يوارى جثمان صاحب السمو الملكي الأمير مساعد بن عبدالعزيز يرحمه الله الثرى اليوم في مقبرة العود وسط مدينة الرياض بعد الصلاة عليه في جامع الإمام تركي بن عبدالله، وبذلك تودع الأسرة المالكة والشعب السعودي رجلا عظيما قضى حياته في الزهد والتفرغ للعبادة والعيش في ربيع القرآن الكريم. الأمير الراحل عاش كفيف البصر لكن الله أنعم عليه بالبصيرة، كما وصفه نجله الأمير عبدالرحمن بن مساعد في قصيدة رائعة قبل سنوات (مبصر يا بوي لو كف البصر **** بك بصيرة يرتجف منها الظلام)، وقد حرص سموه خلال سني حياته على تربية أبنائه على المحافظة على الصلاة والعناية بتلاوة القرآن الكريم وحفظه، الأمر الذي ترك أثرا بالغا في حياتهم. وعن ذلك، ذكر نجله الأمير عبدالله بن مساعد في كتابه (ألف ميل في خطوة) «الصلاة هي المدرب الأكبر على أهمية الوقت، كان وجودي مع والدي قبل عشر دقائق من الصلاة أمرا حتميا لا يقبل الجدل، إن حدث شيء أعاقني عن الوصول في الوقت المناسب كان علي أن أتحمل نتائج هذا التأخير لأنه لا شيء عند والدي أهم من الصلاة في أوقاتها، الوالد هكذا مع جميع أبنائه». وأضاف «إذا انتهت الصلاة فالفترة بين العصر والمغرب وبعد صلاة الفجر في رمضان لتلاوة القران، كنت أجلس في مكان وشقيقي عبدالرحمن في مكان مقابل، ويجلس الوالد بيننا ثم يطلب منا أن نبدأ التلاوة، إذا أخطأت أو أخطأ عبدالرحمن انبرى الوالد لتهذيب لغتنا غيبا». وزاد «أحيانا كان رمضان يهل في الصيف فيطول الوقت بين العصر والمغرب إلى ثلاث ساعات كنا نقضي كل دقيقة منها في قراءة القران وهذا خلاف قراءة كتب الحديث والتفسير بعد صلاة العشاء طوال أيام السنة، في رمضان بعينه ختمت وشقيقي القران 11 مرة». كما استعاد الأمير عبدالله بن مساعد بعضا من الصورة التي لازالت عالقة في ذاكرته عن والده يرحمه الله بقوله «كثيرون تركوا الرياض بعدما هدد الرئيس العراقي صدام حسين بضربها بالصواريخ الكيماوية، أمي تخاف علينا بدون صورايخ لذا عندما سمعت أن آخرين ذهبوا إلى جدةومكة جاءت إلى والدي واقترحت عليه الذهاب إلى مكة بضعة أيام إلى أن تهدأ الأمور، حينها رفع والدي رأسه إليها وقال بهدوء (لو لم أكن في الرياض وسمعت أن هناك من كان يريد الاعتداء عليها كنت عدت إليها فورا)». وأضاف «أبي قليل الكلام ولا يلقي علينا دروسا في الوطنية لكن ما سمعته منه في تلك اللحظة يعلم الإنسان كل الوطنية في العالم، هذه الصورة حية دائما في خاطري، والصورة الثانية التي تبرق في ذاكرتي من حيث لا أدري هي صورة والدي يدعو لنا في السجدة الواحدة من صلاة الوتر كل يوم أكثر من عشرين دقيقة». كما أكد الأمير عبدالله بن مساعد أن والده الراحل كان متاحا له أن يتولى المناصب ويتقلد المهام لكنه لم يكن يعبأ بأمور الدنيا وأحوالها وقال «والدي غني بألف ريال، ليس عنده سيارة ولا يحمل ساعة ولا يشتري لنفسه شيئا».