وأنت في حي الدويمة في المدينةالمنورة تشاهد على مد البصر العشوائية وهي ترسم ملامحها بقوة، في البيوت المتهالكة، الشوارع الترابية، أكوام النفايات، ومجموعات من المخالفين في زوايا وأزقة الحي، وليس حي الدويمة وحده من يعاني من هذه المشاهد الصادمة وإنما معظم الأحياء الشعبية في المدينة تحمل نفس هذه الجينات العشوائية. وأجمع عدد من سكان الأحياء الشعبية أن شوارع وأزقة الحواري أصبحت متخمة بمخالفي أنظمة الإقامة، فضلا عن انعدام الخدمات البلدية، مؤكدين أن البلديات الفرعية لا تلتفت إلى مطالبهم، وداعين في نفس الوقت إلى تكثيف الحملات من الجهات الأمنية لإلقاء القبض على المخالفين الذين يقلقون أهالي هذه الأحياء بضجيجهم وبسطاتهم العشوائية، إضافة إلى أن السرقات أصبحت من الأمور المألوفة في الكثير من الأحياء الشعبية. الجولة بدأت من حي الدويمة الشعبي، وكان الصباح نديا مشوبا برائحة القهوة والأسواق القديمة، ومشهد الأزقة المتداخلة. في البداية قالت مها السعيد: إن الأحياء العشوائية بالمدينةالمنورة تمثل بؤرا لمخالفي أنظمة الإقامة وللتصرفات والسلوكيات من قبل بعض الوافدين بعيدا عن عين الرقيب، لافتة إلى أن الكثيرين من ضعاف النفوس يجدون في تلك الأحياء أرضا خصبة للقيام بما يرغبون به من مخالفات. ومن جانبه قال ساعد المحمدي من سكان حي الدويمة: إن الحي يجمع بين أزقته العديد من الجنسيات والمواطنين، وأنه خلال الخمس عشرة سنة الأخيرة أصبح مكتظا بالسكان، خاصة من الوافدين، إذ تجد المنزل الواحد والمكون من غرفتين به ما يقارب الخمسة عشر فردا من أسرة واحدة أو اسرتين. وأضاف: إنه يجمع بين أزقته الكثير من السلوكيات والممارسات الخاطئة، حيث تجد الشباب يقودون السيارات بسرعة جنونية متجاهلين أن الحي طرقاته وأزقته ضيقة وغير مسفلتة، كما أن هناك شبابا وأطفالا درجوا على التدخين وشم مادة الغراء ومواد الطلاء بعيدا عن أعين أسرهم, حتى أصبحت أخشى على ابنائي أثناء خروجهم لأداء الصلوات في المسجد، فمن الممكن أن يجتمعوا برفقة السوء في الحي. وفي السياق نفسه قالت أم فهد من سكان حي الجبور: نعاني من بعض الشباب الذين يقومون بالتجمع في الحي أثناء الصلوات ويمارسون التدخين لكون الطرقات خالية من المارة، الذين ذهبوا إلى المساجد، لذلك أقوم بإغلاق باب منزلنا أثناء خروج زوجي من البيت خوفا من تهجم أحدهم علينا مستغلا فترة وجود المصلين في المساجد. نعيم محمد أحد السائقين الوافدين يقول: تعرضت للسرقة من الشباب الذين يقودون دراجات نارية، فقد أخذ مني أحدهم مبلغ خمسمائة ريال هي كل ما أملكه, ولم أستطع اللحاق باللص. وقالت أم خالد: سبق وأن تعرضت للسرقة في حي الجبور عندما كنت أمشي في الشارع ذاهبة الى منزل جدتي، وقد قام شابان بخطف حقيبتي والفرار بها دون أن أتمكن من رؤيتهما, وقمت بإبلاغ الشرطة وتم تسجيل البلاغ ضد مجهول. من جهة أخرى تقول أم عبدالعزيز التي تسكن في حي المغيسلة: في أحد الأيام شاهدت منظرا مخيفا جدا وهو أنني كنت أشاهد الشارع من نافذة غرفتي وشاهدت شابا يسير في الشارع وكانت خطواته متعثرة للغاية وفيما يبدو فقد كان في حالة غير طبيعية, فصدمت من هول المنظر الذي جعلني اخشى على ابنائي من الخروج الى الشارع حتى لا يتعرض لهم أمثال هذا الشاب وغيره. وفي موازاة ذلك أوضح المتحدث الإعلامي بشرطة منطقة المدينةالمنورة العقيد فهد الغنام أن هناك تركيزا أمنيا على الأحياء العشوائية التي تؤثر بها عدة عوامل، مثل البنية التحتية والتنظيم والتركيبة السكانية الموجودة بهذه الأحياء، وتقوم الجهات الأمنية بمراقبة الأمن والحد من انتشار الجريمة والسيطرة عليها وذلك عن طريق وجود الدوريات الأمنية والدوريات السرية ودوريات البحث والتحري، خاصة في المناطق التي تكثر بها الجريمة. تحفظ على الرد (عكاظ) بادرت بإرسال خطاب استفسار عن دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الأحياء العشوائية على إيميل المتحدث الرسمي للهيئة بالمدينةالمنورة سلطان المطيري ولكنه فيما يبدو تحفظ على الرد على الاستفسارات الخاصة بسلوكيات الشباب في بعض الأحياء الشعبية في المدينةالمنورة.