لا يجوز لإنسان يؤمن بالله وما جاء في القرآن الكريم وفي السنة المطهرة من آيات وأحاديث، إنكار وجود الحسد وتأثيره المدمر على المحسود سواء كان بشراً أم حيواناً أم جماداً، ولذلك جاء في سورة الفلق - وهي إحدى المعوذتين - الاستعاذة من شر حاسد إذا حسد، وكم من الأنباء والروايات التي تروى عن ضحايا الحسد والحاسدين والمحسودين لسمع ممن حوله عشرات بل مئات الروايات التي تؤكد وجود صور ومواقف شتى عن الحسد وضحاياه وما جرى لهم من مصائبه التي أوصلت بعضهم إلى القبر! ولكن الاعتراف بوجود الحسد والحاسدين والمحسودين والإيمان به شيء، والدخول في مناطق الوساوس والأوهام وتفسير كل ما يقع للإنسان بأنه حسد شيء آخر، لأن هذا التفسير المبني على الوساوس يقود صاحبه إلى إهمال العلاج الذي سخره الله عن طريق العلماء والأطباء، للركض وراء الدجالين والمشعوذين وأدعياء الرقية وفك السحر ورفع كلاكل الحسد عن جسد المحسود المرهون، والغريب في الأمر أن أقل الناس مالاً وجمالاً ومكانة ووظيفة وشهرة تجده يزعم أن حرارته ارتفعت بسبب الحسد وأن سيارته القديمة التي يَخِرُّ منها زيت المكينة تعطلت بعد أن ضربتها عين جاره دون أن يسأل ذلك المقروء نفسه: وعلى أي شيء يحسدونه.. يا حسرة! وقد تكون هناك امرأة دردبيس وجهها مثل «الكفتيرة»، فإذا مرضت زعمت أن أترابها حسدوها دون غيرها وتركوا هيفاء وهبي، وكان يكفيها تناول حبة بنادول وعدم الاستسلام للوساوس حتى تخف وتقوم، ولكنها فضلت التعامل مع جميع أمراضها على أنها حسد أو سحر فطلبت العلاج عند الأدعياء الذين يستغلون ما يملأ العقول من أوهام لترسيخها والإثراء على حساب الواهمين الأشقياء؟!