آليات إصلاح الجامعة العربية وتطويرها.. والأمل الشعبي المعقود على وحدة القرار والمصير.. والحديث بصوت عال في المنابر الدولية.. والقيام بالدور المنوط بها عربيا على النحو الأمثل.. باتجاه إنصاف قضايا الأمة المعلقة.. على مر التاريخ وانتزاع الحقوق المغتصبة.. هموم متراكمة على كاهل العرب حملتها «عكاظ» لتطرحها على طاولة الحوار مع الأكاديمي والدبلوماسي الدكتور خالد بن نايف الهباس مستشار الأمين العام للجامعة العربية للشؤون السياسية.. لينتقل بنا من العموم إلى الجزئيات.. ويطلعنا على أبرز عوامل الإخفاق في تحقيق الجامعة للدور المطلوب منها.. وهل ضعف الارتباط بين الجامعة ككيان إقليمي له وزنه وبين مراكز صنع القرار في المحافل الدولية ضمن أسباب الإخفاق في الوصول إلى الأهداف المرجوة. وفي ما يلي تفاصيل الحوار: د. خالد إلى أين وصلت جهود لجنة الإصلاح في الجامعة العربية، ومتى سترى نتائجها فعليا؟ - يجب الإشارة في البداية إلى أن عملية التطوير وإعادة الهيكلة من الأمور المهمة لأي جهاز أو مؤسسة، بما في ذلك المنظمات الإقليمية والدولية، فذلك سيساهم في نهاية المطاف في تعزيز الأداء والإنتاجية، وقد كانت آخر عملية إعادة هيكلة شهدتها الجامعة عام 2002 في عهد الأمين العام السابق وتركزت على تطوير هياكل ومؤسسات العمل العربي المشترك. وعندما بدأ الأمين العام الحالي ولايته في منتصف عام 2011 كانت مسألة التطوير وإعادة الهيكلة بشكل شامل إحدى القضايا الرئيسية التي يتوجب إنجازها، وصدر في هذا الشأن عدد من القرارات من مجلس الجامعة، على المستوى الوزاري في سبتمبر 2011 لإجازة البدء بعملية تطوير شاملة، كما صدر قرار عن القمة العربية ببغداد في مارس 2012 بتفويض الأمين العام لاتخاذ الخطوات الإجرائية اللازمة لتحقيق ذلك وعرضها على مجلس الجامعة. وتم تشكيل لجنة تطوير مستقلة من خارج الجامعة والتي أعدت تقريرا مفصلا عن مرئياتها حول الجوانب التي تستوجب التطوير في عمل الجامعة العربية، بما في ذلك ميثاق الجامعة. وبعد القمة العربية في الدوحة في مارس 2013 تم تشكيل لجان من ممثلي الدول العربية تم تقسيمها إلى أربع لجان: لتعديل الميثاق، تطوير أجهزة ومؤسسات العمل العربي المشترك، تطوير العمل الاقتصادي، والبعد الشعبي لعمل الجامعة، وبدأت هذه اللجان عملها وسوف تقدم الأمانة العامة تقريرا بذلك للقمة العربية القادمة في الكويت في مارس 2014. ويجب التنويه هنا أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها اقتراح تعديل الميثاق كي يواكب المتغيرات التي طرأت على مؤسسات التنظيم الدولي في العالم. هناك من يرى أنه لا يمكن التعويل على ما تقوم به الأممالمتحدة، فكيف يعول على جهود الجامعة العربية، لاسيما أنها تخلت عن دورها لصالح الدور الأممي في العديد من القضايا العربية - العربية؟ - الجامعة لم تتخل عن دورها الإقليمي، لكن الأممالمتحدة هي المنظمة الأم في العالم والأهم والتي يخولها ميثاقها لحفظ السلم والأمن الدوليين من خلال اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة، وأهمها البند السابع الذي يجيز اتخاذ كافة الوسائل اللازمة لتحقيق السلم والأمن الدوليين، بما في ذلك إمكانية استخدام القوة، وهذا يعطي لقرارات مجلس الأمن صفة الإلزام. وهذا الأمر لا يتوفر للجامعة العربية، فميثاق الجامعة العربية تمت كتابته قبل نحو سبعة عقود ولا ينطوي على وسائل تمكن الجامعة من اتخاذ خطوات إجرائية لحل المنازعات والأزمات السياسية في المنطقة. وهذه الجزئية هي التي حدت بمجلس الجامعة للطلب من مجلس الأمن ممارسة مسؤولياته بموجب ميثاق الأممالمتحدة لإيجاد حل للأزمة السورية يحقن دماء السوريين، ويحقق تطلعاتهم إلى الحرية والديمقراطية، ويضمن وحدة وسيادة سوريا. بالتالي لا يمكن اعتبار ذلك تخليا من قبل الجامعة عن مسؤولياتها القومية. ومهما أخفقت الأممالمتحدة في إيجاد حل سريع للمشكلة السورية نتيجة الاختلافات بين الدول الكبرى دائمة العضوية، إلا أن ذلك يبدو الطريق الوحيد الذي يمكن من خلاله تسوية الأزمة السورية من خلال الطرق الدبلوماسية. والأنظار تتجه الآن إلى مؤتمر جنيف 2 الذي من المؤمل انعقاده في شهر يناير/كانون الثاني 2014 لتحقيق انتقال سلمي للسلطة في سوريا. لكن الجامعة أظهرت عجزها في القيام بأي دور من شأنه حماية حقوق الشعوب العربية عند حدوث ما يسمى بالربيع العربي في المنطقة.. ما تعليقكم؟ - هذا فيه تجن كبير على الجامعة العربية، وللمعلومية لم يسبق للجامعة أن اتخذت مواقف تتعلق بالمسائل السياسية الداخلية للدول الأعضاء كما فعلت في ليبيا وسوريا على سبيل المثال. وكان المبرر أن الجامعة العربية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام الانتهاكات الجسيمة التي تعرض لها الشعبين الليبي والسوري على أيدي القوات النظامية ما كان سيؤدي إلى عملية إبادة جماعية لهذين الشعبين. ويمكن القول بلا مواربة إن للجامعة دورا كبيرا في إنقاذ الشعب الليبي من براثن مرتزقة النظام السابق من خلال الطلب من مجلس الأمن تحمل مسؤولياته لحماية المدنيين الليبيين، مع ضرورة الإشارة إلى أن حلف الناتو تجاوز المهام المحددة له بقرار مجلس الأمن رقم 1973 / 2011 الذي نص على فرض حظر جوي على الطيران الحربي الليبي لحماية الثوار والمدنيين. لكن في نهاية المطاف يجب القول إن التدخل الأجنبي تحت غطاء الأممالمتحدة كان الوسيلة الوحيدة لمنع النظام من تحقيق مزيد من التقدم ومنعه من الفتك بالثوار والمدنيين الليبيين المعارضين لنظام أثبت فشله عبر أربعة عقود من الحكم في ليبيا، لدرجة أن جزءا كبير من الفوضى الأمنية التي تعاني منها ليبيا هي نتيجة مخلفات النظام السابق الذي لم يخلف وراءه مؤسسات أمنية أو سياسية يعتد بها، بل كان يدير البلاد بطريقة بدائية وغريبة تضمن بقاءه بالحكم أطول فترة ممكنة. ويجب الإشارة هنا إلى أن الجامعة العربية تتواصل مع القوى السياسية المختلفة في الوطن العربي، لاسيما في بلدان الربيع العربي في سبيل تحقيق المصالحة السياسية وتقديم المشورة والخبرة في المسائل المتعلقة بإعادة البناء، وقد قامت الجامعة العربية على سبيل المثال بفتح مكتب لها في طرابلس بناء على قرار من مجلس الجامعة على مستوى المندوبين في 20/12/2011 وذلك في سبيل التنسيق مع مكتب الأممالمتحدة وغيره من المنظمات في ليبيا لإعادة تضافر الجهود نحو عبور ليبيا مرحلة بناء الدولة بعد الثورة. كما تشارك الجامعة العربية بفعالية في مراقبة الانتخابات التي تقام في الدول العربية.