لقد برهنت الأحداث أن قادة إيران الحاليين، من حيث الأطماع في منطقة الخليج العربي، لا يختلفون عن سلفهم الشاه، بل قد تفوقوا عليه. فحكومة إيران الحالية من خلال استمرارها احتلالها الجزر الإماراتية والأحواز العربية، ومن خلال الادعاءات التي تصدر من وقت لآخر من قبل مسؤولين إيرانيين بتبعية البحرين التاريخية لإيران وتدخلها في شؤونها الداخلية، وكذلك من خلال جهود الحكومة الإيرانية لمد ونشر مذهبها كما هو حاصل اليوم في بعض البلدان العربية ومنها البعيدة نسبيا عن منطقة الخليج، وأيضا من خلال تدخلاتها مثلا في الشؤون الداخلية للعراق وسوريا ولبنان وفلسطين واليمن.. الخ، أثبتت أن لإيران أطماعا استراتيجية تهدف للسيطرة على العرب ما أمكن ذلك، أخذا بالثأر لفتحهم بلاد فارس ونشر الإسلام فيها، وأيضا لنشر مذهبهم بين العرب تمهيدا للسيطرة على أجزاء من أراضيهم خاصة الخليجية منها، ويفسر ذلك تواجدها حاليا في سوريا مؤججة الحرب الطائفية فيها وكذلك في اليمن. فإيران لذلك تلتقي استراتيجيا مع إسرائيل حتى ولو اختلفت تكتيكيا أو مرحليا معها، ومعهما أعداء العرب، وكلهم في اتفاق على استمرار العمل لتفرقة العرب والوقوف ضد توحيد كلمتهم ورص صفوفهم، وإن أمكن السيطرة عليهم واحتلال أراضيهم.. وهذه أهداف استراتيجية تتفق عليها كل من إيران وإسرائيل وتؤيدهما بعض القوى الدولية الأخرى. وما التهديدات المتبادلة بين إسرائيل والولايات المتحدة من جانب وإيران من جانب آخر إلا تمثيل، الهدف منه التشويش على العرب لكي لا يعملوا متحدين على تعزيز دفاعاتهم حفاظا على أمنهم. وإيران في صراعها مع العرب جيشت الحرب الطائفية بقصد تفرقتهم واستقطاب بعضهم لخدمة مصالحها. وتظاهرها أنها في صراع مع إسرائيل مجرد كلام في كلام وتقية إعلامية. فإسرائيل غير جادة في تهديداتها لضرب المفاعلات النووية في إيران، وقد لا يحصل ذلك، فكلتا الدولتين متفقتان ولهما مآرب أخرى من وراء امتلاكهما القوة النووية، أقلها ابتزاز العرب بها. فاستراتيجية عمل إيران الأهم كما يبدو هي تحويل الخليج إلى بحيرة إيرانية/ فارسية. ومعروف معارضة شاه إيران سابقا على تسمية الخليج بالعربي الأمر الذي فرض تسمية «طيران الخليج» من دون صفة العربي، وحكومة إيران الحالية لا تختلف مع الشاه في هذا الأمر، بل وزادت عليه أن اتهمته بالتخلي عن البحرين. ونمو أعداد الإيرانيين في بعض مناطق الخليج من خلال هجرة البعض منهم غير الشرعية إليها، منذ عهد الشاه إلى وقتنا الحاضر، يمثل خطرا أكيدا من حيث إن هؤلاء هم عيون لإيران وطابور خامس عند اللزوم في المستقبل تستفيد منهم إيران في تنفيذ استراتيجيتها في المنطقة، وهي تعمل بجدية تجاه تحقيق أهداف استراتيجيتها الإمبراطورية من خلال جهودها السياسية والعسكرية وجهودها في نشر مذهبها. ونمو قدراتها النووية وتطور صناعاتها للأسلحة، يؤخذ في هذا الاتجاه. استراتيجيا وقوميا، إيران اليوم في عداء للعرب لأن الفرس ومنذ القدم يرون أن العرب والإسلام هما اللذان حطما الإمبراطورية الفارسية، ورغبة من الفرس الصفويين لأخذ الثأر ضد الإسلام الذي بسببه فقدوا إمبراطوريتهم، بدأوا يشوهون تاريخ القادة المسلمين الذين لهم دور في فتح بلاد فارس. وتطور تشويه تاريخ القادة المسلمين العظام (مثل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب وهارون الرشيد والحجاج بن يوسف..) إلى تشويه الجنس العربي والاستهانة بالعرب من قبل الفرس وبعض الأقوام الأخرى (كاليهود) حيث ظهر مصطلح «الشعوبية» كوصف لهم. ولما ذكر وجب الحذر والحيطة من إيران وإسرائيل ومن هو وراءهما والعمل من قبل العرب على كل ما يسهم في تعزيز أمنهم الجماعي، والله أعلم.