لم أكن أعلم بوفاة المربي الكبير الأستاذ الدكتور محمد بن أحمد الرشيد رحمه الله إلا مساء الاثنين لظروف خاصة.. ولكنني دعوت له بظهر الغيب كما يدعى للمجاهدين الصابرين المخلصين لله ولرسوله وللمؤمنين من أموات المسلمين. وقد هيأ الله لي الاقتراب من معاليه رحمه الله فبعد توليه وزارة المعارف آنذاك سبقنا إليه ذكره الطيب ورغبته في التطوير قبل زيارته لنا في إدارة التعليم بالطائف.. وتقدمت لمعاليه بمذكرة صغيره تتضمن اقتراحاً بإنشاء مركز مستقل لرعاية الموهبة والإبداع في وزارة التربية والتعليم فتلقيت توجيهه الرقيق بكل عوامل التحفيز للتنفيذ مباشرةً والتعميم في حال النجاح.. فكانت الفسيلة الأولى التي غرسها في مسيرة تطوير التربية والتعليم ومؤسسات المجتمع. كتب الله له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة. كما شرفني بمرافقته للاطلاع على برامج الموهوبين والمتفوقين بالولايات المتحدةالأمريكية فأبهرني بحسن المعشر وكريم الخلق والورع والحرص على أبنائه وبناء مجتمعه بما يتفق مع قيمه وبيئته الاجتماعية، ورأيت دأبه وحرصه على استجلاء الحقيقه، يغضب لله ويحق الحق لأجله. ومن مآثره رحمه الله حسن التوجيه والتدبير والصبر عندما يتجاوز الجاهلون يبحث عن كلمة سواء بين الناس يعلي الحق ويرفع مقام العامل ويحث المقصر على حسن الأداء بحب وحنو.. ويتحمل الإساءة رغبة في المثوبة من الله. عندما احتجنا إلى دعم مالي لبرامج الموهوبين في الطائف لخصوصيتها وعدم اتساق أوجه الصرف فيها مع النظم النمطية كان يوجه بالسير بروح النظام في ثقة ومحاسبة في آن معاً، وحيث عرضت على معاليه الطلب من سماحة المفتي بإمكانية الاستفادة من أموال الصدقة لدعم برامج الموهوبين سأل ومن أي باب تكون؟ فذكرت له أن ذلك من باب الجهاد باعتبار أن الموهوبين يجاهدون في سبيل إعلاء كلمة الله وإعمار الأرض وخدمة الإنسانيه قال نعم إنه جهاد في سبيل الله ولكن!! فمن باب الجهاد إن شاء الله إلى جنة الخلد يا أبا أحمد.. رحمك الله.