يحظى الأذان في الحرم المكي بطابع خاص في قلوب المعتمرين، إذ يتذكرون به بعد عودتهم روحانية المكان. هذه الوظيفة والتي يحرص فيها المؤذنون على رفع كلمة الحق والتناوب فيما بينهم يعمل عليها 61 مؤذنا، 3 منهم عينوا حديثا، إذ يعمل المؤذنون في وظائف مختلفة فمنهم قرابة 6 يعملون في المجال التربوي ما بين معلم وعضو هيئة تدريس فيما يعمل الآخرون في أعمال متفرقة وبعضهم من كبار السن متقاعدون عن عملهم الحكومي. هؤلاء المؤذنون متخصصون في ضبط أوقات الصلوات الخمس في المسجد الحرام ويطلق عليهم بذوي الأعناق الطويلة، وجميع من في الحرم بل وأهل مكة عبر شاشات التلفزة ينتظرون نداءهم من على المكبرية المواجهة للحجر الأسود لأجل الإفطار. ويتكئ الأذان في الحرم المكي الشريف على تاريخ مضيء يجسد التطور التاريخي في طرق رفع الأذان، إذ يذكر كبار السن في مكةالمكرمة ملامح آلية تطور رفع الآذان، فالكثير لا يدرك أن استخدام «المزولة» كأداة مؤقتة للأذان في الحرم المكي كانت من الوسائل المهمة، حيث يحتفظ معرض عمارة الحرمين بجهاز للمزولة لقياس الوقت وكانت مثبتة على بئر زمزم، كما أن الملك عبدالعزيز غفر الله له أول من أدخل الساعة في الخمسينيات الهجرية لاستخدامها في تحديد مواعيد الأذان بالحرم المكي وكانت ساعة عملاقة، واليوم تعد المكبرية المطلة على صحن المطاف هي أهم مركز تحكم عالمي في العالم لرفع الأذان من بيت الله العتيق إلى جانب أنها من أبرز المعالم المحيطة بمطاف الحرم المكي وتبلغ مساحتها حوالي 180م2 وتتكون من أربع حجرات: مكتب لشيخ مؤذني المسجد الحرام الشيخ نايف فيده، وحجرة خاصة يرفع منها المؤذنون الأذان وبها 20 «مايكروفونا صوتيا» كما توجد حجرتان أخريان إحداهما للإذاعة والأخرى للتلفزيون. ويعمل المؤذنون وفق جدول زمني يتم إعداده مسبقا، كما هناك آلية ربط عبر ساعة خاصة بين المؤذن والإمام حتى يستمع الإمام صوت المؤذن، كما يقوم فنيون قبل عشرين دقيقة يوميا من كل صلاة بتجريب المايكروفونات ومكبرات الصوت للتأكد من عملها. ويخضع اختيار المؤذنين في الحرم المكي لرأي لجنة يشترك فيها عدد من أئمة الحرم المكي وشيخ المؤذنين ويوافق عليها الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، إذ من أهم شروط المؤذن التقوى والورع، والصوت الحسن، وأضيف عليها أخيرا شرطا وهو حفظ القرآن، وعادة ما يسجل صوت أي متقدم في شريط كاسيت لسماعه قبل إجراء المقابلة الشخصية. وتعاقب على صعود منابر الحرم ومكبريته عوائل مكية رفع أبناؤها الأذان في المسجد الحرام، ومن أبرز العوائل بيت الريس، الملا، المعروف، الشاكر، البصنوي، خوج، وذكرت مراجع وكتب أن تلك العوائل تعاقبت على الأذان لما يقرب من 250 عاما تقريبا. وهناك جدول يصدر بين المؤذنين الرسميين والاحتياطيين من قبل «شيخ المؤذنين» للعمل وفقه، إذ يتواجد في الوقت الواحد أكثر من مؤذن ما بين مكلف وملازم له.