منازل قديمة متهالكة في معظمها.. وعمالة مخالفة انتقلت إليه بعد تنفيذ مشاريع التطوير التي تشهدها الأحياء العشوائية بالعاصمة المقدسة.. شوارعها الفرعية ضيقة تعيق مرور مركبات الدفاع المدني والإسعاف والهلال الأحمر والدوريات الأمنية والخدمية في الحالات الطارئة.. وهو ما يثير قلق السكان لافتقار الحي للخدمات الضرورية مثل انعدام النظافة مما ينذر بانتشار الأمراض والأوبئة التي تهدد الصحة العامة وسلامة الإنسان.. إنه حي «أم قضب» الواقع في شارع المنصور بمكةالمكرمة. «عكاظ الأسبوعية» نفذت جولة ميدانية وكانت البداية من مدخل الحارة المتفرع من «حي الخالدية» ومن ثم الوصول إلى الطريق الترابي المؤدي للحارة، وهذا الطريق شديد الوعورة فضلاً عن ضيقه الشديد، وكان هذا الطريق حينها مغلقا من قبل «صهريج ماء» يغذي أحد منازل الحي تزامن وقوفه مع وجود إحدى السيارات المتوقفة على جانب الطريق مما اضطرنا للانتظار لمدة تجاوزت ثلث الساعة، ولم نستطع الدخول إلا بمساعدة بعض الأهالي الذين بادروا بإزاحة تلك السيارة ودفعها قليلا عن الطريق حتى نتمكن من الدخول ومتابعة جولتنا. مشهد الحارة كان مخيفا، وأول ما وقع نظرنا عليه كان أحد الأشخاص من الجنسية الأفريقية الذي أخذ يطالعنا بنظرات غريبة ولسان حاله يقول «من هؤلاء.. كيف وصلوا إلى هنا وماذا يريدون؟»، واصلنا تقدمنا فاكتشفنا مزيدا من العمالة المخالفة وقلة الخدمات أو انعدامها فلا سفلتة في مدخل الحي من جهة حي الخالدية، فضلا عن تردي أوضاع السفلتة في شوارع الحي الأخرى التي تتصف بالضيق الشديد وبالكاد تتسع لمرور سيارة واحدة. منازل عشوائية وأوضح عدد من سكان الحي، أن الحي يحتضن منازل عشوائية لا تتوافق مع مشاريع التنمية وتطوير الأحياء العشوائية التي تشهدها العاصمة المقدسة و المنفذة من قبل الأمانة، فمن تقوده قدماه إلى داخل حي «أم قضب» يفاجأ بالمباني الشعبية والعشوائية والأزقة الضيقة، وبعض المنازل المهجورة، إلى جانب التواجد المكثف للعمالة الوافدة أو المخالفة بالرغم من حملات الجهات الأمنية المستمرة، فضلا عن تراكم أكوام النفايات والأوساخ بالقرب من المنازل، مما جعل الحي بيئة مناسبة لتجمع القطط والفئران والحشرات الضارة.. فهذه قطة تصطاد فأرا من بين أكوام النفايات وتختفي به في زقاق ضيق لالتهامه. كما رصدت «عكاظ الأسبوعية» خلال جولتها داخل الحي، بائعا متجولا يسير على قدميه في أحد الشوارع الضيقة يسوق «حلوى غزل البنات» على الأطفال والمارة مستغلا ضعف الرقابة للتكسب بطريقة مخالفة وبأسهل الطرق وأبسطها بعيدا عن عين الرقيب، وهناك أطفال يلهون بالقرب من أكوام النفايات غير مدركين للخطر الذي يحيط بهم، ومما يلفت الانتباه أيضا وجود أسلاك كهربائية مكشوفة على قارعة الطريق نتيجة حفريات لم تردم، الأمر الذي يشكل خطرا على من يمر من فوقها خصوصا من الأطفال الذين يجهلون تلك الخطورة الجسيمة، وخاصة مع هطول الأمطار، وقد يتعرض أحد الأبرياء للصعق الكهربائي، إلى جانب عدادات الكهرباء التي نالت نصيبا من الإهمال وتركت مكشوفة وفي حالة يرثى لها، كما ترسم العشوائية وبرك المياه الآسنة في الشوارع الفرعية معاناة الحي المنسي خلال السنوات الماضية، والتي باتت تشكل مصدرا من مصادر نقل الأمراض، ويضطر السكان للعبور من فوقها بشكل شبه يومي. سيارات تالفة وكان تردي خدمات النظافة في هذا الحي العنوان الأبرز والسمة الملاحظة، والتي بدت واضحة في وجود النفايات في الأراضي الفضاء وبعض السيارات التالفة التي أصبحت ملاذا ومسكنا للقطط الضالة، فضلا عن المستنقعات المائية التي تغطي مساحات كبيرة من أزقة الحي وتساعد على انتشار الكثير من الأمراض أبرزها حمى الضنك. وقال المواطن حسن عبدالكريم سندي، والذي خدم في سلك التعليم 38 عاما، إنه يقطن في الحي منذ 32 عاما والحي كما هو، مضيفا أن السكان السعوديين يشكلون نسبة بسيطة مقارنة بالأجانب الذين أصبحوا في تزايد مستمر وأغلبهم من المخالفين لنظام الإقامة، مؤكدا أن غياب الجهات الأمنية عن الحي أمر ملحوظ إلا في الحالات الطارئة، مشيرا إلى أن حريقا اندلع في منزله في وقت سابق، ووجد صعوبة في وصف الموقع لرجال الدفاع المدني، وقال «يضطر الأهالي في الحالات الطارئة إلى إزاحة السيارات المتوقفة من الطريق لتمكين سيارات الدفاع المدني والإسعاف من الدخول إلى الحارة بشق الأنفس»، واصفا مداخل الحارة ومخارجها بالضيقة للغاية. حفريات الطرق واقترح سندي، توسعة الطريق المؤدي للحارة لتسهيل عملية دخول وخروج الأهالي وكذلك الجهات الأمنية والخدمية بشكل يضمن السرعة في مباشرة كل طارئ لا سمح الله، واصفا ذلك الاقتراح بالحاجة الملحة وبالمطلب الحيوي والضروري، ويضيف «حي أم قضب يعاني من الحفريات في طبقة الإسفلت، إلى جانب أسلاك الكهرباء المكشوفة التي تشكل خطورة على الأطفال وتتربص بهم في كل لحظة، كما تتسبب الشركات المنفذة للمشاريع الخدمية في تلف الشوارع الداخلية بفعل الحفر والردم المتكرر لمرات عدة». وأردف «شهد الحي تزايد أعداد المخالفين والذين يشكلون جنسيات عدة، وهؤلاء أتوا من الأحياء المجاورة بعد إزالة الأحياء العشوائية بمكةالمكرمة، نظرا لرخص الإيجارات بها مقارنة بالأحياء الأخرى التي تشهد ارتفاعا وقفزة في الأسعار، خاصة إذا علمنا بأن إيجار الشقة في أم قضب لا يتعدى العشرة آلاف ريال كحد أقصى في أحسن الأحوال». وزاد «أغلب السكان يستعينون بالجيران في إيصال التيار الكهربائي بشكل عشوائي، حيث توجد غرف عشوائية يقوم أصحابها بتأجيرها بأسعار رمزية جدا مما ساعد في زيادة عدد المتخلفين بالحي في الفترة الماضية»، وتابع «غياب عمال النظافة إلا فيما ندر يتسبب في تراكم أكوام النفايات وعلى الجهات المعنية الاهتمام بهذا الجانب وإزالة الأوساخ والقاذورات وعدم تركها بهذه الطريقة». وختم بالقول «الآباء يضطرون إلى إيصال أبنائهم إلى مدارس الأحياء المجاورة لعدم وجود مدارس حكومية في الحارة، وهناك سيدة من فاعلات الخير تبرعت بدار لتحفيظ القرآن الكريم تقوم عليها بنفسها لتدريس وتحفيظ بنات الحي القرآن الكريم والتجويد وبعض الدروس الدينية بعد عصر كل يوم».