الشؤون الإسلامية في منطقة جازان تقيم مبادرة توعوية تثقيفية لبيان خطر الفساد وأهمية حماية النزاهة    «السوق المالية»: تمكين مؤسسات السوق من فتح «الحسابات المجمعة» لعملائها    لماذا فاز ترمب؟    علاقات حسن الجوار    الحل سعودي.. لحل الدولتين    عاد هيرفي رينارد    مدارسنا بين سندان التمكين ومطرقة التميز    في أي مرتبة أنتم؟    الشؤون الإسلامية بجازان تواصل تنظيم دروسها العلمية بثلاث مُحافظات بالمنطقة    باندورا وعلبة الأمل    الصين تتغلب على البحرين بهدف في الوقت القاتل    ولي العهد والرئيس الفرنسي يستعرضان تطور العلاقات بين البلدين    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    القبض على (7) مخالفين في جازان لتهريبهم (126) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    «الصندوق العقاري»: مليار ريال إجمالي قيمة التمويل العقاري المقدم لمستفيدي «سكني»    إطلاق 3 مشاريع لوجستية نوعية في جدة والدمام والمدينة المنورة    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    رسميًا.. رانييري مدربًا لسعود عبد الحميد في روما    تبرعات السعوديين للحملة السعودية لإغاثة غزة تتجاوز 701 مليون ريال    إجتماع مجلس إدارة اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية    «الداخلية» تعلن عن كشف وضبط شبكة إجرامية لتهريب المخدرات إلى المملكة    انطلاق فعاليات المؤتمر السعودي 16 لطب التخدير    مركز الاتصال لشركة نجم الأفضل في تجربة العميل السعودية يستقبل أكثر من 3 مليون اتصال سنوياً    وزير الإعلام يلتقي في بكين مديرَ مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصيني    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة إلى 43736 شهيدًا    المروعي.. رئيسة للاتحاد الآسيوي لرياضات اليوغا    أمير المدينة يلتقي الأهالي ويتفقد حرس الحدود ويدشن مشروعات طبية بينبع    الذهب يتراجع لأدنى مستوى في شهرين مع قوة الدولار والتركيز على البيانات الأمريكية    أمير الرياض يستقبل أمين المنطقة    انطلاق المؤتمر الوزاري العالمي الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات "الوباء الصامت".. في جدة    الأمير عبدالعزيز بن سعود يرأس اجتماع الدورة الخمسين للمجلس الأعلى لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية    اختتام مؤتمر شبكة الروابط العائلية للهلال الأحمر بالشرق الأدنى والأوسط    صندوق الاستثمارات العامة يعلن إتمام بيع 100 مليون سهم في stc    ا"هيئة الإحصاء": معدل التضخم في المملكة يصل إلى 1.9 % في أكتوبر 2024    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    «التراث»: تسجيل 198 موقعاً جديداً في السجل الوطني للآثار    كيف يدمر التشخيص الطبي في «غوغل» نفسيات المرضى؟    ذلك «الغروي» بملامحه العتيقة رأى الناس بعين قلبه    عصابات النسَّابة    «العدل»: رقمنة 200 مليون وثيقة.. وظائف للسعوديين والسعوديات بمشروع «الثروة العقارية»    هيبة الحليب.. أعيدوها أمام المشروبات الغازية    الخليج يتغلّب على كاظمة الكويتي في ثاني مواجهات البطولة الآسيوية    الطائف.. عمارة تقليدية تتجلَّى شكلاً ونوعاً    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    استعادة التنوع الأحيائي    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    أفراح النوب والجش    حبوب محسنة للإقلاع عن التدخين    مقياس سميث للحسد    أهميّة التعقّل    د. الزير: 77 % من النساء يطلبن تفسير أضغاث الأحلام    أجواء شتوية    القضية الفلسطينية من الجد إلى الحفيد    فيلم «ما وراء الإعجاب».. بين حوار الثقافة الشرقية والغربية    كم أنتِ عظيمة يا السعوديّة!    الذاكرة.. وحاسة الشم    محمية جزر فرسان.. عودة الطبيعة في ربيع محميتها    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لافرق بين ربيباتي وبناتي ولا أنسى في دعائي الملك فيصل
نشر في عكاظ يوم 24 - 07 - 2013

حان الوقت ليترجل المستشار خلف عاشور، ويسلم الراية لجيل الشباب.. خلاصة خرجت بها من حواري مع رجل لايخترع إلا الفن، ولايكتشف إلا الجمال.. حياته محطات لاتنتهي، ومواقف لاتعد ولاتحصى.. ارتبط اسمه بالنجاح الكبير الذي شهدته توسعة الحرمين الشريفين في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله ، ولايغيب اسمه عن أعمال الخير والوفاء: كاتبا ومؤلفا ومساهما. مازالت مدينة ينبع مسقط رأسه نبض حديثه الدائم، ولاينفك من تكرار ألمه من إغلاق ميناء ينبع وتأثيره الاقتصادي والاجتماعي على مدينة الرسول عليه السلام، وانعكاسات هذا القرار السلبي الذي دفع عائلات ينبع لمغادرتها بحثا عن لقمة العيش.
محاور ومعلومات وأسرار تستحق القراءة عن أطهر بقاع الأرض في ثنايا هذا الحوار..
• هل تشعر بحلاوة قدوم رمضان كما كان في السابق؟
تحاصرني مع قدوم رمضان مشاعر السعادة التي أتمناها لكل من على الأرض يعيشون، ويحاصرني الألم ونحن نستقبل الشهر الفضيل وننعم بالأمن والأمان والخير وأشقاء لنا في سورية تسيل دماؤهم على الأرض كل يوم، وأطفالهم الأبرياء تتمزق أجسادهم برصاص الحقد الدفين، وآباء وأمهات يصوبون الأنظار في فزع وحزن ودموع تسيل، أتانا رمضان هذا العام والألم يسكن القلوب ونسأله سبحانه النصر لإخواننا المسلمين في كل أنحاء العالم، وأن يعيده علينا في عام قادم وقد أزال الله الغمة عن عباده، وألهمهم الرشد والقوة والصواب والنور.
• هذا عن الشقيق البعيد فكيف بأصدقائك وجيرانك الذين فقدتهم هذا العام؟
كأنك يابدر تستعذب بنبش ذاكرتي عن أعزاء وأصدقاء لعل أبرزهم محمد الفهد العيسى رحمه الله الذي يحضر في ذاكرتي دائما، وزاد من آلامي غياب جاري وصديقي الذي فقدته الشيخ صالح الحصين رحمه الله والذي كان كلما التقيه يمنح نفسي طمأنينة لاحدود لها، ويغدق علي نوعا من البِشْر والفرحة وحسن الاستقبال.. تنظر إليه بانبهار تستمع إلى كلماته الهادئة الرزينة القصار.. كل ذلك في شيء من الرهبة والحب والإجلال والإكبار.. في صمت تصغي إليه.. في شيء من الدهشة ترى واحدا من النوادر في هذا الزمان.. قمة في التواضع لا يميل أبدا إلى شيء من الترفع في إبداء رأي، وفي جدة جاء إلي يوما الأخ محمد إبراهيم نقادي وهو أحد الأصهار.. وكان لدي دار على البحر.. فطلب مني السماح بنزول صديق عزيز له بالدار لمدة شهرين، وأردف قائلا «إن الصديق الذي يعنيه اشترط أن يسلم أجرا للبيت ولمدة شهر»، وهو لا يعلم لمن يعود الدار، قلت للصديق النقادي: إنني لا أحب أن أقوم بتأجير بيتي لأحد، ولكن ما دام أن طالب السكن صديق لك؛ فإنني عن رضا أقدمه لصديقك وتم الاتفاق على ذلك.. نزل الشيخ وأسرته في الدار.. وغبت عن جدة ما يقارب شهرين، وعلمت من الأخ النقادي أن الذي حل بداري الشيخ صالح الحصين، وسافر للرياض.. قمت بزيارة للدار بالبحر بعد وصولي بأيام.. وجدت حارس المنزل علي من اليمن الشقيق.. خيل إلي أن الحارس علي غير الحارس الذي عرفته.. على مجلس ملاصق للبحر كنت أستمع لعلي، وهو يتحدث في كثير من الدهشة يبدو على ملامحه بعض السرحان.. قلت ماذا بك؟! قال: يا عم إذا كان كبار قومكم على منوال ما رأيت هذا الشيخ أقول بصدق إنكم ملائكة.. أسرته تنام داخل الفيلا، أما علي فينام مع الشيخ على مجلس مكشوف بجوار البحر، يقضيان وقتا من الليل، وعلى هذه (الدكة) ينامان، ويفطران، ويتغديان، ويتناولان العشاء ثم ينامان، وعند طلائع الفجر يصليان جماعة، ويقضيان ما تبقّى من ساعات في أحاديث شتى، وقبيل الإشراق يذهب الشيخ للسباحة متجاوزا (الكسارة).. يقول علي: كنت أخاف عليه.. يسبح وقتا طويلا في البحر ثم يعود (للدكة) ليتناولا طعام الإفطار، أما في أيام الجمع فيذهبان لصلاة الجمعة، ثم يعودان بعدها ليبدآ أسبوعا جديدا.. وبعد أسبوع تلقيت رسالة مطولة يبدي شيئا من الأسف أنه لم يكن يعلم أن السكن يعود لي، وإلا لقصده دون أن يتدخل، أو يتوسط الصديق النقادي، ومع الرسالة هدية ثمينة قدمها إلي.. «يا أيها الرجل العظيم بدين قويم يتحلى به.. وخلق رفيع قل من يقتدي به، وتواضع جم نلت به رضا الناس.. رضي الله عنك، وشملك برحمات، وأجزل لك العطاء والرحمة والرضوان»، أما صديقي الآخر فكان الشيخ حمد الشاوي رحمه الله أنيس مجلسي كل يوم الذي حل به مرض كان مستعصيا على العلاج.. كنت أصغي إليه يوميا تقريبا عبر الجوال من باريس وكنت أحاول بكل ما استطعت أن أهون الأمر أو العارض الذي حل به فجأة، وكان ينقل إليه أطباؤه الخطورة التي غطت آلام عام مضى ليصارع من جديد حدثا خطيرا.. ولأول مرة أجد في تعبيراته أو كلماته معاني اليأس والاستسلام للقضاء في إيمان ورضاء بما يرضي الله في علاه رحمهما الله جميعا رحمة واسعة وغفر لنا ولهم في هذا الشهر الكريم.
• ماهو العمل الذي تفخر به طوال سنوات عملك في القطاعين الحكومي والخاص؟
أفخر بالكثير من الأعمال الخافية والظاهرة للناس، لكنني دوما أرى أمامي ماقمنا به من جهد جماعي جبار في توسعة المسجد النبوي في المدينة المنورة، وأعتبرها أعظم خدمة قدمتها في حياتي العملية المليئة بالخير والحب والإنجاز والحمد لله.
• ألم تفكر في الراحة والتفرغ للكتابة بعد هذه المسيرة الشاقة والطويلة ؟
لا أخفيك سرا أنني أرغب في ذلك، وأعتقد أن الأمر قد يتحقق العام المقبل بعد أن أتحدث مع أبنائي من أبناء الشيخ محمد بن لادن رحمه الله الذين أولوني تقديرا واحتراما لا ينسى، خصوصا بعد الكلمات التي شرفني بها المهندس بكر بن لادن «لن يفرق بيننا إلا الموت» وتجهيزه مكتبا لي في مبنى المجموعة وأن أكون المستشار الخاص لرئيس مجلس إدارة المجموعة والمدير العام، وهى بلا شك علاقة قائمة على الثقة والمودة والاحترام المتبادل بيننا، وأعتز بأنني فرد من أفراد المجموعة.
فهذه المشاعر تضعني في موقف صعب من الاعتذار لكنني أعلم أن الذين أكرموني فيما مضى سيكونون معي أكثر كرما فيما هو قادم، والحمد لله أن علاقتي بالإخوان كلهم وعلى رأسهم الأخ بكر بن لادن، علاقة متميزة بنيت على القاعدة الصحيحة، الصدق والوضوح وإبداء الرأي الصالح.
• هل كان لليتم المبكر الذي عانيته بعد وفاة الوالد دوره في تبنيكم لطفلتين كبرتا الآن في منزلكم الكريم؟
أنا لم أدرك والدي رحمه الله فقد توفي قبل ولادتي بخمسة أشهر عام 1341هجرية فعشت في كنف والدتي يرحمها الله التي كانت تعوضني كثيرا عن والدي وبرعاية أخي عبدالله وخالي وأعمامي، ومن نعم الله على الإنسان أن يكرمه الله بكفالة أي يتيم وتكفيه. والطفلتان اللتان ربيتهما في منزلي سعدت بهما رغم وجود والدهما والذي فاجأني في أحد الأيام بذهابه إلى المحكمة الشرعية وإصدار صك بتنازله عن استعادتهما وموافقته على أن تعيشا معي في منزلي مدى الحياة، والحمد لله أن أكرمني الله بتزويج إحداهما والثانية في الطريق إن شاء الله، وهما عزيزتان وغاليتان على قلبي ومنزلتهما لاتقل عن منزلة بناتي اللاتي من صلبي.
• من الأقرب إلى قلبك من الأبناء والبنات؟
كلهم في نفس المنزلة مع أحفادي أيضا من البنين والبنات فأنا لاأفرق بين أحد منهم، وإن كنت أشعر بالبنات أكثر، وهن يجتمعن حولي عندما تصيبني وعكة صحية، أسأل الله أن يبارك فيهم جميعا.
• إلى أي مدى تشعر بالحزن للأحداث التي تشهدها مصر حاليا والتي كان لك فيها أحداث لاتنسى؟
مايحدث في مصر الحبيبة من رغبة الإخوان المسلمين السيطرة عليها وفرض وجودهم بالقوة من الشرور الذي لايرضاه الله ومحاولة خطيرة للخروج على رغبة الشعب الذي خرج بعشرات الملايين ليحمي ثورته المباركة وأسأل الله أن يحمي آرض الكنانة من شرورهم وأن يكفيها مكائد أعدائها، ومازلت على ثقة بأن الله سيفرج على أهلها بخير لأن سنة الله في الأرض أن يجعل الله بعد عسر يسرا، والحال نفسه لإخواننا المستضعفين في أرض الشام الذين ندعو الله أن يعجل بفرجهم وكشف غمهم وإزالة كربتهم، وأن ينصرهم على عدوهم، وأن يخذل كل من حاربهم وشردهم إنه قوي عزيز.
• رجل تتذكره في دعائك ولاتنساه دائما؟
الشهيد الملك فيصل رحمه الله له علي فضل لا أنساه ما حييت ولن أوفيه حقه أبدا، فقد أكرمني الله بأن ابتلاني بفقدان ست من بناتي الإحدى عشرة وأحد أبنائي الاثنين الذكور وكلها في حوادث متفرقة، فقد توفي ابني طريف في حادثة الطائرة الشهيرة في الرياض عام 1400 للهجرة، أما البنات فقد سقطت أولى بناتي وهي في سن مبكرة على رأسها فتوفيت لارتجاج في المخ، وتوفيت الثانية في حادث مروري في لبنان. أما الثالثة فتوفيت في الأردن نتيجة حادث سير ومعها ابنها وابنتها. أما الثلاث الأخر فأصبن بمرض واحد اسمه (تراسيميا) و إلى الآن لم يجد له الأطباء علاجا. وكانت الكبرى في الثانية والعشرين، والوسطى في الثالثة عشرة، والصغرى لم تتجاوز السبع سنوات. وقد عانيت من الآلام النفسية في تلك الفترة كثيرا. وعندما علم الملك فيصل بمرضهن تولى بنفسه علاجهن في الخارج فأرسلهن مرتين إلى القاهرة ولعدم وصول الأطباء إلى نتيجة قرر إرسالهن على حسابه الخاص إلى تركيا مرتين ومرة إلى سويسرا في أحدث مستشفى للأطفال، ثم أرسلهن سبع مرات إلى ألمانيا بأوامر ملكية وقد توفيت الصغرى وبقيت معاناتي مع المتوسطة والكبرى لفترة طويلة، لدرجة أن وزير الصحة قال لجلالته: إن النظام لا يسمح بإرسال المريض أكثر من مرة إلى الخارج للعلاج، فأمر يرحمه الله أن تستثنى حالة ابنتي خلف عاشور من النظام، وأخيرا عندما لم نصل إلى نتيجة أمر بأرسالهن إلى الجامعة الأمريكية في بيروت وإقامتهن مع مرافق لهن على أن تتولى السفارة السعودية الصرف عليهن.. وفي إحدى المرات في ألمانيا أرسل لي السفير من بون وحمل لي مبلغا كبيرا تلك الأيام، ولم أكن أقدم معاملة لجلالته إلا وتحظى بموافقته السامية، وكان يقول للنويصر: أنا عندي رأس مال من هاتين البنتين.. وعندما لم يكن هناك بنك للدم في الرياض قرر نقلي يرحمه الله إلى جدة بنفس وظيفتي ومرتبي، وأوصى بأن توفر لي وظيفة مناسبة في أي وزارة أخرى إذا لم تتوفر في وزارة المالية، وكنت أسافر بدون إذن لأن لدي إجازة مفتوحة لعلاج بناتي من جلالته. فوقفته معي جعلتني مستقرا بشكل كبير، كما وأكرمني عندما تقاعدت وكان يصرف لي شهريا مبلغا يعادل قيمة الراتب التقاعدي
وأضاف عليه مبلغا سنويا ولا أملك له في كل وقت وحين إلا الدعاء دائما بأن يتغشاه الله بواسع رحمته وأن يتقبله الله من الشهداء.
• لماذا يتكرر الحديث عن ميناء ينبع في حواراتك ومجالسك مع كبار المسؤولين؟
ينبع مدينة مشهورة منذ القدم وكانوا يقولون إنها عتبة المدينة المنورة، ونحن نجني على مدينة الرسول عليه السلام وتجارها بحرمانهم من ميزة وجود ميناء ينبع بجوارهم، والكل يعرف أن المدينة المنورة عاشت في أوج عظمتها عندما كان تجار القصيم والشمال والمدينة المنورة يستوردون من خلال ميناء ينبع.
• من كان صاحب قرار إيقاف الميناء؟
تراجع مكانة ميناء ينبع بدأ في عهد وزير المالية عبدالله السليمان الذي أراد أن يكون الميناء الرئيسي على البحر الأحمر للمملكة في جدة، لترد عليه جميع البضائع، فعملوا عليه إصلاحات كبيرة جدا، وفي ظل ذلك الوضع في ينبع نزح التجار منها، فمنهم من استقر في المنطقة الشرقية، وبعضهم استقر في المدينة، ومنهم من أتى إلى جدة واستقر فيها، والبعض ذهب إلى الرياض بعد أن توقف العمل التجاري في الميناء الذي خدمته الطبيعة أنه (خور) في البحر الأحمر وقابل للتعميق كيفما شاء، ويعتبر الميناء الأفضل على ساحل البحر الأحمر بطول امتداده من ضباء إلى الليث، ورغم محاولاتي المتكررة التعرف على أسباب هذا التجاهل من المسؤولين في وزارة الاقتصاد والتخطيط، والمؤسسة العامة للموانئ إلا أنني لم أصل إلى شيء، ولا أعرف إلى هذه اللحظة ماهو العائق الذي يعطل الاستفادة من ميناء ينبع تجاريا مع أنه من أفضل الحلول الموجودة لتخفيف العبء عن ميناء جدة، إذ أن تكلفة تحميل البضائع من ينبع أقل بكثير من جدة كما أن عوائق إيصال البضائع من الميناء إلى المدن المستفيدة المجاورة لم تعد موجودة في ظل شبكة الطرق السريعة التي تحظى بها جميع المدن والقرى في المملكة، كما أن ميناء ينبع له أهمية اقتصادية كبرى، فهو آمن ، وقليل التكلفة، والمسافة بين ميناء ينبع والمدينة المنورة حوالى مائتي كيلو متر.
• هل دخلت مساحة المدينة المنورة في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام في التوسعة الأخيرة أم بقي جزء منها خارج التوسعة؟
أنا أشرفت على أعمال التوسعة التي أمر بها في المدينة المنورة ، وأوكد لك أن كل مساحة المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم دخلت فى التوسعة فأصبحت كلها حرما، وقد كانت سعة الحرم 16500 م أما الآن فأصبحت 50000 م تقريبا ،هذا بخلاف التوسعة التي يقوم بها حاليا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله الذي يسير على نفس المنوال الذي سار عليه أبوه وأشقاؤه ويبذل جهودا جبارة في إضافة الكثير من أجل راحة الزوار والمعتمرين والحجاج.
• ما صحة قصة النفق الذي تم حفره لسرقة جسد الرسول عليه الصلاة والسلام؟
هذا النفق روايته صحيحة، وقد ذكره العلامة السيد نور الدين علي السمهودي المدني في كتابه خلاصة الوفا وغيره فقال: إن الملك العادل نور الدين رأى النبي صلى الله عليه وسلم في نومه ليلة ثلاث مرات وهو يشير إلى رجلين أشقرين يقول: أنجدني من هذين. فأرسل إلى وزيره وتجهزا في بيته ليلتهما على رواحل خفيفة في عشرين نفرا وصحب مالا كثيرا فقدم المدينة في ستة عشر يوما فزار ثم أمر بإحضار أهل المدينة بعد كتابتهم وصار يتأمل في كل ذلك تلك الصفة إلى أن انقضت الناس فقال: هل بقي أحد؟ قالوا: لم يبق سوى رجلين صالحين عفيفين مغربيين يكثران الصدقة. فطلبهما فرآهما الرجلين اللذين أشار إليهما عليه الصلاة والسلام، فسأل عن منزلهما فأخبر أنهما في رباط بقرب الحجرة الشريفة، فأمسكهما ومضى إلى منزلهما فلم ير غير ختمتين وكتبا في الرقائق ومالا كثيرا فأثنى عليهما أهل المدينة خيرا فبقي مترددا ومتحيرا، فرفع حصيرا في البيت فرأى سردابا محفورا، ينتهي إلى صوب الحجرة فارتاعت الناس لذلك، فقال لهما السلطان: أصدقاني، وضربهما ضربا شديدا، فاعترفا بأنهما نصرانيان بعثهما النصارى في زي حجاج المغاربة وأمالوهما بالمال العظيم ليتحيلا في الوصول إلى الجناب الشريف ونقله وما يترتب عليه، فنزلا قرب رباط وصارا يحفران ليلا ولكل منهما محفظة جلد، والذي يجتمع من التراب يخرجونه في محفظتيهما إلى البقيع إذا خرجا بعلة الزيارة، فلما قربا من الحجرة أرعدت السماء، وأبرقت وحصل رجف عظيم، فقدم السلطان صبيحة تلك الليلة، فلما ظهر حالهما بكى السلطان بكاء شديدا، وأمر بضرب رقابهما فقتلا تحت الشباك الذي يلي الحجرة الشريفة المسمى الآن شباك الجمال، ثم أمر بإحضار رصاص عظيم وحفر خندقا عظيما إلى الماء حول الحجرة الشريفة كلها، وأذاب ذلك الرصاص وملأ الخندق، فصار حول الحجرة سور من رصاص إلى الماء، لكننا لم نجده لأن الحاكم العثماني الذي اكتشف النفق وكان بينه وبين قبر الرسول ذراع واحد قام بصب الرصاص حول قبر الرسول لكي لا تمتد إليه يد عابث ، وقد تم تعميق الجدار المحاط به قبر الرسول وصاحبيه من الأرض إلى أعلى نقطة بالحجرة الشريفة، وطوقت ببناء متصل وقوي من الرصاص، بحيث يصعب على أي شخص اختراق الجدار، ولا ننسى أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يحمي قبر نبيه صلى الله عليه وسلم قبل أي شيء آخر.
• ومامدى صحة ماقيل عن نقل أشياء من الحجرة الشريفة أثناء التوسعة؟
لم يحدث في الحجرة أي شيء وهذا الأمر فطن له الملك فيصل يرحمه الله فأصدر أمرا ملكيا بعدم تغيير أي شيء في الحرمين المكي والمدني وإبقائه في مكانه، وكل التوسعات التي تمت منذ عهد الملك عبدالعزيز إلى عهد الملك عبدالله يحفظه الله تحاشت القرب من هذا الأمر، بل إن بعض الأسماء والكتابات لازالت باقية وما تعرض للتلف بسبب القدم فقط تم إصلاحه.
• كم مرة تشرفتم بدخول الحجرة النبوية الشريفة؟
تشرفت بدخول الحجرة النبوية الشريفة ( ثلاث مرات) ولا أستطيع أن أصف لك شعوري حينها ، فأنت تقف أمام سيد الرسل والبشر وخاتم الأنبياء، صلى الله عليه وسلم، وصاحبيه الكرام رضوان الله عليهما. فتتداخل المشاعر رهبة وهيبة وإجلالا واحتراما ، وقد دخلت المرة الأولى بصحبة الشيخ يحيى بن لادن بغرض رؤية بعض الأشياء في الحجرة والفتحات لأن بعض الزوار من المعتمرين والحجاج كانوا يعمدون إلى رمي بعض الأشياء في الحجرة من عطور ونقود داخل الحجرة الشريفة. نحن أدينا واجبنا ورفعنا تقريرنا عما رأيناه وشاهدناه ، وتم عمل تعديل لبعض الأشياء التي لا تمس أي شيء بقبر الرسول صلى الله عليه وسلم ولا بقبر صاحبيه رضوان الله عليهما ، والمرة الثانية كانت برفقة الملك الحسن الثاني ملك المغرب رحمه الله ، والثالثة تشرفت بدخول الحجرة الشريفة برفقة الأمير عبدالعزيز بن فهد حوالى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، حيث صلينا ركعتين فى الروضة الشريفة، ثم دخلنا للسلام على سيد البشر صلى الله عليه وسلم.
• والكعبة المشرفة؟
أكرمني الله سبحانه وتعالى بالصلاة في الكعبة المشرفة والتي تم ترميمها في عهد الملك فهد يرحمه الله بالكامل حتى وصلنا إلى الخشب الذى بنى به سيدنا إبراهيم عليه السلام ، وقد أشرف على العملية أبناء بن لادن وكنا نرابط فيها ليل نهار حتى تم الانتهاء من ذلك العمل العظيم والرائع .
• من المعروف حبك لشعر الكسرة الذي تشتهر به ينبع وتأثيره على مسامعك وحرصك على حضور مناسباته أيضا؟
يستهويني هذا الفن كثيرا وفيه ملامسة حقيقية مبسطة وواضحة لمشاعر وغراميات الشعراء، وكنت أتمنى أن أجيد هذا اللون من الشعر ولكنها مواهب الرحمن يعطيها لمن يشاء، لكنني بلاشك أستعذبه وأكتب عنه في مقالاتي بين الحين والآخر خصوصا أن الكثير من شعراء الكسرة في ينبع من أصدقائي من أمثال الصديق عواد عبدالغفار رحمه الله ، والصديق أحمد عطا قاضي وغيرهما.
• إلى أي مدى تغير مجتمعنا في المدن والقرى ولم يعد كما كان في السابق؟
لدرجة كبيرة تصيب الإنسان بالألم. فالطباع تغيرت، والنفوس أودع الزمن بها الكثير مما هو غير معروف أو مألوف.. وباتت بعض الأسر في تفكك.. وأصبح الأهل عن ذويهم في بعاد.. خلل في النسيج الاجتماعي في هذا الزمن الذي ندعو الله أن يلطف فيه بأبنائنا وأحفادنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.