في روايته الجديدة «منخفض الهند الموسمي»، والتي تحولت إلى مسلسل بعنوان «موجة حارة»، يعود الكاتب أسامة أنور عكاشة إلى الأدب المقروء مسقط رأسه الأدبي، بعد نصف قرن قضاها مهاجرا إلى أرض الدراما ليسجل من خلال الرواية تشابك العلاقات الاجتماعية التي طرأت على المجتمع في السنوات الأخيرة، ومارس هوايته في الغوص في أعماق وجذور شخصياته التي اختارها معبرة عن الواقع والحياة التي تعيشها، وكأنه يرصد تلك التغيرات، ويرقب هذه الأمراض الاجتماعية التي نقشت بين طبقات معينة، مازجا رؤيته في إطار درامي مشوق. ويرصد المسلسل التمهيد المنطقي لأحداث 25 يناير عبر رصد حالة الفساد والانهيار الاجتماعي في مصر، وتغوص مشاهده في عمق القضايا الاجتماعية الشائكة كالخيانة الزوجية، وسوق النخاسة متجاوزا التقاليد بنبشه ملفات العلاقات المحرمة، ويرافق مسلسل «موجة حارة» منذ بدء عرضه جدل واسع بعد أن كتب على تتراته عبارة للكبار فقط في بادرة غريبة لم تحدث لمسلسل مصري من قبل، حيث يزخر العمل بالألفاظ الخادشة الصادمة، وهو في النهاية جزء من الانفلات الرقابي في مسلسلات هذا العام بصرف النظر عن حجج المصطلح العلمي الذي يتحدث عنها البعض، فما يصلح للأدب المقروء قد لا يلائم الشاشة الصغيرة، وإن كان أكثر ملاءمة للسينما. تدور أحداث مسلسل «موجة حارة» حول عائلة «العاجاتي» التي توفي الأب فيها وسيطرت الأم عليها وهي لديها ولدان الأول ضابط شرطة في مكافحة الآداب يتعرض للمشاكل في عمله بسبب أسلوبه العنيف وتتغير معاملته لزوجته، والثاني شاب ثوري يساري يتسبب في المشكلات لشقيقه ولعائلته، وتجمع الأسرة علاقات عديدة بأسر منها أسرة حمادة غزلان الشهير بتجارته المثيرة للشبهات. والعمل من بطولة الفنان الأردني إياد نصار، بالإضافة إلى وجوه مصرية شابة منهم رانيا يوسف وصبا مبارك وأخرجه محمد ياسين وشاركه فيه محمد خان وعمر عبدالعزيز، أما المقدمة والنهاية فهي عبارة عن موسيقى فقط وضعتها السورية ليالي واطفة في أول مشاركة لها في الدراما المصري، يقدم إياد نصار شخصية ضابط الشرطة (العجاتي) بشكل يذكرنا بشخصية هشام التي قدمها الراحل أحمد زكي في فيلم زوجة رجل مهم الشخصية المتسلطة التي تشعر بالزهو والغرور الذي يعميها عن حقائق كثيرة، وهو ما يدفع زوجته لخيانته قبل أن يكتشف ذلك ويقرر قتلها فتسبقه وتنتحر، حيث كانت الظروف المادية سيئة، وراتب الزوجلا يكفي طموحاتها ولا تعليم ابنتها شذى.. شكل آخر من قيم غريبة وتحول اجتماعي يرصده المسلسل، ورغم جرأة العمل يظل به نكهة الراحل أسامة أنور عكاشة، حيث العلاقات الاجتماعية المتشابكة ورصد التحولات علي الشخصية المصرية والفترات التاريخية التي تمر بها بصورة تشبه التاريخ الدرامي المختلط بنكهة أدبية واضحة.. ويكفي أن آخر أعماله قد تنبأ بما حدث بعد ذلك بفترة قصيرة ولو بشكل غير مباشر.