يجتمع أهالي حارات وأحياء مكةالمكرمة شيوخا وشبابا في (برزة العيد) المكان الذي يعدونه بمساهمة سكان الحارة للاحتفال بمراسم عيد الفطر السعيد وتبادل التهاني خلال الأيام الثالثة الأولى، «عكاظ» تروي تطور هذه الكرنفالات السنوية في حكايات ممارسيها من أهل مكة بين الماضي والحاضر. بداية، قال العم سراج (70 عاما) إن «البرزة هي المكان الذي يشيده رجال الحارة في بقعة ظاهرة، إما في مدخل الحي أو في أبرز مكان فيه، وتشبه في بنائها المخيمات، ويتم تجهزها من الداخل بالسجاد لفرش الأرض وجلستين عاليتين توضعان بمدخلها بشكل متقابل ليجلس عليهما كبار السن من أعيان الحارة لاستقبال المهنئين من الأهالي، والضيوف الذين يأتون إليهم من الحارات الأخرى». وأضاف: «كل حارة تخصص برزة ليجتمع به رجالها كبارا وصغارا بعد صلاة العيد إلى الضحى ومن العصر إلى منتصف الليل؛ لتبادل التهاني والحديث والتسامر مع بعضهم في الثلاثة الأيام الأولى». وعن الطقوس التي يمارسونها سنويا في برزتهم، ذكر العم حسن أن المقتدرين من سكان الحي يتقاسمون ثمن بنائها وتجهيزها، وتكاليف الاحتفال من مشارب وحلوى وغيره، ويقومون بتسليمها لرجل أو مجموعة من الشباب المسؤولين عن برنامج المعايدة في الحارة، الذين يشرعون في إعدادها لليلة العيد أو قبل ذلك بيوم أو يومين، في الماضي كان أبناؤهم وبعض الصبان ممن يعملون لديهم هم من يقومون بخدمتنا وضيافتنا، وعلى مرور الأيام أخذت بعض الحواري تستأجر قهوجيين لهذا الغرض، ومنهم من يكتفي بثمن بناء «البرزة» والجميع يتعاون بجلب ما تيسر لهم من الأكل والشرب والضيافة من بيوتهم. ومن جهتهم، أوضح ل«عكاظ» عدد من شباب حي المسفلة، الطندباوي، الشوقية، الستين، أن هذه العادة ما زالت تمارس إلى الآن في أغلب حواري مكة القديمة، كما نقلها بعض السكان إلى الإحياء والمخططات الحديثة، ولم تختلف فكرة «برزة العيد» والغاية منها عن نهجها العتيق الذي تعلموه من آبائهم وأجدادهم، فقد أدخلت عليها بعض الأمور الحديثة التي لم تكن موجودة بالماضي، من البرامج الترفيهية والاجتماعية والثقافية لتسلية الحضور كالشعر والغناء والعزف وممارسة بعض الفنون والرقصات الشعبية الفلكلورية وفنون الجاليات العربية والأجنبية من سكان الحي، واستقطاب فرق الإرشاد الديني والعروض المسرحية الهادفة، بالإضافة إلى الألعاب الحديثة التي ينشغل بها الأطفال.