افتتحت صباح أمس الأول في مقاطعة قانسو بجمهورية الصين أعمال القمة العالمية الثانية لصناعة الثقافة برئاسة رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق دومينيك دو فيلبان، ومشاركة ممثلين عن أكثر من 65 دولة. وأوضح ضيف شرف الافتتاح نائب رئيس المجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو ورئيس الخطة الدولية لتنمية الثقافة العربية الدكتور زياد الدريس في كلمته، أن منظمة اليونسكو ومعها الدول ذات الثقافات والحضارات العريقة والموغلة في القدم، تكافح من أجل مفهوم الحفاظ على التنوع الثقافي الذي لأجله نشأت الاتفاقية الدولية للتنوع الثقافي، مضيفا أن الدول الأعضاء في المنظمة يكابدون من أجل عدم إجهاض هذه الاتفاقية من لدن تجار الثقافة الكونية، مشيرا إلى أن عددا من الدول من العالم العربي ومن أوروبا وآسيا وأفريقيا، تحمل لواء هذه المكافحة سعيا نحو الحفاظ على عالمنا في صورة متعددة الأطياف، وليست صورة ملونة بلون واحد فقط مهما كان هذا اللون جميلا ومبهجا، معتبرا أن زمن تثقيف السلعة انقضى وجاء الآن زمن آخر بمفاهيم وشعارات تخدم نظاما لا يترك شيئا إلا استربح منه، فهو لا يريد فقط أن يحرر السلعة من الأدلجة ويجعلها سلعة فقط، بل زاد في نزعته السلعوية إلى درجة أنه يريد أن يجعل الثقافة أيضا سلعة، ورأى الدريس أن العالم انتقل من تثقيف السلعة إلى تسليع الثقافة، والثقافة في كلا الحالتين هي الضحية، مضيفا أن الرأسمالية تساهم في عولمة الثقافة وانتشارها، لكنها للأسف تساهم إزاء هذا بصنع ثقافة متشابهة وهشة، لكنها مربحة، وهنا يكمن الصراع الذي يقلقنا بين الثقافة المنتجة للإبداع والثقافة المدرة للأرباح، وقال: «لا يطمئن قلبي إلى براءة الثقافة المقرونة بالصناعة أو التجارة». مضيفا: «إن نزعة بيع الكون وشرائه لم تقتصر على ما نأكل ونلبس ونركب فقط، بل حتى على ما نعتقد ونتذوق ونفكر ونتأمل»، وتابع: «عاشت كتلة من شعوب العالم فترة من الزمن تحت هيمنة نظام يسعى إلى تثقيف السلعة، أي حشوها مهما كانت بريئة وبسيطة وتلقائية بمفاهيم وشعارات تخدم نظاما لا يترك شيئا إلا أدلجه». واختتم الدريس كلمته مؤكدا أن هذه القمة تنعقد على أرض الصين، أرض الحضارة والثقافة والفنون التاريخية التي لا يمكن التفريط أو التلاعب بها من أجل المال، مثلها مثل الحضارة العربية الإسلامية المتينة، وكبرى الحضارات العالمية الأخرى التي لا يمكن أن تقبل التلاعب أو الاستخفاف بثقافتها من أجل شغف رأسمالي متطاول.