قلل خبراء اقتصاديون من تداعيات الاكتشافات الكبيرة للنفط والغاز بدول حوض البحر الأبيض المتوسط على الدول الخليجية المنتجة للنفط، مشيرين إلى أن عملية الإنتاج تتطلب فترة طويلة تسبقها سنوات من التنقيب والحرف، بالإضافة إلى أن عملية زيادة الإنتاج للوصول إلى الدول المصدرة يحتاج إلى 10 سنوات على الأقل، مشددين على ضرورة الاستفادة من وجود احتياطات ضخمة في تلك الدول خصوصا وأنها دول عربية مثل لبنان وسوريا من أجل تعزيز التكامل العربي والتحرك الجاد للتكامل الاقتصادي بما يخدم الاقتصاد العربي والمصالح المشتركة بشكل عام.الدكتور علي العلق أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن قال من الصعب جدا الحديث الآن عن أن الدول الخليجية المنتجة للنفط ستواجه صعوبة جراء الاكتشافات الجديدة للنفط والغاز في بعض الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط، مشيرا إلى أن الدول الخليجية تمتلك خبرة كبيرة تصل إلى 50 عاما في صناعة النفط، فيما لا تزال هذه الدول حديثة العهد في صناعة النفط، واشار العلق إلى أن الدول الخليجية المنتجة للنفط تمتلك القدرة على تجاوز جميع الصعوبات التي تعترض طريقها، لافتا إلى أن دخول دول حوض البحر الأبيض المتوسط نادي الدول النفطية يتطلب فترة لا تقل عن عقد من الزمن، وبالتالي فإن هذه الفترة تعطي الدول الخليجية المنتجة للنفط مساحة زمنية للبحث عن الخيارات المتاحة سواء من خلال البحث عن أسواق جديدة أو تعزيز الشراكات الاستراتيجية مع الدول المستوردة، مؤكدا، أن الأسواق العالمية خلال العقد المقبل متوقع أن تشهد نموا كبيرا في الاقتصاد العالمي، وبالتالي فإن دخول طاقات جديدة لا يخلق مشاكل على الإطلاق للدول المنتجة. وشدد العلق على ضرورة تحرك الدول الخليجية المنتجة للنفط لتعزيز التعاون المشترك مع الدول العربية التي تستعد لدخول نادي صناعة النفط، لافتا إلى أن الدول الخليجية تمتلك القدرة اللازمة لتزويد الدول الجديدة بالخبرة اللازمة للتعاطي مع هذه الصناعة الجديدة، مشيرا إلى أن صناعة النفط تمثل مدخلا رئيسيا في تعزيز التكامل الاقتصادي في المرحلة المقبلة. وقال إن الاستفادة من المزايا النسبية للدول الخليجية المنتجة للنفط، يمثل عاملا أساسيا في تجاوز جميع التحديات التي تواجه هذه الاقتصاديات، لاسيما وأن المملكة تتحرك باتجاه تعزيز الصناعة البتروكيماوية، نظرا لامتلاكها الغاز القادر على توطين هذه الصناعة بالإضافة لذلك فإن هذه الصناعة تسهم في تنويع مصادر الدخل القومي، مضيفا، أن المملكة استطاعت في غضون العقود الثلاثة الماضية من تكريس موقعها على الصعيد العالمي كلاعب أساسي في الصناعة البتروكيماوية. أما الدكتور راشد أبا نمي (خبير نفطي) استبعد قطعيا حدوث مثل هذه الاحداث، مؤكدا أن الاكتشافات ما تزال طور الحديث الإعلامي، حيث لا توجد أرقام دقيقة تتحدث عن حجم تلك الاحتياطيات الموجودة في الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط، مضيفا، بروز مؤشرات لوجود احتياطيات من النفط او الغاز بقرب بعض الدول لا يعني دخولها في نادي النفط والغاز، فالعملية تتطلب سنوات من التفاوض مع الشركات الاستثمارية الأجنبية التي تمتلك التقنية والموارد المالية الضخمة القادرة على الاستثمار في هذه الصناعة التي تتطلب مبالغ هائلة، مشيرا إلى أن عملية استقطاب الشركات الأجنبية لا يعني الدخول فعليا في نادي الدول المنتجة، فالعمل يتطلب سنوات من البحث والتنقيب الطويل، إذ يمكن أن يمتد العمل إلى 6 – 10 سنوات قبل استخراج أول برميل نفط أو أول قدم مكعب من الغاز. ورأى أبانمي أن عملية التفاوض مع الشركات الأجنبية القادرة على الاستثمار في صناعة النفط ليست بالسهولة في الوقت الراهن، خصوصا في الاشتراطات التي تضعها مقابل الدخول في تلك الدول، فالبعض يرى في تلك الاشتراطات انتهاكا للسيادة، و في حال الموافقة على تلك الاشتراطات، فإن النسبة التي تتقاضاها تلك الشركات ستكون الصخرة التي تتكسر عليها جميع المفاوضات السابقة، فالعملية تتطلب فرقا تفاوضية قادرة على المناورة والإقناع في الوقت نفسه. وذكر أن دول الحوض الأبيض المتوسط التي يكثر الحديث عنها حاليا بوجود كميات كبيرة من النفط في مياهها الإقليمية، ليست في وضع مستقر، والأزمات السياسية قائمة منذ سنوات طويلة، وأشار إلى أن الطلب على النفط في السوق العالمية يشهد نموا متزايدا، مما يتطلب زيادة في الإستهلاك، وبالتالي فإن دخول منتجين جددا يسهم في تغذية السوق العالمية باحتياجاته من الطاقة سواء النفط أو الغاز، بالإضافة لذلك فإن دخول دول جديدة في نادي الدول النفطية لا يعني قدرتها على إزاحة أو التأثير على الدول المنتجة فعليا، العملية مرتبطة بالتكلفة الإنتاجية، فعملية استخراج النفط ليست رخيصة على الدول الجديدة، بخلاف الدول التي تعمل في هذه الصناعة منذ 40 – 60 عاما، فالتكلفة الإنتاجية لديها أقل كثيرا من الدول الجديدة، حيث استطاعت استرداد الجزء الأكبر من الاستثمارات الضخمة التي ضخت في بداية دخول عالم صناعة النفط. واستبعد أبانمي حدوث ضغط على المستويات السعرية، وقال إن هذا الاحتمال غير وارد على الإطلاق، فالنمو العالمي يستوعب أي إنتاج أو فائض في السوق، لافتا إلى أن المملكة من مصلحتها وجود منتج (رديف) للنفط، فالمملكة تنتج يوميا بين 9,3 – 10 مليون برميل، فيما يصل الاستهلاك الداخلي نحو 4 ملايين برميل مكافئ، وهذه الكمية موزعة على 2 مليون برميل من النفط الخام و 2 مليون من الغاز، وبالتالي فإن التصدير الحقيقي لا يتجاوز 6 ملايين برميل يوميا، مشيرا إلى أن إنتاج البرميل الواحد الذي يزيد على 6 ملايين برميل يزيد التكلفة الإنتاجية بحوالي الضعف، فالتكلفة الإنتاجية للبرميل ضمن نطاق 6 ملايين لا يتجاوز 6 - 8 دولارا فيما يصل بعد 6 ملايين إلى 8 - 10 دولارات. وقال الدكتور تيسير الخنيزي «خبير اقتصادي» إن الاكتشافات النفطية واحتياطيات الغاز الهائلة لا تمثل تهديدا حقيقيا لدول منظمة أوبك على الإطلاق، لاسيما إذا وضعنا في الاعتبار أن الاقتصاد العالمي يشهد نموا كبيرا، مما يعني وجود طلب كبير على الطاقة لاستمرارية الأداء التصاعدي للاقتصاديات العالمية، لافتا إلى أن الخط البياني العالمي يشير إلى ارتفاع الطلب على الطاقة النفطية وكذلك الغاز في السنوات المقبلة، وبالتالي فإن دخول دول إنتاجية جديدة لا يعني التأثير على الحصة السوقية للدول المنتجة، بقدر ما يسهم في مساعدة تلك الدول على تلبية الطلب المتزايد للاقتصاديات العالمية، بمعنى آخر فإن إمكانية قيام دول حوض الأبيض المتوسط للعب دور حيوي في الاقتصاد العالمي أصبح احتمالا قائما، نظرا لما تمتلكه من موارد طبيعية يحتاجها الاقتصاد الصناعي ولاسيما بالنسبة لدول العالم المتقدم والاقتصاديات الناشئة سواء البرازيل والهند، فضلا عن الاقتصاد الصيني الذي يشهد تسارعا كبيرا في النمو على خلاف الاقتصاديات الأوروبية التي تواجه مصاعب اقتصادية كبيرة في الوقت الراهن، حيث تواجه بعض البلدان في منطقة اليورو مخاطر حقيقية تهدد اقتصادياتها، الأمر الذي فرض عليها تطبيق خطط تقشفية صارمة. ورأى أن الحديث عن تراجع المستويات السعرية بعد بدء تلك الدول العملية الإنتاجية، احتمال مستبعد في ظل المؤشرات الحالية التي تتحدث عن استمرارية النمو العالمي، مما يفرض على الدول الصناعية استيراد النفط لتحريك عجلة المصانع على اختلافها، مشيرا إلى أن الاكتشافات الجديدة يمكن أن تحدث نوعا من الاستقرار في المستويات السعرية، بيد أنها لن تسهم في تدهور الاسعار لمستويات دون 50 60 دولارا للبرميل، إذ ليس من المصلحة المشتركة للدول المنتجة وضع خطوط حمراء لتحطيم الأسعار، مما يعني أن العملية ستكون متوازنة تراعي المصالح المشتركة، بحيث لا تضر المستهلك والمنتج في الوقت نفسه. وأوضح، أن عملية تحول الاكتشافات النفطية والغازية في حوض البحر المتوسط تتطلب فترة زمنية ليست بالقصيرة، فالتحول إلى واقع ملموس يتطلب الكثير من الخطوات، مشيرا إلى