يشكل انعقاد القمة الخليجية، في الرياض اليوم، حدثا بارزا في الأجندة السياسية العربية في ظل ما يسمى بأحداث الربيع العربي. . هذه القمة التي سيحضر فيها، لأول مرة وبشكل ملفت، نقاش الأحداث العربية بفعل الربيع العربي والثورات في أكثر من بلد عربي، ربما سيكون لقراراتها تداعيات وآثار على وضوح المشهد المستقبلي للنظام السياسي، ولطبيعة الدور للمنظمات العربية الإقليمية، التي ستلعب دورا بارزا في مرحلة ما بعد استقرار الأوضاع في البلدان التي تشهد حراكا سياسيا وشعبيا واضحا. من هنا، السؤال الذي يطرح نفسه بقوة على القمة، هل إنها ستبقي الباب مغلقا على مصالحها الداخلية؟ أم أنها ستنفتح على الآفاق العربية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتسعى لتشكيل حالة جذب سياسي، يساعد على استقرار المنطقة، ويجنبها ويلات الفراغ وحالة اللادولة، التي يتخبط بها ويعيش أخطارها أكثر من كيان في منطقتنا العربية؟ من هنا، فإن نفي وكيل وزير خارجية الكويت خالد الجار الله ،المشارك في اجتماعات اللجنة الوزارية المشرفة على عملية تنفيذ القرارات لقمم مجلس التعاون، وبحسب ما أوردته صحيفة السياسة، من أنه يستبعد تطرق القمة المقبلة لانضمام دول جديدة لمجموعة مجلس التعاون الخليجي. يعتبر استباقا غير مألوف ورسالة غير واضحة، في ظل منطقة غابت عنها أدوار الوحدة والجمع، التي تشكلها بالعادة المنظمات الإقليمية، فيما يمكن قراءته من حال المراوحة التي تعيشها جامعة الدول العربية. وفيما يمكن ان نسميه «غياب العزم»، كما أسماه وزير خارجية قطر الشيخ جاسم بن محمد في معرض توصيفه للواقع العربي، بأنه يملك الإرادة ولكنه يفتقد «العزم». في هذا الوقت، يبقى المشهد العربي الملتهب طاغيا في أهميته على سائر العناوين الأخرى، الاقتصادية والثانوية، من استكمال لمشروعات السكك الحديدية ومصير العملة الخليجية الموحدة، فضلا عن التحديات الاقتصادية والمالية الناجمة من أزمة منطقة اليورو، والتأرجح الاقتصادي الأمريكي وكيفية المحافظة على النمو الاقتصادي، في ظل ظروف اقتصادية مقبلة تعيشها المنطقة، وتهديدات إقليمية إيرانية تفتح الآفاق على أخطار حقيقية على مستقبل الطاقة العالمية، وعلى مجمل الاستقرار الاقتصادي العالمي. هذه الملفات وغيرها ستكون في سلم أولويات قمة الرياض، وستشكل نقطة في أجندة القادة الخليجيين، الذين سيحضرون في قمة لن ينتظر نتائجها الإعلاميون وصناع القرار كما جرت العادة، ولكن سيترقبها الملايين من العرب، الذين يأملون أن يشكل مجلس التعاون الخليجي درعا سياسيا حاميا وحصينا للمنظومة الأمنية العربية، وحاضنا لتعزيز العمل الخليجي والعربي المشترك، ولن يتم ذلك إلا في التقاط القادة الخليجيين للحظة التاريخية بالانفتاح على دور عربي كبير، يعيد توجيه البوصلة الشعبية إلى مزيد من التطلع الى الداخل، وصيانة أكبر للأمنين الاقتصادي والاجتماعي للواقع العربي. عامر أرناؤوط رئيس مركز طرابلس للدراسات الاستراتيجية