تتميز الأحساء كواحدة من أعرق مناطق المملكة بعادات وتقاليد اجتماعية أصيلة، تعكس عمق الترابط والتكافل والتكامل بين أفراد المجتمع، إذ يمثل شهر رمضان الكريم مظهرا من المظاهر الاجتماعية التي يعتاد عليها الأهالي، أبرزها استعدادات الولائم والعزائم التي تحلو مع نفحات هذا الشهر. وأوضح مشعل بن محمد النعيم أن تبادل الحاجات أو النواقص بين الجيران التي يتطلبها الطهي كالبصل أو الطماطم أو الدهن أو السكر أو الدبس أو الطحين وخلافها لا يكون إلا بين الحميميين، مؤكدا أن عمق التواصل الاجتماعي بين العائلات يزيد في شهر رمضان المبارك بهدف تجديد التواصل وغرس المودة والإخاء وتوثيق الصلات بينهم في جو أسري تسوده الأخوة والتآلف في هذا الشهر الكريم. وأشار إلى أن عادة «القرقيعان» التي تشتهر بها الأحساء ودول الخليج العربي، يرتدي فيها البنون الثياب والطواقي، فيما ترتدي البنات البخانق فوق الفساتين وهم يرددون أنشودة «القرقيعان»، إذ كانت الأسر في الماضي تقوم بإعطاء الأطفال مكسرات من صحن كبير تغرف منه المرأة حفنة في يدها وتضعها في جيب الصبي أو كيسه أو طاقيته، ولكن هذه الطريقة تطورت في السنوات الأخيرة وأخذت المكسرات والحلويات تعبأ في أكياس أو علب أنيقة أو تقدم على شكل لعب أو مع لعب صغيرة وبعض الأسر تجمع الأطفال في بيتها وتحتفل بهذه العادة بتعليق عناقيد الأنوار الملونة والبالونات وأدوات الزينة وتقوم بتقديم أكياس «القرقيعان» على الأطفال الذين يحضرون هذه الحفلة السعيدة. ولا ينسى النعيم عادة من العادات القديمة في رمضان وهي «البو طبيلة» التي تعرف في الحجاز بالمسحراتي، وهو الشخص الذي يطوف الأحياء في ليالي رمضان بعد منتصف الليل يدق طبلته ويردد بعض الأدعية التي توقظ النائمين للسحور، فما أن يبدأ في المسير حتى يتبعه الصبيان ويدورون معه من زقاق إلى زقاق وهم يرددون أهازيجه المحببة. أما بالنسبة للفتيات فيكتفين بالتفرج عليه من بعد بالوقوف أمام منازلهن أو الإطلالة عليه من النوافذ أو السطوح وتزداد أهمية «بو طبيلة» عند منتصف الشهر حيث يحل يوم «القرقيعان» فيطوف الأحياء نهارا ويتجول معه الأطفال وهو يجمع ما يعطيه الناس من «القرقيعان» يجمعها في كيس محمول على حمار ومثل هذا يحصل في العشر الأواخر من رمضان حيث يجوب نهارا لجمع التبرعات والصدقات التي يقدرها الصائمون فمنهم من يعطيه نقودا ومنهم من يعطيه بعض الأكل أو الملابس أو زكاة الفطر التي ينوون إخراجها عنهم، وهو يردد «عادت عليكم»، ويردد الأطفال المرافقون له «والشر ما يجيكم» ويستمر في الطواف بالبيوت حتى منتصف النهار ثم يأوي إلى داره بعد أن أنهكه التعب وأثقلت حماره الغنائم.