ليس هناك مفهوم موحد لكيفية الشعور بالسعادة إلا أنه بالمفهوم العام هو إرادة الخير للناس، والتطوع بأعمال الخير هو خير مثال لإثارة أسمى مشاعر السعادة والحب بين البشر فهو الخير والمعروف الدائم والمتأصل بين الناس بمعناه العملي. فقد أصبح التطوع بأعمال الخير سمة من سمات الشعوب المثقفة والمنتجة الراقية في تفكيرها ومعاملاتها، لا غنى عنه للنهوض بأفراده وجماعاته، نحتاجه بصفة خاصة في إدارة الكوارث وفي المواسم كموسمي الحج والعمرة. فالعمل التطوعي هو: تقديم العون والنفع إلى شخص أو مجموعة أشخاص يحتاجون إليه، دون مقابل مادي أو معنوي. قال تعالى: «فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعاً فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون» المائدة: الآية 48 . كما يدل الهدي النبوي على تحفيز العمل التطوعي بين المسلمين وبيان الأجر العظيم الذي ينتظر كل من عاون المسلمين وسعى في تقديم الخير لهم فقد قال عليه الصلاة والسلام : «لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين« رواه مسلم. كما قال عليه الصلاة والسلام «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى« رواه أحمد ومسلم. والأحاديث كثيرة في حث المؤمنين على حماية العلاقات الإنسانية فيما بينهم، التي تزيد من ترابط المجتمع وتجعله كالبنيان المرصوص حتى نجد أن الشخص ليتألم لألم أخيه ولا يغمض له جفن حتى يهم بمساعدته ولو بالدعاء له لإزالة كربته. وقد عرّفت مجموعة من خبراء الأممالمتحدة في حلقة بحثية سبقت العام العالمي للتطوع 2001 على أن التطوع هو: تخصيص وقت وجهد، بشكل إداري حر، دون الحصول على أرباح مادية، لمساعدة الآخرين والإسهام في تحقيق النفع والصالح العام، كما أن أساس نظرية السلم الامتدادي لسيدني ويب للعمل التطوعي هو تولي الدولة مهمة توفي الخدمة والرعاية للمواطنين مسبقا، ويتولى القطاع التطوعي استكمال النقص فيه، وبذلك يتكامل العمل لخير المجتمع، فالجهود الحكومية تأتي في البداية والجهود التطوعية تكون امتدادا لها، أي أنها منظومة متناغمة بين الطرفين لما فيه مصلحة العامة. هناك من المبادرات ما يثلج الصدر ويطمئن له الفؤاد فقد رأينا الجمعية السعودية للعمل التطوعي (تكاتف) برئاسة الأميرة موضي بنت خالد بن عبدالعزيز قد بدأت في إرساء دعائم العمل التطوعي من خلال هذه الجمعية كما تسعى إلى تنظيم عمليات التطوع بين المتطوعين والجهات المستفيدة وغرس مفهوم المبادرة والشعور بالمسؤولية الاجتماعية، كما انطلقت كثير من الفعاليات والندوات التي تزود المتطوعين والهتمين بالمهارات اللازمة التي تمكنهم من القيام بالأعمال التطوعية على أكمل وجه كندوة العمل التطوعي وأفاق المستقبل الذي أقيم بجامعة أم القرى في الفترة الماضية، كما واكبت جامعة الدمام النهوض بالعمل التطوعي عن طريق إنشاء وكالة التطوير وخدمة المجتمع بكلية التربية، ولكننا ننتظر تقنين هذه الجمعيات والمبادرات تحت مظلة أكبر، كما أننا نريد تكاتف الشركات والمؤسسات والجمعيات في شتى الميادين والقطاعات وتوزيع الأدوار كل حسب تخصصه فالطالب والمعلم والمدير والموظف والعامل ورجال الاعمال والطبيب والمهندس وغيرهم كل يملك طاقة يستطيع الاستفادة منها في عمل الخير وبث روح التعاون بين الناس فيد الله مع الجماعة. وأخيراً يجب الإشارة الى دور المرأة في العمل التطوعي فقد أعطت عفاف آل حريد في بحثها عن المرأة والمشاركة المجتمعية أمثلة عن الأدوار التطوعية التي يمكن للمرأة المساهمة بها: منها تقصي أحوال الأسر والأفراد ذوي الحاجة وتقديم المساعدات لهم، والمشاركة في الأسواق والأطباق الخيرية التي يستفاد من ريعها في تموين المشاريع الخيرية . أما إذا كانت المرأة من ذوات المؤهلات العملية المتخصصة، فيمكنها المشاركة في إقامة المحاضرات والدروس التوعوية للمرأة في جميع المجالات، كما ذكرت الدكتورة أسماء الرويشد الدور الفعلي الذي يمكن للمرآة أن تقدمه من خلال العمل المجتمعي التطوعي، سواء كان من خلال الأسرة او المجتمع لإبراز حضارة إسلامية مشرفة، والدفاع عن قضايا المرأة التي تواجه كثيرا من الإشكاليات، وأكدت على ضرورة تشجيع العمل التطوعي، وحثها على إدراجها ضمن المناهج الدراسية، وحث السيدات المتقاعدات من العمل بشكل خاص للاندماج في العمل التطوعي.