في رحاب المسجد الحرام ووسط الأجواء هناك متخصصون في ضبط أوقات الصلوات الخمس يطلق عليهم ذوي الأعناق الطويلة ولا يتناول الصائمون إفطارهم الا بعد أن يسمعوا نداءهم فعندما يقترب وقت الإفطار يجلس الجميع في ترقب لسماع أصواتهم تنطق كلمة الحق «الله أكبر الله أكبر» حتى يبدأ الجميع في تناول إفطارهم والاستعداد للصلاة. إنهم مؤذنو المسجد الحرام الذين ينادون بدخول وقت الصلوات في اليوم والليلة خمس مرات من على المكبرية الواقعة في مواجهة الحجر الأسود. إنهم 13 مؤذنا يتناوبون على الأذان حاليا في المسجد الحرام منهم قرابة 5 مؤذنين يعملون في المجال التربوي ما بين معلمين وأعضاء هيئة تدريس فيما يعمل الآخرون في أعمال متفرقة ومنهم كبار في السن متقاعدون عن العمل الحكومي. والأذان في الحرم المكي الشريف يتكئ على تاريخ مضيء يجسد التطور التاريخي في طرق رفع نداء الأذان إذ يذكر كبار السن في مكةالمكرمة ملامح آلية تطور رفع الأذان لكن الذي لا يدركه كثيرون أن استخدام «المزولة» كأداة مؤقتة للأذان في الحرم المكي كانت من الوسائل المهمة، حيث يحتفظ معرض عمارة الحرمين بجهاز للمزولة لقياس الوقت وكانت مثبتة على بئر زمزم كما أن الملك عبدالعزيز -غفر الله له- أول من أدخل الساعة لاستخدامها في تحديد مواعيد الأذان بالحرم المكي وهي عبارة عن ساعة عملاقة أدخلت في الخمسينات الهجرية واليوم تعد المكبرية المطلة على صحن المطاف هي أهم مركز تحكم في العالم لرفع الأذان من بيت الله العتيق إلى جانب أنها من أبرز المعالم التي تحيط بمطاف الحرم المكي وتبلغ مساحتها حوالى 180م2 حيث تتكون من أربع حجرات، مكتب لشيخ مؤذني المسجد الحرام الشيخ نايف فيده وحجرة خاصة يرفع منها المؤذنون الأذان وبها 20 «مايك صوتي» كما يوجد حجرتان أخريان إحداهما للإذاعة والأخرى للتلفزيون ويبلغ عدد مؤذني المسجد الحرام 13 مؤذنا يؤدون الأذان وفق جدول زمني يتم إعداده مسبقا بحيث يكون هناك مؤذن وملازم له في كل صلاة كما يتم ربط المؤذن أثناء الصلاة بسماعة خاصة بينة وبين الإمام ليسمع المؤذن صوت الإمام خاصة عند حدوث أي عطل في مكبرات الصوت أثناء الصلاة ويقوم الفنيون قبل 20 دقيقة من كل صلاة بتجريب المايكات ومكبرات الصوت وذلك بما يسمى (النفخ) في مكبرات الصوت حتى يتم التأكد من عملها بشكل يومي. وحاليا أصبح تحديد الأذان عن طريق الأقمار الصناعية. وعادة ما يخضع اختيار المؤذنين في الحرم المكي لرأي لجنة يشترك فيها عدد من أئمة الحرم المكي وشيخ المؤذنين ويوافق عليها الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي ومن أهم شروط المؤذن التقوى والورع، والصوت الحسن، وأضيف إليها أخيرا شرط آخر وهو حفظ القرآن وعادة ما يسجل صوت أي متقدم في شريط كاسيت لسماعه قبل إجراء المقابلة الشخصية له وتعاقبت على صعود منابر الحرم ومكبريته الشامخة عوائل مكية رفع أبناؤها الأذان في المسجد الحرام ومن أبرزها بيت الريس، بيت الملا، بيت المعروف، بيت الشاكر، بيت البصنوي، بيت خوج، وذكرت عدد من المراجع والكتب التي أرجعت تلك العوائل بالأذان إلى ما يقارب 250 عاما تقريبا. وهناك جدول يصدر بين المؤذنين الرسميين والاحتياطيين من قبل «شيخ المؤذنين» للعمل وفقا به، حيث يتواجد في الوقت الواحد اكثر من مؤذن ما بين مؤذن وملازم له.