إن من يحلل عناصر إيرادات الميزانية سيلحظ الاعتماد الأساسي على إيرادات البترول، حيث يغذي الميزانية بنسبة 91 في المئة من إجمالي الإيرادات وهذا يدفعنا إلى التركيز مستقبلا على تنويع مداخيل الدولة وخفض الاعتماد على إيرادات البترول . وهذا توجه الدولة في خططها الخمسية. ومن يتابع ويحلل ميزانية العام الجديد يظهر له جليا بأن حكومة المملكة مستمرة في خططها السابقة في التركيز على التعليم والصحة والخدمات العامة والمشاريع التنموية التي تسهم في خلق فرص عمل تعمل على تخفيض نسبة البطالة ونسب الفقر وهو توجه في الطريق الصحيح والذي يعتبر هو الأساس في معالجة هاتين القضيتين اللتين تقلقان المخططين والمسؤولين عن الأمن والاستقرار . ولقد ظهرت الميزانية توائم التقديرات مع المصروفات حتى لو تجاوز الإنفاق المعتمد في ميزانية العام الماضي. ومن وجهة نظري الشخصية أرى أن أهم ما يلفت الانتباه له في الميزانية هو الفائض المتحقق في نهاية العام والذي يقدر بحوالى (108.5) ريال وهو صافي لا تدخل فيه المصاريف الإضافية التي أنفقت في توسعة الحرم الشريف كتعويضات وتوسعات عمرانية. وأن التوجه في تخفيض نسبة الدين العام من خلال استخدام جزء من الفوائض يعتبر سياسة رشيدة في إنفاق الفائض متمنيا أن ينخفض أو ينعدم الدين العام إلى الصفر. وإن كنت أتمنى أن يحول جزء من الفائض لتمويل بند الرواتب لزيادة الرواتب في العام المقبل زيادة تتماشى مع التضخم الذي تجاوز 3.5 في المئة. أما الجزء الآخر من الفائض أتمنى أن يحال إلى صناديق التنمية والتي آمل أن ينشأ في العام المقبل صندوق لتمويل المشاريع التعليمية، وصندوق لتنمية الصحة والسياحة . كما آمل أن ينشأ بنك خاص للإسكان ،وأتمنى أن تضاعف ميزانية الضمان الاجتماعي لمضاعفة رواتب الضمان الاجتماعي الشهرية والتي أصبحت لا تغطي احتياجات أسبوع لمستحقيها. إن ميزانية هذا العام تؤكد لنا استمرار الدولة على الإنفاق في المشاريع التي تسهم في زيادة حركة وإنتاجية القطاع الخاص وعلى وجه الخصوص المشاريع الإسكانية التي ستعمل على إنعاش قطاع المقاولات وقطاع البناء ومصانع مواد البناء . إن المواطنين في المملكة ينظرون بكل تقدير واحترام إلى بنود الميزانية التي تهم المواطنين وتفعل دورها لتحقيق مزيد من الدخل لتغطية احتياجاتها الأساسية وعلى رأسها التعليم والصحة والإسكان والمشاريع الجديدة التي تخلق فرص عمل للمواطنين. كما أن الطلبة المبتعثين يتطلعون إلى هذه الميزانية لزيادة مخصصاتهم الشهرية لتغطية صرفياتهم التي ارتفعت نتيجة التضخم الحاصل في العالم والتي تمكنهم من تغطية مصاريفهم وإكمال دراستهم. إن النظرة الحانية من ولي أمرنا الملك عبدالله بن عبدالعزيز على شعبه تؤكد بأن طموح وتطلعات شعبه في هذه الميزانية إن شاء الله ستتحقق مادام هناك فائض في هذه الميزانية .