويقول آمنوا وهم مؤمنون، ونفس الشيء بالنسبة لهذا الأمر. وهل ترون اقتصار مهمة المركز المقترح على العلاج أم يمتد إلى الوقاية أيضا؟. أعتقد أن هذا المركز الوطني سيكون مخولا بكل ما يتعلق بالإرهاب، ونقصد بالإرهاب ليس الإرهاب الميداني العسكري، وإنما هو في البداية الإرهاب الفكري، وعلى هذا الأساس لا بد أن نكافح المبعث والمنشأ أو كما يقال تجفيف المنابع، وأزيد على ذلك وأؤكد على أنه لا بد من وضع آلية فاعلة لتنفيذ الأمر الملكي، وأكرر بأن ذلك لن يتحقق إلا بإنشاء المركز الوطني لمكافحة الإرهاب مثل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، والإرهاب لا يقل عنه حينئذ أهمية، الإرهاب هو الإرهاب الفكري عبر وجود خلايا موجودة ويؤسفني جدا أن البعض يتعامى وإن كان بجهل بأنه لا يعرف أن لدينا تنظيمات غير شرعية ولا نظامية وهذه مصيبة، وإن كان يعلمها وينكرها فالمصيبة أكبر، لأنه بهذه يغطي عليها وينحاز إليها وربما يتآمر معها على هذه النحو، بل يجب أن نعترف بالداء من أجل أن نعالجه. وما هي أبرز تلك التنظيمات المقصودة؟. بالطبع تمتد إلى تنظيم القاعدة، وإن كانت اليوم بفضل من الله ثم بجهود رجال الأمن الأشاوس، تعد في حالة انحسار وتوصف بأنها خلايا شبه نائمة، لكننا أيضا لدينا تنظيم الإخوان المسلمين، وهو ناشط منذ أكثر من 40 عاما، وامتد أعضاؤه إلى بعض من مؤسسات الدولة، بل وصل إلى العصب، وأماكن حساسة، أيضا تنظيم السرورية وهو لا يقل خطورة عن الإخوان بل هو أكثر راديكالية، والإخوان في الغالب براجماتيون، في حين أن السرورية راديكاليون وبالتالي خطابهم عنيف ولأجل ذلك أصبحوا أكثر اختراقا للمجتمعات نظرا لأن المجتمع الغوغائي في العادة يستقطب ويتناغم مع هذا الخطاب العنيف لعدة أسباب منها موضوع التثوير للناس وإثارة الحنق فيهم، وبالتالي أتمنى أن يكون هذا الأمر ليس النهاية وإنما هو بداية لمعالجة هذا الملف الذي شكونا منه منذ سنوات عديدة بالتحديد منذ خمس سنوات وحتى اليوم ونحن نشكو منه ونحذر منه وننصح بشأنه، والحمد لله أنه صدر هذا الأمر الكريم، وقبله صدور نظام جرائم الإرهاب وتمويله، ولكن لكي تكتمل فرحتنا فلا بد أن نرى هذه الأنظمة وهذه الأوامر تطبق على أرض الواقع بشكل سريع وحازم ودائم.