أمير تبوك يستقبل القنصل الكوري    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي في دورته الثانية للعام ١٤٤٦ه    بدء التسجيل لحجز متنزه بري في الشرقية    خارطة الاستثمار العالمي    وزير الخارجية يطالب المجتمع الدولي بالتحرك لوقف النار في غزة ولبنان    وزير الخارجية يبحث مع نظيرته الكندية العلاقات الثنائية بين البلدين    أمير الشرقية يستقبل منتسبي «إبصر» ورئيس «ترميم»    جازان: انطلاق المخيم الصحي الشتوي التوعوي    311 طالباً في جازان يؤدون اختبار موهوب 2    تعزيز التسامح في جامعة نورة    استعراض السيرة النبوية أمام ضيوف الملك    فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    "هيئة الاتصالات والفضاء" توقّع مذكرة تفاهم مع الهيئة الوطنية الهيلينة للاتصالات والبريد    عالمي خيالي    القيادة تهنئ السيد ياماندو أورسي بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية في الأوروغواي    الرياض تستضيف مديري إدارات التدريب التقني‬⁩    الاحتفاء بجائزة بن عياف    7 أجانب ضمن قائمة الهلال لمواجهة السد    تحقيق العدالة أو السير خلف جثمان القانون الدولي    الرخصة المهنية ومعلم خمسيني بين الاجلال والإقلال    بنان يوسع مشاركات الحرفيين المحليين والدوليين    الوداد لرعاية الأيتام توقع مذكرة تعاون مع الهيئة العامة للإحصاء    ملتقى الأوقاف يؤكد أهمية الميثاق العائلي لنجاح الأوقاف العائلية    الحُب المُعلن والتباهي على مواقع التواصل    وزير السياحة يستعرض الفرص الاستثمارية ويكشف عن دعم السياحة في الأحساء    الباحة تسجّل أعلى كمية أمطار ب 82.2 ملم    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على الأمير ناصر بن سعود بن ناصر وسارة آل الشيخ    أمير تبوك يستقبل وزير النقل والخدمات اللوجيستية    بعد تصريحاته المثيرة للجدل.. هل يغازل محمد صلاح الدوري السعودي؟    تعليم جازان يحتفي باليوم العالمي للطفل تحت شعار "مستقبل تعليمي أفضل لكل طفل"    قطاع ومستشفى بلّحمر يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    البازعي ل«عكاظ»: جائزة القلم الذهبي للأدب تُعزز الإبداع الأدبي وصناعة السينما    كايسيد وتحالف الحضارات للأمم المتحدة يُمددان مذكرة التفاهم لأربعة أعوام    أمير حائل يستقبل سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى المملكة    وكيل إمارة المنطقة الشرقية يستقبل القنصل العام المصري    «حساب المواطن»: بدء تطبيق معايير القدرة المالية على المتقدمين والمؤهلين وتفعيل الزيارات الميدانية للأفراد المستقلين    حسين الصادق يستقبل من منصبه في المنتخب السعودي    السند يكرِّم المشاركين في مشروع التحول إلى الاستحقاق المحاسبي    السجن والغرامة ل 6 مواطنين ارتكبوا جريمة احتيالٍ مالي واستعمال أوراق نقدية مقلدة والترويج لها    الجامعة العربية بيت العرب ورمز وحدتهم وحريصون على التنسيق الدائم معها    تعطل حركة السفر في بريطانيا مع استمرار تداعيات العاصفة بيرت    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    «العقاري»: إيداع 1.19 مليار ريال لمستفيدي «سكني» في نوفمبر    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    السودان.. في زمن النسيان    «كل البيعة خربانة»    الأهل والأقارب أولاً    مشاكل اللاعب السعودي!!    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    انطلق بلا قيود    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    111 رياضيًا يتنافسون في بادل بجازان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللاجئون ينتظرون كارثة على أبواب الشتاء
نشر في عكاظ يوم 06 - 10 - 2013

في مخيمات الموت .. ضحايا هاربون من جحيم الأسد إلى وجع الخبز والمرض، أجساد متعبة، وجوه حزينة، وعيون كسرها ذل التهجير قسرا لأناس ما عاد لهم عنوان، آلاف النازحين السوريين من حمص ودمشق وريفهما وقرى حوران التي يعصف بها النظام باتوا اليوم نهبا لسياط الجوع والمرض، يشيحون بوجوههم عن كل من يزورهم فالقوم كانوا بالأمس كراما أصحاب مال وزرع وضرع، اليوم باتوا بلا مأوى، ضعافا ينتظرون يدا من المجهول تنقذهم من هذه المأساة.
«عكاظ» دخلت مخيمات درعا للنازحين من المناطق الأخرى وسجلت روايات تشبه الخيال.. روايات تفسر معنى الجوع الحقيقي ومستوى الضياع الذي قد لا يفهم معناه بشر وهو فقط يراقب ما يسمعه ويراه من أخبار عن هؤلاء الناس عبر الشاشات.
«الغربة تضيع الأصل»
أول الحالات الصادمة كانت «أم محمد» العجوز الثمانينية التي رمت بها الأقدار في إحدى المدارس التي تحولت إلى مخيمات في بلدة اليادودة بريف درعا الغربي.
سألتها من أين أتت وكان جوابها عزيزا «وما يهمك من أين أتيت».. قلت لها إنني أستفسر عن هذا الوجه الذي يشبه وجه أمي فلانت وأجابت بابتسامة مجروحة «أنا من اللجاة».
أم محمد تعيش وحيدة داخل المخيم «لا ولد ولا تلد» كما تقول مضيفة: «لم أر أبنائي منذ أكثر من عام ذهبوا إلى ساحات المعركة مع الجيش الحر وأولادهم وزوجاتهم تشردوا ولا علم لي بهم».
أم محمد بدا أنها عزيزة قوم ذلت فهي وإن كابرت على الجوع والوجع فإن الرغيف في يدها يفضح الحكاية.. سألتها عن الرغيف فقالت إنه قوتها الذي حصلت عليه اليوم مشيرة إنها بالأمس لم تحصل على رغيف مماثل.
ترفع أم محمد رغيفها ليغطي نصف وجهها قائلة: «أبلغ العرب أن أم محمد لم تعد تطلبهم فالقلب مات لكثرة النداء».
مأساة الخبز
قصة أم محمد ووقوفها في طابور الخبز ساقتنا للحديث مع محمد غانم أحد المسؤولين عن الإغاثة فأخبرنا أن المنطقة تعاني قلة الطحين حيث لا تقدم الجهات المانحة إلى محافظة درعا سوى 10 بالمئة من احتياجات الأهالي ما يتسبب بنقص حاد في الخبز.
يضيف غانم أن بعض اللجان المحلية تقوم بشراء الطحين لتأمين الحاجة وفي حال بيعه فإن سعر الرغيف يتراوح بين 7 إلى 20 ليرة وهو فوق طاقة المواطن وقدرته على الشراء.
يتابع: حوران تنتج القمح كمحصول رئيس إلا أن النظام يسيطر على المطاحن ومخازن الطحين ويمنعها عن المناطق المحررة لتجويع السكان وإجبارهم على الخضوع.
أكباد متعبة
في بلدة المزيريب دخلنا إحدى المدارس التي تكتظ بالنازحين معظمهم من النساء والأطفال، نصحنا أحد الأهالي أن نكون حذرين لأن معظم المقيمين داخل المخيم مصابون بالتهاب الكبد الوبائي، دخلنا إحدى الغرف ليتبين لنا أن كل من هو فيها مصاب بالمرض، كانت الأجساد المنهكة ملقاة على الأرض، يقول أبو أحمد إن أحدا من الأطباء لم يقم بزيارة المكان ومعاينة الحالات منذ وقت طويل، في إحدى الزوايا فتى متثاقل يتنفس بصعوبة ولا يقوى على الكلام، معظم الحالات الأخرى كانت من الأطفال الذين تتراواح أعمارهم بين 3 و14 عاما.
سألنا الطبيب خالد العميان أحد أطباء المشافي الميدانية في المنطقة عن تلك الحالات فأجاب أن المرض انتشر في جميع مخيمات النزوح ليمتد إلى الأهالي مشيرا إلى أن الإصابات نتجت عدوى نقلها أشخاص كانوا يقيمون في مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن.
الطبيب العميان أكد لنا أن الخطر يكمن في إمكانية تحول المرض إلى حالات التهاب كبد صاعق يمكن أن تتسبب بالوفاة السريعة للمريض مؤكدا أن حالة واحدة حصلت لطفلة عمرها خمس سنوات وتسببت بوفاتها على الفور.
أحد النازحين قال إن أمراضا أخرى تصيب القاطنين في بعض المدارس المكتظة بسبب تلوث الماء وانتشار النفايات وعدم وجود المراحيض، إذ يضطر نحو 750 نازحا في مكان واحد لاستخدام مرحاض لا تتوفر فيه المياه وهوما رأيناه فعلا خلال زيارتنا للمدرسة.
التحاف السماء
خارج إحدى المدارس رأينا عائلات تبيت في العراء لا سقف يقيها لهيب الشمس، أكوام النفايات تملأ المكان فيما تنشغل بعض النسوة بالطبخ في قدور سوداء أوقدن تحتها الحطب، إذ لا وقود ولا أدوات طبخ ولا ظروف صحية.. حتى إن بعض العائلات استخدمت أكياس الخيش لتلوذ بها.
في إحدى الزوايا ينام رجل خمسيني صامت يقول النازحون إنه جاء من ريف حمص قبل ثلاثة أشهر ويبدو أنه مصاب بصدمة نفسية، حاولنا الحديث معه إلا أنه لم يستجب كان يكتفي بالنظر إلينا دون أن يبدي أية مشاعر، البعض ممن عرفه قال إنه تعرض للاعتقال والتعذيب من قبل أحد حواجز جيش النظام، وعندما خرج كان في حالة مزرية ساعده أفراد الجيش الحر على الهرب من حمص وجاؤوا به إلى ريف درعا إلا أنه بقي صامتا وكان الأمل أن يتم نقله إلى الأردن للعلاج وهو مازال ينتظر مع الآلاف لكي ينظر أحد في حالته.
صدام: نفد صبرنا
الفتى العشريني «صدام» القادم من دير بعلبة بحمص قال إن «الناس لم تعد تتحمل.. قتل وجوع وتهجير ومرض والعالم يتفرج علينا كأنه يدفعنا إلى آخر الحلول» سألناه عن قصده فأجاب: «كأن العالم يريدنا أن نعود إلى حضن بشار القاتل» مضيفا «من قال لكم إننا قادرون على التحمل أكثر، إذا بقي الحال فإننا مضطرون إلى العودة إلى بشار القاتل فقط ليتركنا نعود إلى بيوتنا».
أهالي قرى اليادودة ومزيريب وزيزون وتل شهاب حيث تتوزع مخيمات تضم نحو 10 آلاف نازح قالوا إن هناك مثل هذا العدد يتوزعون داخل المنازل حيث ما من بيت إلا ويستضيف عائلة أو أكثر، لا يكترث الأهالي لعبء النازحين بالقدر الذي يعبرون فيه عن استيائهم لعدم وجود من يلتفت إلى مأساتهم.
يؤكد حسين أحد أهالي مزيريب أن الأهالي يقتسمون مع ضيوفهم الخبز والماء والمسكن إلا أن المصيبة تكمن في أن الموارد شحيحة كما أن هناك نازحين مصابين بأمراض تتطلب العلاج وهم بانتظار فتح الحدود مع الأردن واستيعابهم في المستشفيات.
يتابع حسين القول إن فصل الشتاء قادم وإذا لم تحل مشكلة النازحين فإن كارثة ستحل بالمنطقة حيث لا يمكن توقع ماذا سيحل لهؤلاء الذين يبيتون في العراء أو داخل غرف المخيمات غير المدفأة.. مضيفا: زارنا رئيس الائتلاف الوطني بعد عيد الفطر ووعد بالنظر في أوضاعنا المعيشية ونقل النازحين إلى الأردن أو تأمين ظروف صحية وإعانات من الغذاء والدواء إلا أن شيئا لم يحصل حتى اللحظة.. وما زلنا ننظر أي مبادرة تدرأ خطر الكارثة.
مأساة النازحين في مخيمات الداخل حلقة في سلسلة حرب الرصاصة والرغيف التي رصدتها «عكاظ».. وهناك حلقات أخرى أكثرها إيلاما هي قصة أطفال سوريا الذين حرموا من تلك المدارس التي امتلأت بالنازحين وهو ما سنرويه في الحلقة القادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.