أوضح علماء وشرعيون أن ما جاء في بيان سماحة مفتي عام المملكة عن خطر منهج التكفير وما يجره من اعتداء على الآخرين ينبغي مراعاته خصوصا وأن البيان جاء شاملا في هذا الجانب، ويدعو إلى ضرورة التكاتف والاتفاف حول العلماء الثقاة. ولفتوا إلى أن التكفير يجر إلى ويلات عظيمة، مشيرين إلى أهمية الالتزام بما ورد في البيان بما يعزز من سبل النجاة. وحذر عضو هيئة كبار العلماء الدكتور عبدالله المطلق من المنهج الضال أو تكفير المسلمين الذي ينتج عنه قتل للنفس التي حرم الله، قائلا ورد في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا». واستشهد على خطورة قتل الأبرياء نتيجة الفكر الضال بقول الله تعالى: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما). شر عظيم الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الدكتور عبدالرحمن السديس أوضح أننا نعيش في زمان تموج فيه الفتن، مبينا أن المجازفة في التكفير شر عظيم، وكم ذاقت الأمة الإسلامية الويلات منه. وحذر تعقيبا على البيان الذي جاء عن سماحة مفتي عام المملكة من خطورة التكفير وما يجره من ويلات وإزهاق للدماء البريئة، منوها بأن النصوص جاءت محذرة من هذا المرتع الوخيم والمسلك المشين. واستشهد على خطورة هذا العمل بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: من دعا رجلا بالكفر أو قال يا عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه، وجاء عند الطبراني بسند صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله». وذكر أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ساروا على المنهج القويم، إذ جاء عن أبي سفيان قال: سألت جابرا وهو مجاور بمكة: هل كنتم تزعمون أحدا من أهل القبلة مشركا؟ فقال: معاذ الله وفزع لذلك فقال رجل: هل كنتم تدعون أحدا منهم كافرا فقال: لا. ولفت السديس إلى قول الإمام الطحاوي رحمه الله حيث قال: «ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله». وأشار السديس إلى أن التكفير باب عظمت فيه الفتنة والمحنة وهو يسبب الافتراق بين أبناء الأمة، وقد قال الإمام الغزالي رحمه الله: «والذي ينبغي الاحتراز منه التكفير ما وجد إليه سبيلا، فإن استباحة الدماء والأموال من المصلين إلى القبلة المصرحين بقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله خطأ». ولفت إلى قول الإمام النووي رحمه الله حيث قال: «اعلم أن مذهب أهل الحق أنه لا يكفر أحدا من أهل القبلة بذنب، ولا يكفر أهل الأهواء والبدع وغيرهم»، مبينا أن هذا المنهج هو ورع أهل السلف متسائلا كيف لمن لم يبلغ علمهم أن يطلق الأحكام بالكفر الصراح، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «فليس لأحد أن يكفر أحدا من المسلمين وإن أخطأ حتى تقام عليه الحجة ويبين له المحجة، ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل عنه ذلك بالشك، بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة». اتباع الحق إلى ذلك قال مدير عام الأوقاف والمساجد في محافظة جدة فهيد البرقي: إن البيان الذي صدر عن سماحة مفتي عام المملكة عن خطر منهج التكفير وما يجره من الاعتداء على الأنفس المعصومة وأن الأمة تمر بمرحلة خطيرة يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، نظرا للأحداث المتسارعة الخطيرة في العالم الإسلامي. وبين أن ما جاء في البيان إنما هو وفقا لما جاءت الشريعة الإسلامية به التي حذرت من خطورة الاعتداء على الأنفس المعصومة من مسلمين أو معاهدين أو مستأمنين وضرورة اتباع الحق. ولفت إلى أن خطورة ما ينتج عن التكفير من قتل بقول الله تعالى: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا مهينا)، وكذلك قوله سبحانه وتعالى: (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا). وذكر أن بيان مفتي عام المملكة جاء شاملا في هذا الجانب لكل المسائل حيث استشهد فيه بالآيات والأحاديث التي من ضمنها: قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم»، وقوله صلى الله عليه وسلم «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك للجماعة». وزاد: «الأحاديث الواردة في ذلك كثيرة، إذ ورد في البيان ما جاء عن البخاري من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة فصبحنا القوم فهزمناهم ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله فكف الأنصاري فطعنته برمحي حتى قتلته، فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أسامة أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله فقلت: كان متعوذا فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم»، داعيا إلى ضرورة التكاتف صفا واحدا والالتفاف حول العلماء. وأردف: جاء في بيان مفتي عام المملكة ذكر الأنفس المعصومة في الإسلام وهي: أنفس المعاهدين، وأهل الذمة والمستأمنين، إذ جاء عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما». وأضاف: «فعلا يجب على الجميع قراءة ما ورد في البيان حيث ورد فيه ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من تحذير من الحكم بالتكفير على شخص ليس بكافر فقال صلى الله عليه وسلم: أيما امرئ قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال، وإلا رجعت إليه». الرجوع للعلماء الباحث الدكتور رضوان الرضوان لفت إلى ضرورة الرجوع إلى العلماء وعدم إصدار الأحكام على الآخرين. وحذر الرضوان من الانتساب إلى الجماعات المتبنية لهذا الفكر التكفيري، منوها ببيان سماحة مفتي عام المملكة الذي ورد فيه خشية سماحته على من انتسب لمثل هذه الجماعات بخاتمة السوء، متمنيا الهداية لأبناء المسلمين والبعد عن الأفكار الضالة.