يستحق الأسبوع الحالي تسميته بأسبوع هيئة مكافحة الفساد «نزاهة»، فقد حضر اسمها بقوة في الإعلام، إذ عقد معالي رئيسها لقاءين بجدة، أولهما لقاء ثقافي باثنينية الوجيه خوجة، وآخر علمي بجامعة الملك عبدالعزيز، وناقش فيه مجلس الشورى تقرير نزاهة للعام الماضي. في اللقاء العلمي بالجامعة، قال معاليه في مداخلته إنه يفكر بفتح فروع لنزاهة بمدن أخرى، وشدد على دور المواطن في الإبلاغ عن أي فساد يراه، لا شك أنهم قبل هذا قد حلوا إشكالات التبليغ الأولى التي تضرر بسببها المبلغون، أما فتح فروع فيبدو أنها خطوة متأخرة، لكن أن تصل متأخرا خير من ألا تصل. في الاثنينية، قال إنهم قدموا للقضاء قضايا وعدم ظهور أحكام يعود لبطء الإجراءات القضائية. أما بخصوص التشهير، فعلق معاليه على قول أحدهم إن هناك جهات حكومية تنفيذية وليست رقابية تشهر بالمخالفين وأنتم تمتنعون، قال إن من يشهر بالتجار والمزورين لديه أوامر ملكية استثنائية بذلك. عفا الله عنك أنت أولى بهذه الأوامر وعلاقتك مباشرة بولي الأمر، جرائم مخالفات التجار والمزورين تهون أمام جرائم الفساد، وكما سعى وزراء تلك الجهات للحصول على هذه الأوامر كان حريا بهيئتكم الموقرة السعي للحصول عليها. أمر آخر محير، استعانت الهيئة بعلماء دين ومراكز أبحاث وذهبت للمدارس ومؤخرا لإمارات المناطق لتسهيل أداء مهامها، ولم تفكر مرة بمؤسسات المجتمع المدني برغم أنها كانت ضمن استراتيجيتها المقرة بقرار من مجلس الوزراء، وبرغم أن هذه المؤسسات خير معين لها في مهامها. مناقشة مجلس الشورى كانت أكثر جاذبية، وأحيي المجلس الذي طالما انتقدته على جدية النقاش، انتقد بداية رضوخ نزاهة لحجة السرية من بعض الوزارات لإخفاء معلومات تطلبها، ثم فند عدديا ادعاءات نزاهة، فقال إنها أشغلت موظفيها برصد الفساد على حساب مكافحته، وأنها نظرت في 400 مشروع ضمن اختصاصاتها، ولم تحل لهيئة التحقيق والادعاء العام سوى 30 قضية. هل يعقل برغم حجم الفساد الذي تعلنه نزاهة وديوان المراقبة العامة وما يراه الناس من تعثر نصف مشاريع التنمية، معاليه يعترف بتعثر الربع فقط، والربع كثير، أن ليس هناك سوى 30 قضية وفي ثلاث سنوات؟ هذا لا يبقي للناس سوى التغني بطول الليل. يؤكد دائما معالي رئيس نزاهة أنهم جادون في مكافحة الفساد ونحن نصدقه، لكن ولتطمئن قلوبنا نأمل منه وقف فعاليات نصحنا بمضار الفساد وأطروحات التنظير حوله، وأن يسعى جادا للحصول على أوامر التشهير فهو أمضى أسلحته، لأن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.