في الأمثال يقولون: تزوجي من يحبك ولا تتزوجي من تحبينه.. يبدو أن المثل صائب إلى حد كبير كما تقول رانيا التي تروي قصة زواجها من الألف إلى الياء، فمن سمعت بتجربتها آمنت بالمقولة الشائعة. تقول رانيا: منذ أن كنت طفلة علقت بابن خالي في الوقت الذي كان فيه ابن عمي متعلقا بي، إنها معادلة ثلاثية الأبعاد، كلما كبرت زاد شغفي بولد خالي وحب ولد عمي لي يزيد، كنت وبنت خالي صديقات ولا نخفي شيئا عن بعضنا، أذكر ذلك في الصف الثالث المتوسط وأسرت لي إحداهن أن ولد عمي متعلق بي فأجبتها دون تفكير ولكني متعلقة بأخيك وأتمنى الاقتران به، كانت صديقتي هذه تكبرني بنحو عامين فقط تدرس في الصف الثاني ثانوي. تقريب وجهات النظر تضيف رانيا أن ابنة خالها قررت تولي مهمة التقريب، وفعلت ذلك لكنها وقعت في خطأ كبير عندما صارحته بحبي له ورغبتي في الزواج منه، لكنه اشترط أن نسكن في منزلهم، (كنت ما زلت في بداية حياتي فأخبرتني شقيقته برغبته، فوافقت، فتقدمت أسرته لخطبتي فرفض والدي الفكرة لصغر سني وقتذاك .. ثم بدأت فصول المسرحية كما تقول رانيا وليتها لم تبدأ). تواصل رانيا (امتنعت عن الطعام والشراب ولزمت الصمت، وأبلل وسادتي بالدموع حتى أني قلت لأمي إن لم يوافق والدي على زواجي من من أحبه سأشكوه في المحكمة، ففزعت أمي من فكرتي المجنونة وأخبرت والدي، فغضب ودعا علي وقال: زوجوها ولتغرب عن وجهي بشرط أن يكون عقد قران ودخلة معا). مكانك البيت تزوجت رانيا خلال أسبوعين وعندما بدأت الدراسة أرادت إكمال دراستها في المرحلة الثانوية ففاجأها الزوج: مكانك المنزل لمساعدة أمي في أعمال المنزل، فأوضحت له أن الخادمة ستتولى كل شيء غير أنه أصر على موقفه، مؤكدا أن حديثه تعليمات ويجب أن تنفذ بالكامل .. تقول رانيا: (صرخت في وجهه وقلت له من حقي أن أدرس.. ولم أر منه غير الضرب بالعقال ضربا مبرحا حتى تفككت حبال العقال). كان أفراد أسرته يسمعون صراخي وبكائي وطلبي للعون والنجدة لكنهم يؤثرون الصمت وكأن الأمر لا يعنيهم. لكم وركل غضبت رانيا وعادت إلى بيت أسرتها باكية نادمة، ودخلت إلى حجرة والدها لتخبره عما حل بها من هوان وما كان من الأب إلا أن طردها قائلا: لا تدخلي منزلي مرة أخرى .. فعادت إلى منزل أسرة زوجها وهي تشعر بالمهانة، فظلت الأسرة تتعامل معها بقسوة لا حدود لها، تضرب لأقل الأسباب حتى أصيبت بجروح وكسور مختلفة وأسرتها لا تحرك ساكنا. وذات مرة ذهبت تشكو بؤس حالها لزوجة خالها فما كان منها إلا أن قالت: (هذا من أردت أنت الزواج به فتحملي عواقب قرارك، وطلبت مني ترك الدراسة فقلت لها إن كل بناتك يدرسن ويكملن مشوارهن التعليمي حتى الجامعة، وبعد دقائق فوجئت بولدها يأتي بالعقال ويمارس هوايته اليومية في ضربي وركلي). درس لا ينسى صدمت رانيا لأن والدة زوجها أخبرته بما دار (فظل زوجي يردد لا تقارني نفسك بأخواتي ومن شدة قوة الضرب وجدت نفسي أنزف وزاد الوضع سوءا، ألم مبرح ومعاناة فطلبت منه أن يأخذني للمستشفى فرفض، فمكثت ثلاثة أيام أنزف، وكلما دخل أو خرج ركلني بقدمه بلا رحمة أو شفقة، وفي صباح اليوم الرابع اتصلت بوالدي فعندما سمع صوتي أغلق الخط في وجهي. فكرت من أصارح بمأساتي فلم أجد غير عمي الذي يكبر والدي سنا، وشرحت له ما حدث بالتفصيل فحضر عمي وطرق الباب ففتح له زوجي المتغطرس الجبار، وعلمت لاحقا أنه يتعاطى المخدرات، طلب عمي رؤيتي فقال له زوجي عد من حيث أتيت، فأصر عمي على رؤيتي فهم زوجي بضربه فأمسك به عمي ولقنه درسا لن ينساه). تقول رانيا: سمعت العراك وزحفت كي تراه ثم دخلت في غيبوبة لم تفق منها إلا في المستشفى. (استيقظت وأنا في المستشفى وعمي معي يقول لي ربنا يعوض عليك فسألته عن ماذا: فقال لي: كنت حاملا وسقط الجنين، فأخبرت عمي بأني لا أريد العودة ثانية إلى المنزل فهو لا يكف عن ضربي فقال لي لا بد من إبلاغ الشرطة، وتم إبلاغ الجهة المعنية ومضت الإجراءات الرسمية، وأخبر عمي والدي بالأمر ثم أجبر زوجي على تطليقي لكنه رفض). تمضي رانيا في سرد حكايتها وتقول إنها سكنت مع عمها وزوجته بعدما رفض والدها عودتها إلى منزل الأسرة (ظلوا يعاملونني بإحسان كأني واحدة من الأسرة، وباءت كل محاولاتي بالفشل مع والدي الذي رفض عودتي للبيت. وفي ذلك الوقت كنت حصلت على الطلاق وعرض علي عمي أن نجله يرغب في الزواج مني، مشيرا إلى أن حياتنا ستكون مستقلة فأخبرته بأني خائفة وأنني سأشكل عبئا ثقيلا عليهم، لكن عمي قابلني بكرمه وشهامته وقرر أن يؤمن لنا حياة سهلة وميسورة ومستورة). عفوا يا أبي ظل عمي يواسيني فالحياة مليئة بالتجارب الناجحة والفاشلة وقال لي: وإذا لم ترغبي في ولدي فلك الخيار وسوف يأتيك أفضل منه، ففكرت فوجدت بأنه طوال مكوثي معهم لعامين لم ألحظ علي ابن عمي غير الطيبة والكرم والشهامة والحنان، حتى عندما يشتري هدايا لأخواته يشتري لي معهم، فأخبرت عمي بأني موافقة مع شرطي بأن نعيش معهم في ذات المنزل خشية تكرار التجربة المريرة السابقة، لكن عمي طمأنني، وصارحته بأني راغبة في إعادة المياه إلى مجاريها مع والدي فذهب إليه وأقنعه. وبمجرد حضور أبي إلينا انكببت على قدميه أقبلها وأطلب السماح منه، فعفا عني، وتمت الخطوبة بموافقة أبي، وبعد شهر من الزواج عرفت الفرق فقد كنت في بئر مظلمة وخرجت منها إلى النور وعشت مع زوجي حياة هانئة واستكملت دراستي، وهو من طلب ذلك، وأخبرني بأنه كان يحبني منذ الطفولة ولكنه عندما لاحظ حبي لولد خالي فضل الانسحاب، وبعد ذلك أنجبت توائم بنات فأسميت واحدة على اسم أمي وواحدة على اسم زوجة عمي، وأنا الآن أعيش معه حياة أشبه بالحلم.