اقتحام شاب مسلح لمبنى إذاعة (إم بي سي) بهدف قتل المذيعة غادة العلي لأنها لم ترد على رسائله عبر (تويتر) حادثة نادرة وغريبة لكنها لا تمنع من الاستفادة منها كعبرة ودلالة على أشياء كثيرة جدا تفيدنا لو اعتبرنا. الأول بلا شك هو أخذ الحيطة والحذر من تجاهل الآخرين، فعلى كل من يعمل (بلوك) أو يتجاهل رسائل (تويتر) أو حتى رسائل الجوال أن يتوقع أنه قد يتعرض لمحاولة اعتداء من أي نوع (ضرب، تكسير سيارة، تشويه سمعة أو قتل) فأنت لا يمكن أن تتنبأ بسلوكيات واحد من مليون من البشر، خاصة إذا كان المجتمع لم يجتهد كثيرا في نشر ثقافة الاختلاف والحق في الرد أو التجاهل والحق في ممارسة الحق!! أقصد بالحق في ممارسة الحق أن من حق المعلم أن يمنحك الدرجة التي تستحقها فترسب في الامتحان، لكننا شهدنا حالات ضرب معلم أو اتلاف سيارته لأنه مارس دوره في الانصاف فرسب طالب. أيضا شهدنا أن حكم مباراة كرة القدم مطرف القحطاني تعرض منزله لتلفيات وسيارته لتكسير وأسرته لتهديد لأنه مارس حقه في الانصاف في مباراة كرة قدم. في الحالتين كانت ردة الفعل الرسمية والاعلامية سلبية للغاية فلا الطالب عوقب العقاب الشرعي الرادع ليكون عبرة لغيره، وفي أمر الحكم عوقب الحكم وأبعد ومارس الاعلام الرياضي المتعصب مساندة المعتدي وبرر له بمقالات لا تقل سوءا عما فعل المشجع الأحمق، فكيف سنشيع روح ممارسة الحق وتقبل القرار في كل شأن. الأمر الثاني الذي كشفته حادثة اقتحام الإذاعة للاعتداء على مذيعة لم ترد على الرسائل أن بعض شباب المجتمع غير مهيأ لأن يسمع صوت مذيعة أو أداءها وتحاورها مع كل المستمعين إذاعيا ثم ترفض الرد عليه شخصيا عبر رسائل (تويتر) لأنه يعتبرها إهانة شخصية له!! علما أن المذيعة غادة العلي والحق يقال من المذيعات الجادات المهنيات (ليست من المذيعات المايصات المتميلحات في محطات إف إم أخرى) ومع ذلك لم تسلم لأن المجتمع فعلا غير مهيأ، وهذه رسالة لمن يستعجل قيادة المرأة للسيارة مثلا، فقط تخيل لو أن المذيعة عندنا تخرج من الإذاعة كاشفة معروفة وتقود سيارتها للمنزل، كم من أمثال ذلك الشاب الحانق أو المعجب سيتبعها سواء للاعتداء أو إبداء الإعجاب؟! والأهم هنا هو هل نحن مستعدون فعلا لمواجهة ما سيحدث؟! فقط راجع تفاصيل الحادثة وستعرف كيف دخل المعتدي للإذاعة وتدرك أننا فعلا (بعيدين شر) وغير مهيئين.