تضاربت الأقوال في معنى القرقيعان أو الكركيعان. فهناك من ينسبها إلى قرع الأبواب أو الأصوات الصادرة عن الحلوى والمكسرات عندما تقرقع وتتحرك داخل الخريطة “الكيس الذي يكون معلقًا على أعناق الأطفال”، وقيل هي صوت الحجارة البحرية يضربون بعضها ببعض أثناء التجوال فتصدر قرقعة كتعبير للفرح والعرس الجماعي البهيج. لكن بعض المصادر مثل كتاب أبو الفرج الاصفهاني (الأغاني) قالت إن أصل كلمة كريكعان تحريف لعادة كانت تمارس في عصر العباسيين، وهي الطلب في منتصف الشهر بأسلوب أشبه بالإنشاد كأن يقول: “يا صاحب البيت أجر جوعان يا ربنا إعطه بيتًا في عالي الجنان”، وكان الفقراء يقصدون بيت الخليفة وبيوت الوزراء بهذه الأغنية طوال ليل ونهار منتصف رمضان. ومنهم من يعيدها إلى مولد سبط رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحسن بن علي رضى الله عنه، حيث إن ولادته الميمونة كانت في النصف من شهر رمضان المبارك من السنة الثانية أو الثالثة من الهجرة. وسواء أكان أي من الروايات السابقة هي البداية الحقيقة للقرقيعان، فمازالت تجد هذه الليلة إقبالا واسعًا في دول الخليج العربي، ويحرص الأهالي عليها فيستعدون لها بشتى الطرق. القرقيعان قديمًا تعد مناسبة القرقيعان إحدى أبرز العادات الرمضانية، وهي مناسبة يقدم بها الأهالي الحلوى والمكسرات للأطفال الذين يجوبون الشوارع، مرتدين الأزياء الشعبية، وحاملين أكياسا قماشية، احتفالا بمرور النصف الأول من الشهر المبارك، ويحتفل في القرقيعان أيام 14 و15 و16 رمضان، كونه مناسبة لاحتفال الأطفال بتمكنهم من صيام النصف الأول من رمضان، وأن ما تبقى من الشهر أقل مما فات، ما يدفع الأهالي لتشجيعهم، بمنحهم المكسرات والحلوى تشجيعا منهم لهم على صمودهم هذه المدة. ويرتدي الاطفال في هذه المناسبة الازياء الشعبية، منها المرتعشة والجلابية والمخنق وثوب النشل ويرددون أهازيج شعبية تتضمن عبارات “قرقيعان وقرقيعان، بيت قصير ورمضان، عادت عليكم صيام، كل سنة وكل عام”، ثم يقوم الأهالي بتقديم الحلوى والمكسرات للأطفال الذين يتجمعون أمام الباب، فيقدمونها لهم شريطة الدعاء بالسلامة لأصغر أبناء أسرة هذا البيت، بقولهم “سلم ولدهم يا الله، خله لأمه يا الله”. وتخلط في القرقيعان الذي يجمع في سلة كبيرة، بعض المكسرات التي تتنوع بين الفول السوداني، والحلوى والسكاكر، إلى جانب الفئات الصغيرة من العملات المعدنية المحلية. القرقيعان حديثًا وحديثا تحولت عادة القرقيعان إلى موسم حافل لدى المحلات، فمحال المكسرات جبلت على تحضير أكياس معبأة بالمكسرات المتنوعة، تباع بالقطعة خصيصا لهذه المناسبة، ويحمل بعضها عبارات القرقيعان، أو صورا لمناطق الخليج القديمة، فيما أخذت الأسر الصغيرة وخاصة المؤسسة حديثا منها هذه المناسبة وسيلة لتقديم الهدايا الفاخرة والحلويات المصحوبة بصور أبنائها وبناتها، للاحتفال بهذه المناسبة مع أسرهم الكبيرة وأصدقائهم، التي يقدم لهم القرقيعان بعلب محفورة ومزخرفة من البلاستيك والخشب يضاف لها الأنواع الفاخرة من الكاكاو والألعاب الصغيرة تحمل في طياتها الكثير من المبالغة والإسراف. تقول أم فايز: فعلًا رغم ابتعاد الناس في هذه السنوات عن احتفالات القرقيعان، إلا أننا نجد أن هناك ما زال بعضهن يحتفلن بالقرقيعان بصورة مبالغ فيها؛ فبعض النساء يعملن قرقيعان خاص لأطفالهن يحتفلن به بالاستراحات فيجمعن أنواع الحلويات في مجسمات تشكيلية مكلفة جدًا يدعون فيه أقاربهم ومعارفهم وأرى في ذلك تبذيرا وإسرافا. تقليد خليجي وتضيف أم هدى: كان القرقيعان بسيطًا جميلًا فهو تقليد خليجي اعتدنا عليه سنويا في رمضان، وتكمن جمالية هذا التقليد ببساطته ولكن ما يفعله غالبية الناس من المبالغة المفرطة به شيء لا يمكن تقبله أبدا، فالقرقيعان يجب أن يحافظ على شكله التراثي وبساطته الجميلة. أما مها فتعتقد عكس ذلك وتقول: لا أعتقد أن القرقيعان الآن بهذه الضخامة، فالناس أصبحوا أكثر وعيًا ربما كان ذلك التبذير منذ سنة أو سنتين، إلا أنه الآن أصبح أمرًا عاديًا ونكاد لا نشعر بمروره إلا من خلال التلفاز وما يعرض عنه من عادات قديمة كذكرى كانت من العادات والتقاليد، وبعض الناس الذين مازالوا يحتفلون به إلى الآن لا يتعدون منازلهم، فباعتقادي أنه عاد كما الماضي، مجرد فرحة للأطفال فقط.