المسار التاريخي والطبيعي لكافة المؤسسات الدولية والإقليمية وحتى المحلية منها، هو مسار التطور والتبدل والتحول لمواءمة تطور العصر والأحداث والأزمنة، هذا ما حصل في كافة المؤسسات الدولية والإقليمية السياسية منها والاقتصادية، من الاتحاد الأوروبي وصولا إلى مجموعة الدول العسكرية التي شهدت تحولا وتطوراً ملحوظاً منذ تأسيسها حتى هذه اللحظة، وحده مجلس الأمن الدولي ومنذ تأسيسه إبان الحرب العالمية الثانية لم يشهد أي تحول أو تطوير وبقي رهينة للدول الخمس الأعضاء الدائمين الذين يمتلكون حقا لا تمتلكه باقي الدول، يمتلكون حق «الفيتو»، وهو حق لطالما وعبر محطات كثيرة شكل حاجزا بالنسبة للعرب ولقضاياهم وأبرزها قضية فلسطين وهو أمر أعيد تسليط الضوء عليه مع اعتذار المملكة العربية السعودية عن قبول عضويتها في المجلس المذكور، واستتبع بمطالبة بمقعد دائم للعرب أو للمجموعة العربية في مجلس الأمن. لا يختلف اثنان في العالم على أن مجلس الأمن بحاجة للتطوير والتحديث لمواكبة التطور والأحداث في العالم، إلا أن هذا التطوير والتحديث لا يبدو أن له مسلكا ثالثا غير مسلكين اثنين، الأول يسقط الثاني كما الثاني يسقط الأول، فالأول هو إلغاء حق النقض الفيتو وهو أمر مستبعد إن في المنطق أو في الواقع، فالدول الكبرى لا تضمن هيمنة الدول الصغرى، فيما الثاني هو إنصاف العرب كمجموعة فاعلة ومؤثرة وداعمة لمنظمة الأممالمتحدة ككل وذلك عبر منحها مقعدا دائماً في المجلس، إلا أن السؤال هو: كيف يمكن لهذا المطلب أن يتحقق؟ بعيدا عن موافقة الدول الكبرى واعتراضها، وبعيدا عن الحسابات الدولية وتعقيداتها، فإن البوابة الرئيسة والأساس لتحقيق هذا المطلب المحق هو بداية ونهاية في تضامن العرب وتكاتفهم وتوحدهم خلف هذا المطلب، وبالتالي توحدهم حول من سيمثلهم وعلى أي أساس سيتم التمثيل. إن التوحد العربي خلف هذا المطلب يمنحهم قوة ومناعة في الإقرار وفي جعله أولوية في إصلاح مجلس الأمن الدولي، إن العرب بما يمتلكون من قوة اقتصادية وسياسية وجغرافية وبشرية كبيرة في العالم قادرون عبر بوابة التفاهم والتوحد من فرض رؤاهم المحقة على المجتمع الدولي وبداية هذه الرؤى هو المقعد الدائم في مجلس الأمن. إن المقعد الدائم للعرب في مجلس الأمن يجعل العرب شركاء مؤثرين بالقرار الدولي، وقادرين على حماية مصالحهم مباشرة وليس بالواسطة، من هنا فإن كتابة عصر عربي جديد تكون عبر التوحد خلف مطلب الحصول على هذا المقعد. إن العرب قادرون طالما أن قضيتهم محقة لكن القدرة تحتاج بداية إلى الرغبة ثم إلى التصميم ثم إلى العمل والثبات. فهل يتمكنون؟