لقد شرفت باستضافة حفل إفطار مع كيت رود القنصل العام بجدة لحوالي 50 شخصا من الضيوف والأصدقاء استمتعنا بصحبتهم يوم الثلاثاء الماضي. كما أن القنصلية في جدة أعدت لحفل إفطار يوم الاثنين للعاملين بالقنصلية وأسرهم من مختلف الجنسيات، حيث يشترك كل منهم بإعداد طبق رمضاني مفضل في بلده. وسوف تستضيف السفارة في الرياض كذلك حفل إفطار لمنسوبيها وعائلاتهم في النصف الثاني من شهر رمضان. وتعد هذه فرصة طيبة لأتقدم لأصدقائي المسلمين عموما والسعوديين خصوصا بأطيب التمنيات بمناسبة الشهر الكريم. وهذه فرصة طيبة لنتذكر مسلمينا في بريطانيا من جلاسجو حتى لندن، حيث يمضي المسلمون في كل مكان وقت رمضان في الصوم والصلاة والعبادة والتأمل إلى جانب العمل و تبادل الزيارات التي توطد العلاقات الاجتماعية في الشهر المبارك. ويجتمع المسلمون سويا في وقت المغرب لكسر صيامهم والاحتفاء بالشهر الكريم، مع العلم أن عدد ساعات الصوم في بريطانيا هذا العام تصل إلي 18 ساعة. وهذه الأركان الأساسية من صلاة وصيام تجمع المسلمين في أي مكان في العام مهما اختلفت أجناسهم وثقافاتهم المتعددة ولغاتهم التي لا تعد ولا تحصى، فجميعهم شركاء في عبادة الله عز وجل رغم اختلاف المكان والزمان وأوقات الصلاة والصيام. وفي نفس الوقت يتجمع بضع آلاف من المسلمين البريطانيين في الحرم الشريف والمدينة المنورة لأداء العمرة وزيارة المقدسات، حيث ينعمون بكرم الضيافة في بلاد الحرمين الشريفين. واليوم وطبقا لآخر إحصائية، فقد ارتفع عدد المسلمون في المملكة المتحدة من 1.7 مليون في عام 2004 إلي 2.4 مليون في عام 2008. ويعود السبب في الزيادة إلي الهجرة وازدياد معدل المواليد بالإضافة إلى التحول إلى اعتناق الإسلام. وسوف يستفيد المسلمون من هذه الزيادة السكانية بكل تأكيد، فهي تعني صوت أقوى وأعلى في المجتمع البريطاني. ونجد المسلمون يقدمون مساهمات قيمة على المستوى السياسي والمدني في المجتمع البريطاني المتعدد الأعراق والديانات، فأعدادهم تتزايد باستمرار في مجلس الوزراء ومجلسي اللوردات والعموم. كما أنهم يتبوؤن مناصب في القضاء، الشرطة، الحياة الأكاديمية والدبلوماسية. كما تجد منهم رجال أعمال ورياضة واقتصاد بارزين. وفي الحكومة الجديدة، تم تعيين أول سيدة مسلمة في تاريخ مجلس الوزراء البريطاني. كما تدعم الحكومة البريطانية بعثة الحج والتي بدورها تقدم الدعم القنصلي والطبي لحوالي 25000 بريطاني مسلم يذهبون لأداء فريضة الحج كل عام. وبالنسبة لي، لا تعتبر عمق وقوة الحضارة الإسلامية مفاجأة، فجذور المسلمين في الأراضي البريطانية عميقة جدا. وتبين الآثار التي جرى التنقيب عنها بأن تاريخ المسلمين في بريطانيا يعود إلي أكثر من 1000 عام مضى. فقد تم اكتشاف حلية يعود تاريخها إلي القرن التاسع منقوش عليها البسملة في جنوب شرق ايرلندة. وكذلك تم العثور على عملات يعود تاريخها إلى القرن الثامن ممهورة بكلمات الشهادة. كل هذه لمحات لتاريخ مجهول بالنسبة لكثيرين، إنما تدل على أن الإسلام كان وسيظل جزءا أساسيا من الحضارة البريطانية. وفي الواقع فإنني هنا أتذكر كلمة الأمير تشارلز التي ألقاها بمناسبة مرور 25 عاما على تأسيس مركز الدراسات الإسلامية في جامعة أكسفورد العريقة، حيث قال "إن العالم الإسلامي يحوي واحدة من أعظم كنوز الحكمة المتراكمة والمعرفة الروحية الموجودة لدى البشرية. وهي تشكل في نفس الوقت تراث الإسلام النبيل وهدية لا تقدر بثمن لباقي البشرية." هذا وكل عام وأنتم بألف خير ورمضان كريم، أعاده الله علينا وعليكم بالخير والبركات. * القائم بالأعمال بالسفارة البريطانية