تعيش معلمات المناطق النائية في المدينةالمنورة حياة عملية شاقة تبدأ فصولها يومياً من الساعة الثالثة فجراً وتنتهي الخامسة عصراً يقطعن خلالها المئات بل آلاف الكيلوات في طرقات يحفها الخطر من كافة النواحي، مقدمات أرواحهن وسلامتهن مقابل إيصال رسالة التعليم السامية للطالبات. نورة العروي «معلمة في قرية المليليح» تقول: أنا أم لطفلين وزوجي يعمل في الأمن العام ولا يستطيع إيصالي للمدرسة في القرية النائية التي أعمل بها ما اضطرني ومجموعة من المعلمات للتعاقد مع سائق مسن يأتي لأخذنا منذ الساعة الثالثة فجراً وفي كل يوم نتوجه به إلى مدراسنا نشعر بخوف شديد من مخاطر الطريق وقصص الحوادث المأساوية التي تقع فيها. وأضافت: تدفع كل معلمة للسائق 1000 ريال شهرياً ونحن مضطرات لذلك ولا نفاصله في الأمر لأننا سنخسره رغم سرعته الزائدة من أجل إيصالنا قبل السادسة والنصف. واشتكت سميرة الزهراني «مديرة مدرسة» من ندرة السائقين المؤهلين لنقل المعلمات الى المناطق النائية فأغلبهم مسنون متقاعدون يجدون في نقل المعلمات وظيفة مربحة لهم، فلو أخذ ما يقارب 10 معلمات فإنه يجني بالشهر 10000 آلاف ريال، وما يميزهم هو حضورهم في الوقت والتزامهم بذلك، ولكن ما نأمل فيه نحن المعلمات المغتربات عن مدينتنا هو توفير مركبات آمنة لنقلنا لمدارسنا في القرى بدلا من تهور السائقين وجشع البعض منهم. وتقول المعلمة سارة الخلف: نكاد أن نطير من الفرح عند وصولنا الى مدارسنا ومنازلنا في نهاية الدوام، فنحن لدينا أسر ولا نستطيع العيش في القرية لأجل العمل وقبولنا بالسائق أمر لا بد منه، وإن كان البعض لا يستحق، فعدم وجود وسائل نقل آمنة يؤرقنا نحن المعلمات كثيراً وينعكس ذلك على عطائنا الوظيفي فيظل فكرنا مشتتا بين السائق والقرية والوظيفة وفي نهاية الدوام نظل في خوف من عدم حضور السائق. جواهر الحربي معلمة في مهد الذهب تقول: مسافات الطرق الطويلة ووعورتها تجعلنا في حالة نفسية مزرية قبل وبعد الدوام اليومي ونظل في شتات من أمرنا إلى أن نصل، فالسائق ليس مؤهلا جيدا فأغلبهم من كبار السن ويعانون من ضعف النظر ما يجعلنا في حالة خوف لا تنتهي إلا بوصولنا الى المدرسة تاركين خلفنا أهلنا وأولادنا ولا نعلم ماذا سيحل بنا أو بهم وما يزيد الوضع سوءا وجود سائق متهور يقطع 100 كلم في نصف ساعة تنتابنا خلالها حالة نفسية سيئة تمنعنا من التحدث مع بعضنا البعض باستثناء الدعاء وقراءة القرآن الكريم. وطالبت وزارة التربية والتعليم بإقرار مشروع عام للنقل المدرسي حتى لا ينشغل تفكير المعلمة بالطريق وقائد المركبة بدلاً من تفكيرها في كيفية التميز الوظيفي من خلال أداء رسالتها التعليمية والتربوية على أكمل وجه.