بقرار مجلس الوزراء الموقر المتعلق بتقنين وتنظيم الدعم السكني من أجل توفير السكن المناسب للمواطنين، تكون وزارة الإسكان قد بلغت سن الرشد الآن، وأصبحت قادرة على تفعيل دورها على الوجه الأكمل. نظرا لأن أزمة الإسكان كانت تمثل غاية مستعصية بددها بفضل الله ذلك القرار الوزاري الذي تصب محصلته أخيرا في مصلحة المواطن. وهو يستشعر قرب نهاية معاناته مع الإيجار، فهنيئا للوزارة التي تحصلت على مفاتيح الانطلاق والتحرك بقوة ومرونة في طريق الإنجاز والعمل الجاد وهي تستغل ما أتيح لها من أراض واسعة بالصورة المثلى لتوفير مئات المساكن للأسر، مع إعطاء الأولوية للتي هي أكثر احتياجا بقصد الرقي بها اجتماعيا ومعيشيا، حتى يجد في هذا البرنامج حلا نهائيا لأزمة الإسكان المزمنة عبر البشرى بأن حظها من تلك المساكن أصبح قريب المنال. فقد تبصرت وزارة الإسكان طريقها جيدا عندما أخذت الصلاحيات من كل الوزارات والإدارات والجهات الحكومية التي تختص بالسكن، الأمر الذي سيوقف الخلافات المتفاقمة لملاك الشقق والمستثمرين، تلك الخلافات التي وصلت المحاكم الشرعية وإدارات الحقوق المدنية في كافة مناطق المملكة. وعليه فإن هذا القرار جاء في وقته وأصبح لا يقبل الإهمال والتأخير لأنه صدر بأمر ملكيٍ سام، يعتبر الضوء الأخضر الذي بموجبه يمكن للوزارة الشروع فورا في بناء (500) ألف وحدة سكنية بمختلف مناطق المملكة سينعم بها المواطنون إذا تمت الاستفادة من منح الأراضي للمواطنين وفق الضوابط المحددة. علما بأنه قد رصد للبرنامج مبلغ (250) مليار ريال، أي ما يعادل (66.66) مليار دولار، وهذا يعني أن الموضوع ليس من باب الكماليات بل هو على رأس أولويات الدولة، إذ علمنا أن نسبة (76 في المائة) من سكان المملكة يبحثون عن سكن ملائم، بينما نجد (85 في المائة) من السكان يعيشون في المدن الكبرى. الآن وبعد هذا القرار الوزاري القاضي بتوفير السكن للمستحقين ينتابنا شعور غامر بأن ما كان يسمى معضلة أو أزمة سكن في طريقها للحل، بعد زوال أسبابها التي من أهمها: غياب الاستراتيجية الوطنية التي تفضي إلى النهوض بواقع قطاع الإسكان فمتى ما وصلنا إلى الواقع الذي يقول (ما أصبح في بلادنا أحد إلا ناعما مرفها يمتلك منزلا)، عندها يحق للتاريخ أن يرفع شهادته للملأ ويؤكد أنه لا توجد أزمة سكن في بلادنا، وهذا سيتحقق بإذن الله فالمؤشرات تؤكد أن وزارة الإسكان جادة في تنظيم أعمالها الإسكانية في مناطق المملكة المختلفة ونراها الآن عاكفة على دراسة لاستحداث عدد من الإدارات المتخصصة لبناء الوحدات السكنية الحكومية، التي تعود ملكيتها للقطاع الخاص. وذلك بعد نقل ما كان من اختصاصات وصلاحيات وزارة البلديات إلى وزارة الإسكان ومن المقرر تطوير ما يسمى بجمعيات الملاك إلى إدارة الملاك بإشراف وزارة الإسكان، تلك الإدارة المكلفة بتحصيل الرسوم والنفقات المترتبة على ملاك ومستثمري الشقق والمحلات التجارية وتلزم الملاك والمستثمرين بدفع نصيبهم من الرسوم والنفقات، باتخاذ كافة الإجراءات الضرورية التي ستضبط كود البناء السعودي على الشقق والبنايات السكنية، نظرا لعدم وجود مكاتب هندسية من قبل الأمانات لمتابعة ومراقبة المباني مما أثر تأثيرا بالغا على تدني مستوى الجودة وتعرض سكان الشقق السكنية لمشاكل الصيانة وإصلاح الأعطال من تسرب المياه من أعلى وغير ذلك من إشكاليات. وتأتي مشكلة ارتفاع أسعار الأراضي على المواطنين متصدرة قائمة التحديات، إذ أن متوسط تكلفة الأرض بلغ (39 في المائة) من التكلفة الإجمالية للسكن في مدينة الرياض مثلا وتلك نسبة عالية جدا، بها تتحول الأرض إلى مخزن قيمة وثروة لضيق قنوات الاستثمار المحلية نظرا لأن الأراضي محتكرة من قلة محدودة، فكل هذه التحديات تدركها وزارة الإسكان جيدا، ومما يشعر بسلامة تحرك الوزارة. أنها أطلقت آليات جديدة تعطي الأفضلية لكبار السن والأرامل والمطلقات وأصحاب الطلبات القديمة، فعلى الوزارة بعد تفعيل دورها هذا توسيع مساحة صلاحياتها من منطلق القوة المستمدة من قرار مجلس الوزراء الموقر الذي منحها هذا الحق، فكل ما يعني المواطن أن تسارع الوزارة في إنجاز العملية فلا عذر لها في التأخير والمماطلة بعد أن أبعدت عن طريقها كافة العوائق إلا أن تعترض طريقها مجددا موانع من قبل الجهات الحكومية والأمانات وحتى يتم الأمر بسلاسة وموضوعية يجب ترسية المشروعات لشركات قادرة ومتمكنة، أما العودة للشركات التي اعتادت خلق الأزمات المسببة للتقصير والتأخير كعدم قدرتها المالية الكافية، لإنهاء مشاريعها بالصورة المطلوبة فهذا اختيار غير موفق، وحتى لا يكون لتلك الشركات حجة أو عذر لا بد أن تفي وزارة المالية والاقتصاد الوطني بالتزامها التاريخي بتسليم حقوق المقاولين. كي لا تكون شماعة لتعليق الإخفاق وسببا لتوجيه الفشل، كما أن انخفاض أسعار العقار يعتبر ضرورة لإنجاح البرنامج الذي قصد منه أولا وأخيرا خدمة المستحقين وتحقيق مرامي المواطن، أما إذا عجزت وزارة الإسكان عن إكمال المشوار كما يجب وظلت بنود القرار حبيسة الأوراق. فهذا يعني وأد الآمال وانهيار الأحلام لا سمح الله. وذلك مدعاة لعدم ثقة المواطن في أي قرار يصدر منها مجددا ومع ذلك نؤكد ثقتنا في وزارة الإسكان التي لا تشوبها شائبة ولا ريبة.