كشفت ندوة الحج الكبرى التي تنطلق في دورتها ال38 غرة شهر ذي الحجة المقبل، عن وصول أعداد المشاركين فيها إلى 200 مختص من كافة أنحاء العالم الإسلامي، بعد أن وجهت وزارة الحج دعواتها للمفكرين والمثقفين البارزين لتقديم أطروحاتهم وخبراتهم وأبحاثهم خلال الندوة التي ستستمر ثلاثة أيام، تأكيدا للمفهوم الشامل للحج بصفته تجمعا دينيا وعلميا للتعارف والتواصل الديني والمعرفي بين المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها. وأوضح مدير عام الندوة الدكتور هشام بن عبدالله العباس أن الندوة التي تتخذ من «فقه الأولويات في الحج» موضوعا لدورتها هذا العام تركز على الاستجابة لدعوة المملكة بتقليل أعداد الحجاج بسبب مشاريع التوسعة التي يشهدها الحرمان الشريفان، وقال: جاء اختيار هذا الموضوع ليعمم بين المسلمين والتأكيد على أهمية الأخذ به في الحج، ليتمكن الجميع من أداء المناسك بيسر وأمن واطمئنان، وتركز الندوة على إظهار العلاقة بين فقه الأولويات في العبادات والصدقات وتحقيقه ثواب الفرد وحماية الجماعة ودفع الضرر عنها، ويقلل فقه الأولويات في الحج من مشكلات الحج والحجيج وبخاصة مشكلة الزحام. وثمن متابعة وزير الحج الدكتور بندر بن محمد حجار وتوجيهاته لأن تبرز الندوة الدور الثقافي والحضاري للمملكة في خدمة الحج والحجيج وإظهار الإنجازات والمشاريع الرائدة والتطورات المتلاحقة في الحرمين الشريفين لخدمة المسلمين خصوصا في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وترسيخ مبدأ الحوار الفكري الهادئ لقضايا الأمة الإسلامية من خلال موسم الحج عبر تواجد هذه الأعداد الغفيرة من الحجيج. وأكد أن انطلاق الندوة من رحاب مكةالمكرمة وقلب العالم الإسلامي يعطيها ثباتا في بحث شؤون الحج بعد أن قاربت على الأربعة عقود من الزمان، مشيرا إلى أنها في هذا العام ومن الخلال الموضوع الذي تطرقه تبين للمسلمين من كافة أنحاء العالم أن الحكمة تقتضي مراعاة الأولويات لتحقيق مقاصد الشرع في حفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال وبهذا تتحقق للفرد سعادته وطمأنينته ويتحقق للمجتمع أمنه وسلامته واستقراره وتقدمه، مؤكدا أن فقه الأولويات هو من أهم ما تحتاجه الأمة في هذا العصر لتنظيم أداء شعيرة الحج وتيسير أدائها على أحسن الوجوه بما يحقق مقصد الشارع من تشريعها مع حفظ أمن الحج والحجيج وإظهار موسم الحج بالمظهر الديني والحضاري اللائق بدين الإسلام وبأمة محمد صلى الله عليه وسلم التي هي خير أمة أخرجت للناس. وقال: لهذا وقع اختيارنا على موضوع «فقه الأولويات في الحج» ليكون موضوع ندوة هذا العام لتأصيل مفهوم الأولويات وبيان شروطه وضوابطه وأهميته في هذا العصر الذي تكاثرت فيه الواجبات وازدحمت فيه المسؤوليات وكثرت فيه أعداد الحجيج، وليكون سببا لنشر ثقافة فقه الأولويات بين المسلمين بعامة والحجاج منهم بخاصة لتكون عونا لهم على أداء عباداتهم وطاعاتهم بوعي وبصيرة وبأمان واطمئنان. وبين أن ندوة الحج الكبرى تستضيف ثلة من العلماء والفقهاء والباحثين المتميزين ليشاركوا في تجلية هذا الموضوع ودراسته من جميع جوانبه وبخاصة فيما يتعلق منها بأداء فريضة الحج دون انغلاق ولا جنوح ولا تفريط. ولخص الدكتور العباس الأهداف الرئيسية للندوة في تأصيل فقه الأولويات وتعميقه وتعميمه بين المسلمين كحاجة علمية وعملية والتأكيد على أهمية الأخذ به. وأوضح أن الندوة تتضمن أربعة محاور الأول «فقه الأولويات .. مفهومه وأبعاده» ويندرج تحته مفهوم فقه الأولويات عامة وفي الحج خاصة وضوابطه وشروطه وأدلته ومعايير الترجيح بين الأقوال في فقه الأولويات ومسالك العلماء في ذلك وبيان وجوه الأولوية والتفاضل بين حج النفل والتصدق بتكاليفه والآثار المترتبة على تقديم حج النفل على الصدقة وبالعكس على الحجاج والمجتمع وفقه الأولويات في المفاضلة بين الصلاة في المسجد الحرام وفي مساجد مكةالمكرمة عموما في موسم الحج. والمحور الثاني «فقه الأولويات في مناسك الحج» ويتضمن أثر فقه الأولويات في تحقيق مقاصد الحج في الواجبات والسنن وأولوية أدائها وتكرار الحج وأخبار السلف في ذلك جمعا ودراسة وبيانا للحكم وبيان أحكام التوكيل في حج النفل وأثر ذلك في تيسير أداء المناسك وحل مشكلة الزحام ومراتب أداء العبادات في الحج واجبات وسننا مع ملاحظة سعة خلاف الفقهاء في أحكام المناسك وأثر ذلك وفقه الأولويات في الترتيب بين حقوق الله تعالى وحقوق العباد في المناسك فيما جاء «الآثار التطبيقية لفقه الأولويات في الحج» عنوانا للمحور الثالث للندوة ويتطرق للقواعد الفقهية في فقه الأولويات المتعلقة بالمصالح العامة والخاصة والتمثيل لها من أحكام الحج وتطبيقات فقهية واقعية في فقه الأولويات في الحج وآثارها والآثار التعبدية والحضارية لفقه الأولويات في الحج والآثار الإيجابية في أولوية حج المستطيعين صحة وزادا. وحدد المحور الرابع «جوانب تطبيقية مضيئة من فقه الأولويات في المشاعر المقامة» عنوانا له والمخصص لدراسة تاريخية واقعية لأعداد الحجاج من حجة الوداع حتى الآن وأثر توسعة المسعى والمطاف ومرمى الجمرات وتوسعة الحرمين في فقه الأولويات في الحج ودور حكومة خادم الحرمين الشريفين في ذلك ودور علماء الإسلام ودعاته في نشر ثقافة فقه الأولويات وبيان الوسائل الناجحة في ذلك ومؤسسات الطوافة ومكاتب شؤون الحجاج في تطبيق فقه الأولويات بين الحجيج والطرق الصحيحة المتبعة في ذلك. ونوه بحرص وزارة الحج من خلال الندوة على التواصل العلمي البناء مع المؤسسات والمحافل العلمية والباحثين المتخصصين في معظم دول العالم وتحقيق المزيد من التكامل والتآخي والتعارف بين أبناء الأمة الإسلامية وإرساء قواعد العمل الجماعي الموحد لأبناء العالم الإسلامي في الرد على الشبهات التي تحوم حول العقيدة والأمة والثقافة والتعريف بإنجازات الوزارة لخدمة الحج والحجاج وذلك إسهاما منها في تنفيذ سياسة الدولة الهادفة لتقديم أفضل الخدمات للحجاج والعمار والزوار. وعد ندوة الحج الكبرى أحد تقاليد الوزارة لإبراز مفهوم هذا المنسك العظيم ولارتباط المسلمين بمكةالمكرمة منذ بزوغ فجر الإسلام إلى الوقت الحاضر مما جعل لها تأثيرات ثقافية قيمة، وحرصها على تهيئة وتنظيم تلك اللقاءات العلمية والثقافية عبر هذا المحفل الإسلامي وتوفير متطلباتها بشكل دائم ومستمر، بهدف إتاحة الفرصة لكافة المهتمين والمتخصصين في العالم الإسلامي للقاء فيما بينهم وتدارس ومناقشة القضايا المختلفة ذات الصلة بالحج التي تهم المجتمع الإسلامي في كل أرجاء العالم وتبادل الخبرات والتجارب لمواجهة الأخطار التي تهدد العقيدة والأمة والثقافة.