المرحلة الأولى من جنيف 2 وقعت شهادة وفاته، وانتهت مفاوضات المرحلة الأولى إلى نتائج سلبية، بيد أنه لايزال هنالك بصيص أمل بانتظار الجولة المقبلة المزمع انعقادها في العاشر من فبراير. فماذا حقق وفد الائتلاف، وماذا خسر في مفاوضات هذه الجولة؟ وفد الائتلاف كسب جولة لا بأس بها رغم إحباطات الذين علقوا آمالا على هذه الجولة، فأقل الانتصارات المحققة على النظام هي مكاسب دولية قد تغير بوصلة الحلفاء في أي لحظة، في حال تأكدهم أن هذا النظام قد يناور على مصالحهم مثلما ناور على شعبه، فقد احتفظ وفد المعارضة بوحدته وتضامنه واتفاقه على رأي واحد، واستطاع أن يخضع الجلاد للحديث إليه ولرفع مطالب كان يراها النظام محرمة، وأصبح يفاوض المعارضة التي نعتها بالإرهاب، ونجح الائتلاف في كسر جبل الجليد الذي خيم على الأزمة السورية 3 أعوام من تعتيم نظامي وتخل دولي عن شعب يتعرض لمجازر بشعة. كما نجح وفد الائتلاف في أن يحشد احترام وتقدير الدبلوماسيات الغربية التي رأت في مشاركته قابلية التطور واقتناص الفرص والمجادلة من أجل انتزاع الحق. ولا يمكن أن نفسر ذلك إلا بالسعي الأوروبي إلى كسر الجمود الذي شهدته المرحلة الأولى من المفاوضات ومحاولة الاستفادة من الأداء الذي ظهرت به المعارضة وتوسيع نطاقها إلى مشاركات في الوفد المفاوض وإقحام بعض الشخصيات لدعمه وإضفاء أكثر شرعية على تمثيله. ويبدو أن قابلية روسيا أيضا في الضغط على حليفها الأسد أصبحت وشيكة، وقد تبدد الشكوك حولها نتائج زيارة رئيس الائتلاف أحمد الجربا لموسكو اليوم الثلاثاء، فالانزعاج الواضح لرئيس الدبلوماسية الروسية سيرغي لافروف خلال افتتاح مؤتمر السلام، وامتعاضه من خطبة المعلم الطويلة «العصماء» والتي جالت وصالت بكل السفارات الغربية وأثارت الكثير من التهكم والتهجم، أدخلت لافروف وفريقه في اجتماعات مطولة مع وفد أمريكي وغربي، وغيرت مسار الكثير من الاتفاقات التي أبرمت سلفا وأعيد طرحها على طاولة الاجتماعات، ومنها كيفية مشاركة نظام الأسد في هيئة الحكم الانتقالي، ومصير بشار ذاته وعدم ترشيحه لولاية قادمة في الانتخابات المزمع انعقادها.. ويبقى السؤال: هل تفرز زيارة الجربا إلى موسكو خيارات جديدة ترجح كفة المعارضة في الجولة المقبلة؟ لقد أدرك الروس والغرب أن النظام ذهب لجنيف من أجل المراوغة، ولم يهمه التفاوض ولكنه اصطدم بقوة دولية وضعته على مسرح الحدث وما كان عليه إلا مجابهة ذلك بمحاولة فرض خياره المتمثل في الحسم العسكري على الأرض، لذلك تحاول أمريكا إقناع روسيا بضرورة التخلي عن عرابها إذا كانت تريد الاحتفاظ بتواجدها بالمنطقة، كما يبدو واضحا أن سعي أمريكا لمناقشة بعض الملفات والفصل فيها يدفعها إلى التعامل مع موسكو على أنها قوة إقليمية أولويتها في الساحة السورية لا أكثر، لكنها ليست قوة دولية في المنطقة، وبالمقابل تسعى موسكو إلى عدم ترك الساحة لواشنطن للانفراد بنتائج أية تسوية مستقبلية مع إيران.