ينتظر العديد من الشباب على قاطرة الوظيفة على أحر من الجمر، ويؤكدون أن التزاماتهم الأسرية وطموحاتهم تفرض عليهم بإلحاح البحث عن وظيفة حتى يهربوا من شبح العطالة. وفي الوقت الذي أوضح فيه مدير عام صندوق تنمية الموارد البشرية أحمد المنصور الزامل عن جهود الصندق في توظيف الشباب، فإن الباحثين عن عمل أوضحوا أنهم ملوا الجلوس على دكة الانتظار وأن الكثيرين منهم يحملون هموم إعالة أسرهم، فيما نجد البعض يبحثون عن الاستقرار الأسري بالزواج ولكن ضيق ذات اليد يجبرهم على اللهث بحثا عن الوظيفة التي تتواءم مع طموحاتهم. وأجمع عدد من الشباب على أن المشاريع الصغيرة مثل افتتاح بوفية للسندوتشات أو محل للمفاتيح أو غيرها من المشاريع الصغيرة لا تتطابق مع طموحاتهم الكبيرة في الاستقرار الأسري. وفي السياق، يروي عبدالله الحامد من خلال تجربته الشخصية في البحث عن وظيفة أن هذا الحلم أصبح مستحيلا حتى لخريجي التخصصات الدقيقة كالحاسب ونظم المعلومات وأقسام الهندسة والقانون، وقال عن ذلك: هذا ما لمسته من معاناة أصدقائي الخريجين منذ سنوات والذين لم يجدوا وظائف شاغرة كانوا يحلمون بها. ويقول عبدالله: مشكلة البطالة التي يواجهها الشباب أصبحت يقينا لدى الجميع، فأصحاب العمل يطلبون الخبرة مقابل رواتب زهيدة، كما أن القطاع الخاص أصابته التخمة والاكتفاء منذ زمن بعيد، حيث تقابل ملفات التقديم بالركود ثم ترمى في النفايات، وقد سمعت أن بعضها كان مصيرها سوق الحراج بعد بيع دواليب ووحدات الأدراج الخاصة بالإدارات الوظيفة وهي مكدسة بملفات شخصية لطالبي العمل. واستطرد بقوله الحقيقة إن أي شاب يتخرج في هذه الفترة من أي كلية قد يكون درس بها على حسابه الشخصي أصبح بعد التخرج يفكر بالسفر إلى الخارج للعمل ومواصلة الدراسة أو حتى الاتجاه للدول الخليجية التي فتحت أبوابها للجميع بمختلف التخصصات والأعمال وبرواتب وحوافز مغرية ومستقبل زاهر كدبي وباقي الإمارات، وهو الهاجس الذي يدور اليوم في ألباب الشباب. من جهته، يؤكد أحمد أبو غالية وجود أزمة في سوق العمل، إذن لا بد من تضافر الجهود للخروج بمسودة تطمئن الشباب أن مستقبلهم الوظيفي واعد، خاصة من موجة الغلاء وارتفاع إيجارات المساكن والتعليم والعلاج والمأكل والملبس فقط دون إضافة إلى ذلك تسديد الديون المتراكمة لتكاليف الزواج والحالات الطارئة والضرورية التي تلزمهم كرجال وأرباب أسر، وكل هذه الظروف تجبر الشباب أن يبحثوا عن عمل إضافي لرفع المستوى المعيشي وتحسين مدخول الأسرة. ويضيف أبو غالية: من أصعب الأمور عدم وجود وظيفة في ظل ارتفاع الأسعار في كل شيء في المواد الغذائية وإيجارات المساكن والعلاج، مع قلة الموارد المالية لأصحاب الدخل المحدود، وأصبح الخلل بين طرفي الموازنة بين الصادر والوارد، والمصروف والمدخول، كما غدا رب الأسرة عاجزا أمام العقبات الاقتصادية التي يواجهها، ويبحث باستمرار بنفس الاتجاه جنبا إلى جنب مع الشباب المتخرج لأن المشكلة واحدة والأزمة شملت الجميع، وليس أمامهم إلا العمل الحر وإنشاء المشاريع حتى ولو كانت صغيرة وهي من المؤكد مشاريع بسيطة كفتح محل حلاقة أو بقالة أو بوفيه للسندويشتات لا يكاد ريعها يسدد قيمة الإيجار وراتب العمال وثمن المؤنة، وحتى تلك المشاريع الصغيرة تحتاج إلى رؤوس أموال قد لا تتوفر مع من يفكر فيها، وليس كل مواطن لديه الإمكانيات لعمل المشاريع من حيث التكاليف، وصعوبة الإجراءات والأنظمة كمشكلات استقدام العمال الأجانب وأصحاب العقارات، وعدم تسهيل القرارات وتنفيذها، كذلك عدم دعم الإدارات الرسمية ومكاتب العمل للشباب المبتدئين في الأعمال والحياة العملية، وصعوبة القروض البنكية وصندوق الموارد البشرية كلها أسباب أدت إلى زيادة نسب الشباب العاطلين عن العمل، كما أن مكافاة حافز ذات شروط تعجيزية تنفر المسجلين فيها وتقطع عن المحتاجين إليها في نصف الطريق إذ لا تستمر إلا عاما واحدا ليبحث المتقدم عن عمل غير موجود أساسا، ولا يعد حافز بديلا مناسبا عن راتب الموظف المسؤول عن عائلة وأطفال بحاجة إلى مصاريف كثيرة. واقترح أن يقدم حافز خدماته بشكل أفضل للمواطن والمواطنة السعودية التي هي أيضا تبحث عن عمل وتشارك نفس المشكلة والظروف الصعبة، كما طالب مكتب العمل بتوفير وظائف حقيقية للشباب وانتشالهم من عواقب الفقر وتوفير القروض البنكية ومساعدة بنك التسليف وصندوق التنمية لدعم أبناء الوطن. ومن وجهة نظر الحسين المحضار (طالب جامعي) أن التركيز يتوجب أن يكون على الدراسة التي تناسب فرص العمل ومتطالبات إدارة الأعمال والاحتياج الوظيفي والمهني للقطاعات الحكومية والخاصة، ويضيف الحسين بقوله: صحيح أن الوظائف أصبحت شحيحة لبعض التخصصات التعليمية وتكاد تكون معدومة في بعضها ولكن يجب التفكير في المستقبل المهني وتغيير زاوية النظر إليه ومحاولة تغيير الواقع إلى الأفضل والمناسب لموافقة مستخرجات التعليم لمتطلبات سوق العمل والاحتياج الوظيفي لأصحاب الشركات والمؤسسات العامة والخاصة، فالمجتمع بحاجة إلى كوادر سعودية مؤهلة للعمل في مجالات جديدة تناسب التطور والنقلة الاقتصادية الحديثة، وشغل ثغرات النقص في المجالات العلمية والتكنولوجية التي تساير العصر وتحتاج إليها فعلا المنشآت الحديثة والمصانع وشركات البترول والمواد الثقيلة. وأضاف: نحن في زمن التطور والتكنولوجيا والإنترنت فقد فتحت هذه الوسائل آفاقا عالمية للبحث والعمل من خلال الشبكة العنكبوتية المتصلة بكل ما هو جديد للدراسة والعمل، وقد يناسب الكثيرين في تنمية مؤهلاتهم واكتساب الدورات العلمية لرفع المستوى العلمي للمتقدم للتوظيف، ومناسبة مؤهلاته للوظائف المرغوبة ومهامها الوظيفيةحتى لا يصابون بالفشل وخيبة الأمل. من جهته، أكد رئيس مجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية ورئيس غرفة جدة محمد عبدالقادر الفضل في تصريح له، بعد توقيع الغرفة التجارية الصناعية بجدة وصندوق تنمية الموارد البشرية على مذكرة تعاون لتوطين الوظائف وزيادة نسبة السعودة في القطاع الخاص، على تنفيذ المسار المتخصص في مركز التدريب بالغرفة وتنفيذ بعض البرامج التدريبية بالتنسيق مع المعاهد التدريبية الأهلية من خلال آلية التدريب المنتهي بالتوظيف، وأشار إلى أن الغرفة تقوم بتزويد فرع الصندوق بالمنطقة ببرامجها التدريبية التي تعتمد تنفيذها بعد أن تعتمدها اللجان المنبثقة عن الغرفة. وأوضح مدير عام صندوق تنمية الموارد البشرية أحمد المنصور الزامل أن الصندوق سوف يقوم بدعم البرامج التدريبية حسب آلية الدعم المعتمدة واعتماد آلية المسار المتخصص وفق ما ورد في المذكرة إلى جانب اعتماد الغرفة لتقديم خدمة مساعدة المنشآت في تجهيز ملف الدعم وخدمة الغرفة لمساعدة المنشآت في متابعة الدعم إلى جانب تقديم خدمة الإرشاد المهني وتحديد الميول لطالبي العمل في المسار المتخصص.