لا تقتصر أعمال الخير في شهر رمضان المبارك، على إعداد وتنظيم موائد الرحمن لإفطار الصائمين في الحرم النبوي الشريف، بل يمتد طلب الأجر والصواب إلى توزيع وجبة السحور على المعتكفين والمعتكفات وزوار مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث تصطف عشرات المركبات في العشر الأواخر من الشهر الفضيل تحمل أصنافا من المأكولات والعصائر، لتوزيعها على المعتكفين قبل أذان الفجر، حيث يتخذ فاعلو الخير من مواقف المركبات القريبة من المسجد النبوي الشريف مكانا لتجهيز الموائد، فيما يلجأ، بعض المعتكفين بالحرم النبوي الشريف إلى دفع مبالغ مالية لبعض الأطفال في ساحة الحرم لجلب وجبات غذائية من المطاعم الواقعة في محيط المنطقة المركزية بمقابل مادي، فيما تقدم بعض المطاعم وجبات غذائية مجانا للمصلين وبعد المعتكفين مقدمة من فاعلي الخير. أوضح ل«عكاظ» خورشيد علي أحد العاملين في مطعم بالقرب من المنطقة المركزية بالمدينةالمنورة، أن عددا من فاعلي الخير يتفقون مع المطعم الذي يعمل به لتقديم وجبات غذائية على المعتكفين داخل المسجد النبوي، حيث نقوم بتوزيع كميات الطعام على الأشخاص المستهدفين في مواقف الحرم السفلية. وأضاف: «جرت العادة في كل عام على تقديم مثل هذه الوجبات وبعد الانتهاء نساعد في نظافة الساحة من بقايا الطعام». خدمات إرشادية متميزة من جهته، قال المواطن خالد القصير من منطقة الرياض: «قدمت إلى المدينة للاعتكاف خلال العشر الأخيرة من رمضان، ولمست خدمات إرشادية وتوعوية مميزة من قبل رئاسة المسجد النبوي الشريف تدعو المعتكفين إلى احترام المكان والزمان والحرص على عدم مضايقة المصلين والزوار». وأضاف القصير: «رئاسة الحرم النبوي الشريف على علم بدخول بعض الأطعمة داخل الحرم، لكنها تسمح للبعض بإدخال بعض الوجبات الغذائية، ونشاهد بعض الأطفال يحملون مأكولات تخص بعض المعتكفين الذي يسددون مبالغ مالية لجلبها من المطاعم». خشوع وراحة نفسية من جهته، قال المعتكف سعيد طليحان إن المسجد النبوي يشهد في العشر الأواخر من رمضان تزايد أعداد المعتكفين من جنسيات مختلفة هدفهم كسب الأجر وعملا بالشعيرة التي حث عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: «يلهج لسان المعتكفين في هذا الشهر الفضيل بالدعاء بالمغفرة والرحمة وذكر الله، خاصة وأن المعتكف يشعر في هذه الأيام بالراحة النفسية والسكينة، والجميع يلتزم بتعليمات الرئاسة العامة فيما يخص أماكن الاعتكاف وعدم حمل أية أغراض من شأنها التشويش على المصلين». وذكر محمود عمرو «مصري»، أن مشاعر السكينة والخشوع تغمر فؤاده خلال تواجده في المسجد النبوي الشريف، وقال: «أجد نفسي خاشعة خلال العشر الأواخر من رمضان، وأدعو لأخوتي في مصر أن يفرج همهم ويقيهم شر الفتن الظاهر منها والباطن». من جهته، اعتبر كل من أرشد خالد «باكستاني»، سعد العوفي وحسين المغذوي أن الاعتكاف له فضل كبير خاصة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث تدمع عيون المعتكفين في نهاية رمضان حزنا على فراق الشهر الفضيل شهر الخير والبركات. العناية بالزوار والمصلين وأوضح ل«عكاظ» مدير العلاقات العامة والإعلام بوكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي الشريف عبدالوهاب حطاب، توظيف خمسة آلاف موظف وموظفة رسمي ومؤقت لخدمة مرتادي الحرم النبوي سواء من المعتكفين أو زوار ومصلين، وبين حطاب تهيئة المسجد ومرافقه منذ وقت مبكر، بدءا من فتح الأبواب وحراستها ونظافة المسجد وساحاته وتوفير السجاد وتوفير ماء زمزم المبرد وتشغيل الإنارة والتكييف. وأضاف: «تركز الخطة كذلك على العناية بالمصلين والزوار والمعتكفين وتلبية كافة احتياجاتهم داخل المسجد النبوي من خلال تنظيم حركة دخولهم وخروجهم، فضلا عن توفير عربات ومقاعد متحركة لذوي القدرات الخاصة، واستدعاء الإسعاف في الحالات الطارئة، وحفظ المفقودات وإرشاد التائهين وغيرها من الخدمات». وبين حطاب أن الخدمة تتضمن كذلك الدعوة إلى الله من خلال التوجيه والإرشاد الديني للزوار والمصلين بالحكمة والموعظة الحسنة وزيادة الدروس العلمية التي تعنى بالعقيدة الإسلامية، والإجابة على الاستفسارات المتعلقة بالعبادة وآداب زيارة المسجد النبوي عبر الاتصال المباشر أو من خلال هواتف الإفتاء في مواقع متفرقة من المسجد. وقال: «تحرص الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي الشريف بالمدينة على استمرار توعية المعتكفين للاهتمام بتنفيذ التعليمات، حيث يتم توزيع المطويات على المعتكفين ييتضمن بعض النصائح والإرشادات وأهم أرقام هواتف للضرورة، فيما تشكل إدارة خدمات الأبواب لجنة تعمل على مدار الساعة مهمنها متابعة أوضاع المعتكفين واستقبال ملاحظاتهم والعمل على إنهائها بشكل عاجل». 8 آلاف معتكفة وفي ذات السياق أوضحت مديرة التوجيه والإرشاد بالقسم النسوي بالمسجد النبوي الشريف الدكتورة بركة بنت مضيف الطلحي، أن عدد المعتكفات مع بداية العشر الأواخر من هذا الشهر يصل إلى ثمانية آلاف معتكفة ويستمر اعتكافهن حتى ليلة العيد وفق ضوابط منظمة وشروط تمنع استغلال الأماكن ومضايقة المصليات. وقالت الطلحي: «يتم تزويد المعتكفة ببطاقة مختومة توضع على حقيبتها يوضح فيها تاريخ الدخول ورقم البطاقة التي زودت بها المعتكفة عند تسجيل بياناتها»، وقالت: «تم تحديد القسم الغربي بأكمله للمعتكفات ويقوم عدد كبير من المرشدات والمراقبات على خدمتهن طيلة فترة الاعتكاف». وبينت الطلحي، أن الشروط والتعليمات الخاصة بالاعتكاف في قسم النساء تقتضي المحافظة على نظافة المسجد وتحاشي إزعاج المصلين والالتزام بالجلوس في الموقع المخصص للاعتكاف في الجهة الغربية من المسجد النبوي والابتعاد عن تعليق الملابس على دواليب المصاحف والحذر من وضع الأغراض الشخصية فوق فتحات التكييف أو في صناديق الأحذية أو بين الصفوف وعدم النوم أو الجلوس بين الصفوف أثناء صلاة التهجد في أماكن الصلاة وضرورة إنهاء الاعتكاف بعد صلاة العشاء مباشرة من ليلة العيد».