استقبلتني بعباءة نقشت عليها حروف عربية وبألوان زاهية، أبدت سعادتها بتواجد «عكاظ» للمرة الأولى في منزلها المشع بنور الشمس الدالف إليه من كل مكان، بحيث استغنيت عن استخدام فلاش الكاميرا في بعض اللقطات معتمدة على ضوء الشمس، وفي زوايا المنزل الأخرى لفت انتباهي بعض المنحوتات التي اكتسبت الطابع العربي، وأوضحت لي حينها إيملي أبرهام نائب القنصل للشؤون الإعلامية أن تلك القطع هي المفضلة لدى سعادة القنصل الأمريكي العام آن كاسبر. كانت «آن كاسبر» تتعامل بسجيتها اللطيفة ولم تتكلف في التعبير عن رأيها في أبرز المشاهد الاجتماعية التي لمستها في المجتمع السعودي خصوصا وأنها شعرت بالتقدير الخاص في المناسبات الاجتماعية لكونها امرأة، كما عبرت عن تجربتها في تذوق التمر المديني بالقشطة لأول مرة في السعودية وراق لها مذاقه..«عكاظ» أجرت حوارا خاصا مع القنصل الأمريكي العام بجدة حول شهر رمضان.. أطباقها الرمضانية المفضلة والصيام عموماً.. أهم الفوارق في شهر الصيام، العادات الاجتماعية التي تحرص على تعزيزها في رمضان وهذا نصه: • كيف تعيشين الأجواء الرمضانية على أرض المملكة؟ •• قدمت للعمل كدبلوماسية منذ عشرة أشهر فقط وهذا هو أول رمضان لي في المملكة، لذلك أحاول أن أستمتع، وأستغل كل لحظة فيه لأستمتع بروحانية هذا الشهر وخصوصيته في المملكة عامة وفي جدة خاصة. ولقد لمست هذا من اليوم الأول لرمضان، حيث تناولت وجبة إفطاري الأولى في جدة، في «جلسة أرضية» مع مجموعة من أصدقائي السعوديين و«كسرت» صيامي على «التمر والقشطة». رسالة أوباما • هل تلمسون فرقا في معايشة رمضان في المملكة والولاياتالمتحدة؟ •• تحتضن الولاياتالمتحدة ملايين المسلمين من مختلف الأعراق والأجناس، وخلال رمضان يشارك المسلمون الأمريكيون إفطارهم وسحورهم مع جيرانهم وأصدقائهم وزملائهم في مختلف التجمعات ويمارسون شعائرهم في أكثر من 2000 مسجد في كافة أنحاء الولاياتالمتحدة. ولقد لمست هذا بنفسي في رمضان الماضي، حينما كنت لا أزال في الولاياتالمتحدة وقضيت آخر أيام الشهر الفضيل مع مجموعة أمريكية من أصول متنوعة، عربية وأفريقية وآسيوية في مسجد صغير بكاليفورنيا، حيث تجمع المسلمون وغير المسلمين، على مائدة إفطار بها أطباق رمضانية متنوعة من كافة أرجاء الأرض ليقدموا صورة رائعة للتعايش والتناغم. إثراء الدولة • الولاياتالمتحدة تحتضن الملايين من المسلمين، كيف أسهمت هذه الفئة في إثراء قيم المجتمع الأمريكي؟ •• أشار الرئيس أوباما في رسالته للمسلمين بداية هذا الشهر «إن شهر رمضان هو تذكير بأن الملايين من الأمريكيين المسلمين يسهمون في إثراء دولتنا كل يوم – فهم يخدمون في حكومتنا، ويقودون الاكتشافات العلمية، ويخلقون فرص العمل، ويرعون الجيران المحتاجين». ومع بداية هذا العقد، أضحى استضافة حفل إفطار رمضان تقليدا سنويا يتبعه الكثير من مسؤولي الإدارة الأمريكية بداية من الرئيس الأمريكي نفسه وخلال أول حفل إفطار أقامه الرئيس أوباما في البيت الأبيض قال «من بين جميع الحريات التي نعتز ونتمسك بها كأمريكيين، ومن بين جميع الحقوق التي نعتبرها مقدسة، تأتي الحرية الدينية والحق في ممارسة العبادة التي نختارها لأنفسنا في المقدمة». تقليد راسخ • وهل تعمل البعثات الدبلوماسية الأمريكية بهذا التقليد أيضا؟ •• هذا تقليد متبع ليس فقط داخل الولاياتالمتحدة، بل تقوم به أيضا البعثات الدبلوماسية الأمريكية في العديد من الدول، فحينما عملت في تايلاند، شارك العاملون في السفارة إفطارهم مع الطلاب المسلمين ومع العديد من العائلات التايلاندية المسلمة، وخلال عملي في رواندا استضفنا أعضاء من الجالية المسلمة على الإفطار، كما شاركنا العاملون المحليون المسلمون في السفارة إفطارنا واستضافونا هم لاحقا في منازلهم مع عائلاتهم. النوم والعمل • العادات الغذائية الرمضانية للأسر السعودية مختلفة عن بقية العام، فهل تأثرت آن باكسر بها.. وما أفضل المأكولات السعودية؟ •• لقد دعيت قبيل رمضان لحضور ندوة نسائية مع مجموعة من سيدات جدة حيث تحدثن عن كيفية تهيئة النفس والبدن لصيام الشهر الفضيل وعن ضرورة مراعاة العادات الصحية في الأكل خلال الشهر. لقد أدركت أن الصيام هو ليس فقط الامتناع عن الطعام والشراب بل هو تجربة روحانية أعمق بكثير تتطلب الامتناع عن كافة ما يضر البدن والروح، خلال الأيام الأولى من رمضان دعيت للكثير من المآدب السعودية العامرة بالأطايب والتي حاولت أن لا أفرط فيها في الطعام، ولكني استمتعت بتذوق مأكولات رمضانية مميزة كالسمبوسك وشوربة الحب والمعصوب. وحاولت كثيرا أن أتأقلم مع تغيير ساعات النوم وساعات الأكل بما يتناسب مع تأدية مهام وظيفتي الأساسية كدبلوماسية أمريكية. حفل إفطار • في إطار المهام المتعددة هل يسمح وقتك لتلبية دعوات الإفطار أو السحور؟ •• لقد سعدت كثيرا بعدد الدعوات التي تلقيتها من الأصدقاء السعوديين للإفطار والسحور بشكل يومي وأحاول جاهدة أن ألبي أكبر قدر من هذه الدعوات، وهذا بالطبع ليس بغريب على الشعب السعودي المعروف بكرمه الحاتمي. وبالمناسبة، فإن السفير الأمريكي في المملكة السيد جيمس سميث، دأب سنويا على إقامة حفل إفطار في مقر السفارة بالرياض (وقد أقام حفل سحور هذا العام ليل الثلاثاء الماضي في منزله في الحي الدبلوماسي بالرياض، وأيضا على مشاركة قنصليتي جدة والظهران إفطاريهما السنوي». وسنقيم في القنصلية العامة بجدة مأدبتي إفطار الأسبوع المقبل، واحدة لضيوفنا السعوديين الأعزاء والثانية لمنسوبي القنصلية وعائلاتهم. ذكريات رمضانية • كدبلومسية بالطبع تحملين ذكريات رمضانية خلال عملك خارج الولاياتالمتحدة؟ •• أتيحت لي الفرصة للاحتفال بشهر رمضان الكريم في عدد من بلدان الشرق الأوسط وآسيا والولاياتالمتحدة، وحظيت بالعديد من الذكريات الفريدة في كل مكان زرته، ففي مصر أذكر الفوانيس والفوازير وبائعي العرقسوس والكركدية، وفي المغرب لا يمكن أن أنسى مذاق حساء الحريرة اللذيذ والفريد، وفي سوريا قضيت ساعات وساعات أتابع المسلسلات الرمضانية مثل ملايين السوريين، وأنا أستمتع بالحلويات السورية الشهيرة، أما في القدس فكنت كثيرا ما أسهر لساعات الصباح الأولى مع الأصدقاء في المدينة القديمة. تلاوة وتراويح • هل هناك عادات اجتماعية تحرصون على تعزيزها في رمضان؟ •• حاولت جاهدة من أول يوم أن أقتطع جزءاً من وقتي لتلاوة القرآن الكريم والتعمق في معانيه وعلى صلاة التراويح كلما سنحت لي الفرصة. والملاحظ أنه كثيرا ما ألتقى بالعديد من صديقاتي السعوديات وهن يصلين بجانبي حيث يشعرنني بالألفة والمودة. ترابط أسري • ما أبرز المظاهر الرمضانية التي تشد انتباهك في رمضان..؟ •• لقد لمست عمق الترابط العائلي خلال الشهر الكريم، وحرص كافة أفراد العائلة السعودية على التجمع حول مائدتي الإفطار والسحور، كما شاهدت بعيني تلاقي الأهل والجيران في المساجد يوميا لتأدية شعائر صلاة التراويح وأحببت ارتداء الجلابيات الشرقية المتميزة خلال سهرات رمضان.