سطعت في مواقع التواصل الاجتماعي والأجهزة الذكية مؤخرا حالات نشر الأجوبة الطريفة أو الشاذة التي يكتبها بعض الطلاب في اوراق الامتحانات والتي لا تمت بصلة للمادة الدراسية. «عكاظ» التقت ببعض الطلاب والمعلمين في العاصمة المقدسة الذين أجمعوا على استهجان مثل هذه التصرفات لأنها وفقا لأقوالهم توسع الفجوة بين الطلاب وكوادر التعليم، فضلا عن أنها انتهاك للخصوصية. بداية يقول الدكتور عبدالله بن محمد آل تميم عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى إنه ينبغي طرح حزمة من التساؤلات عن ماهية القيمة المرجوة من تصوير إجابات الطلاب الشاذة ونشرها على الملأ، وإذا حددنا هذه القيمة علينا أن نتبين هل هي قيمة الجودة أم قيمة الإتقان أم قيمة المثابرة، أم التنافس الشريف أم التحدي. واستطرد «نحن بحاجة إلى ضوابط وقيم أخلاقية للنشر بشكل عام، والواتساب بشكل خاص، ثم إن الراسخ من نشر هذه الإجابات الشاذة والخارجة عن الأطر المعرفية والتربوية، إنما هو تصوير الطالب على أنه فوضوي وغير مبال وغير جاد، والغريب واللافت للنظر أن من ينشر هذه الأمور الغريبة والدخيلة على التربية من يفترض فيه أن يكون غارسا للفضيلة ومدعما للقيم». بينما يرى حسن القرني (مشرف تربوي) أن المعلم بصفته التربوية والتعليمية هو معدل للسلوك، وناشر للمعرفة، وما يقوم به بعض المعلمين من تتبع لإجابات الطلاب غير المتوقعة، والطريفة التي لا تخدم العمل التربوي والتعليمي، بل والأخلاقي والشرعي، فديننا الحنيف يحث على مبدأ الستر وعدم تتبع عيوب وأخطاء الآخرين، هذا بحق المسلم فكيف بالمربي والمعلم، وهذه التصرفات تزيد الفجوة بين المعلم والطالب، والمعلم والمجتمع، ونحن بحاجة اليوم إلى إعادة الهيبة والاحترام لهذا المعلم. من جهته أوضح الدكتور حازم بدارنه أستاذ أصول التربية المساعد بجامعة أم القرى بأن الأمر يعود إلى اللامبالاة عند الطلاب من واقع تجربته الشخصية، حيث يعتبر الطالب نفسه ناجحا في المقرر سواء أجاب أم لم يجب، أما من يقوم بنشر مثل هذه الإجابات من المعلمين فلا داعي له، ويرى بأنه يعطي انطباعا بأن البرنامج ضعيف وأن القائمين على التدريس لا يقومون بالتدريس ولاتوجد لديهم أدنى مسؤولية. ويقول مرشد العتيبي (معلم) إنه خلال الآونة الأخيرة بدأت ملاحظة هذا النوع من الأجوبة الطريفة بين أبنائنا الطلاب، ويعزو أسباب ذلك إلى ثلاثة أمور أولا انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وثانيا قصور دور المدرسة التربوي والأسرة في التعريف بأهمية الاختبار، وثالثا عدم قيام بعض المعلمين بدورهم الرئيسي في الإعداد المسبق وتهيئة الطلاب للاختبارات بصورة تجعلهم يعرفون قيمة الاختبار ويقدرون أهدافه. بينما يرى عبدالله السعيدي (معلم) أن ورقة الإجابة من خصوصيات الطلاب ولايحق لأي معلم نشرها تحت أي عذر أو ذريعة، مؤكدا أن توجيه الطلاب بالابتعاد عن مثل هذه التصرفات أجدى من نشرها من قبل بعض المعلمين. الطلاب بدورهم أبدوا آراءهم حول الموضوع، حيث يرى عبدالرحمن المحمادي بأنه ليس هناك داع لقيام بعض المعلمين بالنشر، وفي حال تعرضه لنفس الموقف أشار الى أنه يشعر بارتياح في حال نشر إجابته، على الرغم من أنه سوف يأخذ موقفا من معلمه. ويخالفه الرأي معاذ عبدالله أحمد الذي ذكر بأنه يفترض بالطلاب أن يركزوا على المقرر الدراسي بعيدا عن تلك الإجابات، وعزا أسباب ذلك إلى أنها محاولة من البعض للفت الانتباه، مشيرا إلى أن نشر المعلمين لمثل هذه الأفعال سوف يساعد في تمادي بعض الطلاب. بينما يرى محمد سعد بأن الطالب ينبغي أن يكتب إجابات داخل إطار المنهج فقط، مضيفا أن ورقة الإجابة حق وخصوصية من خصوصيات الطالب لا ينبغي أن يطلع عليه إلا لجان الامتحانات. من جانبه قال سليمان الزايدي عضو مجلس الشورى السابق، ومشرف مكتب حقوق الإنسان بالعاصمة المقدسة: أشك في بعض المعلومات التي تتحدث عن أوراق شاذة مصدرها الطلاب لمعرفتي بأن الطلاب هم الحلقة الأضعف في المنظومة التربوية، ويزداد ضعفهم في حال عدم مقدرتهم على الإجابة في الاختبار، فمثل هؤلاء لا يتجرأون على كتابة مثل هذه السوءات في أوراق الإجابة في قاعات الاختبار لأن ورقة الإجابة تسلم للمعلم أو المعلمة يدا بيد حال الانتهاء من الإجابة، وتنقل مسؤولية الورقة والمحافظة على سريتها إلى المعلم أو المعلمة، وتسريبها من قبلهم هو خدش للسلوك وتفريط في الأمانة وضعف في الاداء.