يعرف المسؤولون في أمانة العاصمة المقدسة أن مشكلة البيع العشوائي في حي النكاسة، متضخمة وكبيرة، ولا يمكن إغفالها، إلا أن المواطن يعرف أيضا أن المشكلة لازالت قائمة، ولم تتم إزالتها، أو حتى التفكير في علاجها. وما بين معرفة المسؤول والواقع الذي يعيشه المواطن، يبقى حى النكاسة، صورة قاتمة لم يستطع أحد تعديلها، رغم أنها قديمة منذ وقت بعيد، حسب تأكيدات كل الأطراف. وفيما يعد سوق الجمعة أحد المظاهر المخالفة والصور السوداء في الحي، يقبل الكثيرون على السوق فيشترون منه كل ما قل ثمنه وتدنت جودته، وبالطبع يقف «التمبول» الأشهر في البيع والشراء، في إطار من يروجون بأنه «كيف الآسيويين»، إذ يعد الحي الأشهر في ترويج هذه البضاعة. لكن الأمانة على لسان أحد مسؤوليها تؤكد أن بيع التمبول ليس مقصورا على النكاسة، إذ تجده في الكثير من الأحياء، متحفظا على وصف الظاهرة بالغريبة سواء في الحي أو البيع في يوم الجمعة، إلا أن الأهالي يعتبرون مجرد تفكير الباعة على ترويج نبته غير مقبول وله تداعياته ويعد من الظواهر المرفوضة التي يجب أن ترفضها الأمانة، لا أن تتحجج بأن الأمر ليس بظاهرة. ولا تقتصر المخالفات في سوق الجمعة على التمبول، وإن كان الأبرز في ظل أنه يفترض أن يباع «تحت الطاولة»، لكنه في النكاسة يباع «على عينك يا تاجر»، بالقطاعي أو بالجملة، حيث ثلاث ورقات بريال، فيما الكيلوجرام بسعر 40 ريالا، وهناك ما يسمى جوز التمبول والذي يباع الكيلو منه بسعر 30 ريالا، وهما يدخلان المملكة بالتهريب عبر الركاب، حسب تأكيدات بعض الباعة، فيما تروج بين الجاليتين البرماوية والبنغالية. ولا يعرف الأهالي ممن يسكنون في الحي السبب في بقاء المخالفات ظاهرة بلا تدخل، حتى الرقابة إن أطلت برأسها يوما، فإنها تختفي لأيام وأسابيع وربما شهور، حسب تأكيدات محمد الصبحي، إذ يتحسر على حال الشوارع الداخلية في الحي، فهي ممتلئة بالبسطات العشوائية، ولا يجرؤ أحد على إزالتها أو إبعادها لأنها أصبحت أحد معالم الحي، بما تروجه من خضروات ومواد غذائية لا يمكن توقع أسعارها الرخيصة، لذا فإن الإقبال عليها منقطع النظير. ويؤكد على هذا الحديث كل من فيصل عبدالسميع، ونور سليم من مرتادي السوق، واللذان يأتيانه من أماكن بعيدة بغرض التبضع، لرخص أسعاره، فالطماطم على سبيل المثال التي تباع في البقالات والسوبر ماركت والحلقة بأكثر من عشرة ريالات، نجدها لا يتجاوز سعرها في السوق الأربعة أو الخمسة ريالات، مشيرين إلى أن الكل يشتري المواد الغذائية بريال أو ريالين، ويمكنهم أن يوفروا لأسرهم احتياجاتها الأسبوعية بمبلغ لا يزيد على 100 ريال، وهو بالطبع يتناسب مع الكثير من الأسر محدودة الدخل، والتي لا تستطيع الشراء من أي أسواق أخرى. ويؤكدان أن السوق يمتلئ بالخضروات والمعلبات واللحوم والأسماك، والإقبال عليها كبير من بعض الجاليات. لكم مصدر الأمانة يعترف أن مخلفات السوق والحي تضاهي خمسة أضعاف مخلفات الأحياء الأخرى في المخططات السكنية بمكةالمكرمة، مما يؤكد عشوائيتها، مبينا أن بلدية المسفلة الفرعية المسؤولة عن حي النكاسة تنفذ جولات تفتيشية مستمرة للحد من ظاهرة الباعة المتجولين.