قبل سنوات، حضرت دورة للدكتور جاسم المطوع وكانت بعنوان «حياتي الزوجية مصارحة أم مصارعة». أكون صريحا معكم بأني لم أتفاجأ من العنوان لأنه لامس عين الحقيقة. وتعالوا معي لنستعرض هذه العناوين الآتية: فعندما تقول الأم لابنتها «اتغدي بيه قبل ما يتعشى بيك» عندها ستشحن البنت وتأتي إلى زوجها وكأنها قنبلة موقوتة ولربما من أقل كلمة اشتعلت النار وحينها لا نعلم ماذا سيكون. وعندما تقول أم الزوج لابنها «ما شاء الله شايفتك تكثر من التغزل فيها»، أو «انتبه لا تأخذ عقلك وتمشيك على (العجين)» وغيرها من عبارات تؤجج المشاعر وتوقد اللهب، والضحية وبلا شك.. الزوجان. وعندما تستمع إلى حوارات الشباب حول الزواج ستظن أنهم ولوهلة يتحدثون عن معركة ضروس ستقع في ذلك المنزل الوديع، فكلها كلمات تحد ووعود بالتصدي ونوايا سيئة لبيئة يفترض بأن تكون خالية من مثل هذه الترهات. ولا تسألني عن عالم البنات، فتجدهن أيضا يتشاحن ويصدرن الوعود تلو الوعود بالتمرد وعدم النكوص وكأنها معركة طاحنة ستدور رحاها في ذلك العش الأبيض البريء. وإذا كانت تلك هي التصورات عن الزواج، وتلك الوعود المستبقة والمشحونة بالكثير من الرواسب فكيف لنا أن ننتظر بيتا سعيدا مبنيا على الحب والرحمة، وتعشعش في أركانه السكينة، وترفرف في سماواته المودة، ويحتويه الوئام الأبدي. لم يخطئ الدكتور جاسم عندما اختار هذا العنوان لتلك الدورة، ففعلا تحولت بيوتنا إلى قنابل موقوتة. فيقول الدكتور جاسم إنه فرق بين زوجين لأن الزوج لم يجلب لزوجته (فطيرة لبنة بالعسل) وفرق بين زوجين لأن الزوجة لا تود أن تستاك بالفرشاة والمعجون، وفرق بين زوجين لأن الزوج يقول إن زوجته صوتها عال، فما هي أسباب مثل هذه النماذج سوى الأفكار الممتلئة بالشحناء والبغضاء التي حولت مفهوم الزواج إلى مقاصد أخرى لا تمت لقداسة تلك العلاقة.. الزواج عالم راق، والنبي صلى الله عليه وسلم اختصر جمال الدنيا في هذا الحديث عندما قال (الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة). حمد الكنتي