قمة الكويت الخليجية قصيرة في زمنها ولكنها ثرية في قراراتها، خاصة المتعلقة بجوانبها الأمنية والعسكرية للحفاظ على استقرار دول المجلس وترتيب وتحصين الجبهة الأمنية الداخلية الخليجية. ومن الواضح أن الهاجس الأمني والبعد الاستراتيجي العسكري لمستقبل المنظومة الخليجية كان حاضرا بقوة في نقاشات القمة، بهدف استكمال الخطوات والجهود الهادفة لتعزيز أمن دول المجلس وبناء منظومة دفاعية مشتركة لتحقيق الأمن الجماعي للمنظومة الخليجية. وظهر ذلك جليا من خلال موافقة المجلس الأعلى للقمة على إنشاء القيادة العسكرية الموحدة لدول المجلس، وتكليف مجلس الدفاع المشترك باتخاذ ما يلزم من إجراءات للبدء في تفعيلها، خدمة للأهداف والتطلعات المشروعة لأبناء دول المجلس، وإيمانا بوحدة الهدف والمصير المشترك وحرصا على الحفاظ على أمن واستقرار ووحدة وسيادة دول المجلس ومواجهة التهديدات الإقليمية بحائط سد استراتيجي عسكري منيع لكل من تسول له نفسه التدخل في الشوؤن الداخلية الخليجية وتهديد استقرار دول المجلس. إن المتغيرات والتحديات التي تشهدها المنطقة إقليميا وعربيا تتطلب تقوية المنظومة العسكرية الخليجية وتحصين الجبهة الأمنية الداخلية الخليجية للجم التهديدات الإقليمية، ولهذا فإن مباركة المجلس الأعلى قرار إنشاء جهاز للشرطة الخليجية والموافقةعلى إنشاء أكاديمية خليجية للدراسات الاستراتيجية والأمنية سيعمل على إعطاء دفعة قوية لتعزيز العمل الأمني الخليجي ويوسع مجالات التعاون المشترك بين الأجهزة الأمنية في دول المجلس. ولم يفت على قمة الكويت التأكيد على مواقف دول المجلس إزاء نبذ الإرهاب والتطرف، بكافة أشكالهما وصورهما، ومهما كانت دوافعهما ومبرراتهما وتأييد كل جهد إقليمي ودولي يهدف لمكافحة الإرهاب والمنظمات الإرهابية، باعتبار أن ملف الإرهاب كان ولا يزال حاضرا في نقاشات القمم. إن قادة الخليج في قمة الكويت أدركوا التحديات والمخاطر التي تهدد أمن واستقرار دول المجلس، وتحركوا لتعزيز العمل الجماعي وحشد الطاقات العسكرية والأمنية المشتركة لمواجهة الأخطار والتحديات، وتحصين دول المجلس من التداعيات الخطيرة التي تشهدها المنطقة. والمطلوب بعد انتهاء القمة تنفيذ القرارات الصادرة عنها، خاصة المتعلقة بجوانبها العسكرية والأمنية، وإيجاد الآليات المناسبة لسرعة تنفيذها، لكي يشعر المواطن الخليجي أن هذه القرارات ترى طريقها للتنفيذ تحقيقا للمنفعة التي من أجلها أصدرت.