أظهرت دراسة حديثة أجرتها مؤسسة (رويترز) العالمية المعروفة عن «التحرش» في الدول العربية.. نشرت في شهر نوفمبر الماضي 2013 م – أي قبل نحو شهرين – ارتفاعا معياريا في معدلات حدوث هذه الظاهرة المقيتة في المجتمعات العربية. وهذا أمر يستوجب التحرك الفاعل والعاجل للحد من انتشار هذه الظاهرة المقيتة التي لا تتفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية السامية والقيم الاجتماعية النبيلة لهذا المجتمع العربي المسلم الذي يحرص عليها حكومة وشعبا. وتؤكد الإحصائيات الرسمية تنامي هذه الظاهرة المريعة.. حيث تشير إلى أن عدد قضايا التحرش الجنسي التي قدمت للقضاء العام المنصرم بلغت (2797) قضية.. وبالنظر إلى طبيعة المجتمع السعودي ووضع المرأة فيه فإن ما لم يصل إلى ساحة القضاء من المتوقع أن يكون أكثر من هذا العدد !!. إذن نحن أمام ظاهرة خطيرة تتزايد بمعدلات كبيرة لا تليق بشريعتنا ولا بقيمنا الأخلاقية.. وتبعا تستدعي التصدي لها بكل السبل الممكنة. ولعل من المؤسف ومن غير المقبول مطلقا أن لا يكون لدينا (نظام) لمكافحة جريمة التحرش.. نحن بحاجة ماسة إلى سن نظام متكامل واضح وصريح يتضمن عقوبات صارمة ويقنن الأحكام ويشمل الردع الأمني الذي بغيابه تصعب عملية مكافحة هذه الآفة المقيتة.. فلقد تأخرنا كثيرا في إصدار نظام يواجه هذا الأمر الخارج عن الآداب العامة لمجتمعنا. ولم يعد يكفي ونحن نعيش كل هذه المتغيرات الاجتماعية والتنامي السكاني المتوالي في هذا العصر العالمي أن نترك الأمر لاجتهاد القاضي فتتباين الأحكام في القضايا المماثلة دون تقنين يضمن التساوي في الحساب والعقاب. نحن بحاجة إلى اعتبار «التحرش» جريمة كبرى تستوجب التوقيف.. تماما كما أننا بحاجة إلى تسهيل عملية التبليغ وتيسيرها.. وتسيير دوريات أمنية في الأماكن العامة.. وإلى سرعة في الضبط والحكم والتنفيذ. وندرك تماما أن صدور النظام المأمول في حد ذاته لا يكفي.. بل يتطلب الأمر تفعيل النظام على أرض الواقع. كما تتطلب عملية مكافحة «التحرش» نشر مظلة الوعي المجتمعي بهذه الظاهرة المسيئة.. عبر كافة الوسائل الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة الواسعة الانتشار. إن غالبية دول العالم لديها قوانين تجرم التحرش وتواجهه بصرامة وشدة.. أما القول بأن نظام الحماية من الإيذاء الذي صدر قبل شهور يغطي التحرش الجنسي.. فإن هذا قول يجانب الحقيقة.. فنظام الحماية من الإيذاء يختص في من له ولاية عليه.. أي أنه ضد الإيذاء الصادر من الولي مثل الزوج تجاه الزوجة والأب تجاه الأبناء والأخ تجاه الأخوات.. وهذا ما أكده رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان. وعلينا أن نستفيد من الدول الأخرى.. التي لديها نظام ينص على معاقبة من يتعرض لأنثى على نحو يخدش حياءها بالقول أو الفعل بالحبس والغرامة.. وهناك تشهير في وسائل الإعلام للمتحرشين. نحن الأولى بسن مثل هذا النظام وبإنزال أشد من هذه العقوبات.. أما التبرير بإشراك المرأة في الخطأ فإنه تجريم للضحية ومن أهم اسباب تصاعد انتشار ظاهرة التحرش لدينا. وإجمالا أقول إن الحاجة باتت ماسة جدا لإصدار نظام لمكافحة التحرش متضمنا عقوبات صارمة.. وتطبيقه فعليا تطبيقا دقيقا مع خطة أمنية متكاملة للتصدي له.