عقدا لتشغيل وصيانة شبكات ومواقع تجمعات سيول في بريدة    خطيب الحرم: التعصب مرض كريه يزدري المخالف    مدرب اليمن يستهدف فوز أول على البحرين    الذهب يستقر وسط التوترات الجيوسياسية ويتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية    دبي: موظف يقاضي شركته السابقة بسبب «فرصة عمل»    دار الملاحظة الأجتماعية بجازان تشارك في مبادرة "التنشئة التربويه بين الواقع والمأمول "    فرضيات عن صاروخ روسي تسبب في تحطم الطائرة الأذربيجانية    خطيب المسجد النبوي:الاعتصام بسنة رسول الله فهي الحق المبين وبها صلاح الأمة    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مستشفى كمال عدوان شمال غزة    مدرب العراق: سأواجه «السعودية» بالأساسيين    الفرصة لا تزال مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    مآل قيمة معارف الإخباريين والقُصّاص    الصندوق السعودي للتنمية يموّل مستشفى الملك سلمان التخصصي في زامبيا    مهرجان الرياض للمسرح يبدع ويختتم دورته الثانية ويعلن أسماء الفائزين    سورية الجديدة.. من الفوضى إلى الدولة    اجتثاث الفساد بسيف «النزاهة»    إحالة 5 ممارسين صحيين إلى الجهات المختصة    أميّة الذكاء الاصطناعي.. تحدٍّ صامت يهدد مجتمعاتنا    خادم الحرمين يهنئ رئيس المجلس الرئاسي الليبي بذكرى استقلال بلاده    عبقرية النص.. «المولد» أنموذجاً    مطاعن جدع يقرأ صورة البدر الشعرية بأحدث الألوان    الأمن.. ظلال وارفة    99.77 % مستوى الثقة في الخدمات الأمنية بوزارة الداخلية    نائب أمير مكة يفتتح ملتقى مآثر الشيخ بن حميد    «كليتك».. كيف تحميها؟    3 أطعمة تسبب التسمم عند حفظها في الثلاجة    «إسرائيل» ترتكب «إبادة جماعية» في غزة    التحليق في أجواء مناطق الصراعات.. مخاوف لا تنتهي    ليندا الفيصل.. إبداع فني متعدد المجالات    أهلا بالعالم    كرة القدم قبل القبيلة؟!    ضبط شخص افتعل الفوضى بإحدى الفعاليات وصدم بوابة الدخول بمركبته    فِي مَعْنى السُّؤَالِ    قائمة أغلى عشرة لاعبين في «خليجي زين 25» تخلو من لاعبي «الأخضر»    122 ألف مستفيد مولهم «التنمية الاجتماعي» في 2024    دراسة تتوصل إلى سبب المشي أثناء النوم    ثروة حيوانية    تحذير من أدوية إنقاص الوزن    استثمار و(استحمار) !    ضرورة إصدار تصاريح لوسيطات الزواج    حرس الحدود بجازان يدشن حملة ومعرض السلامة البحرية    رفاهية الاختيار    وسومها في خشومها    منتخبنا كان عظيماً !    5 مشاريع مياه تدخل حيز التشغيل لخدمة صبيا و44 قرية تابعة لها    نيابة عن "الفيصل".. "بن جلوي" يلتقي برؤساء الاتحادات الرياضية المنتخبين    اختتام دورات جمعية الإعاقة السمعية في جازان لهذا العام بالمكياج    وزير الدفاع وقائد الجيش اللبناني يستعرضان «الثنائية» في المجال العسكري    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    وطن الأفراح    حلاوةُ ولاةِ الأمر    46.5% نموا بصادرات المعادن السعودية    التخييم في العلا يستقطب الزوار والأهالي    مسابقة المهارات    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



null
نشر في عكاظ يوم 18 - 03 - 2011

خلافا لما كان شائعا عن الأغوات من أن آباءهم هم من قاموا (بخصيهم) وإرسالهم إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة لخدمة الحرمين الشريفين، يوضح شيخ أغوات المسجد النبوي الشريف الشيخ سعيد بن آدم بن عمر أغا عبر هذا الحوار ل«عكاظ» الحقيقة التي غابت عن المجتهدين وهي أنهم ضحية الغزو الإيطالي للحبشة (حيث عمد الجنود والغزاة إلى خصي الأطفال كي يقطعوا نسلنا ولا نتكاثر).
ومن أغرب الأشياء التي يكشف عنها الشيخ سعيد أغا في هذا الحوار أن الأغوات رغم ما عرف عنهم من (خصي) وزهد يتزوجون النساء مثلهم كبقية البشر بل أن بعضهم له زوجتان أو ثلاث.
كما يكشف الشيخ سعيد أغا عبر هذا الحوار أيضا أن نظام الأغوات تم إيقافه منذ سنوات بفتوى من سماحة مفتي عام المملكة السابق الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله بعدما بلغه أن آباءنا قاموا بخصينا وأرسلونا إلى مكة والمدينة لخدمة الحرمين فقال سماحته إن هذا العمل (بدعة) ولا أصل له في الدين، فأبرق خادم الحرمين الشريفين الملك فهد رحمه الله بذلك فأمر بإيقاف قبول الأغوات.
وعليه يشير الشيخ سعيد أغا أنه لم يتبق من الأغوات الآن سوى عشرة فقط، أصغرهم في ال65 من عمره.
ولفت الشيخ سعيد أغا أن مهمتهم هي تنظيف الحجرة النبوية وفتح وإغلاق منبر الرسول صلى الله عليه وسلم وتنظيفه صباح كل يوم جمعة، فيما هم يحتفظون بمفتاحي الحجرة والمنبر .. فإلى نص الحوار:
• ما الهدف الرئيس الذي جيء بك إلى المملكة؟
الهدف من مجيئي إلى المدينة المنورة هو خدمة المسجد النبوي برغبة مني، وذلك إكراما لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو الذي أكرمنا بالهداية، ووجب علينا أن نكرمه كما أكرمنا، بخدمة مسجده الشريف، وقبره الطاهر، والتفرغ لذلك، ونحن نحمد الله أن هيأ لنا الظروف التي سخرتنا لذلك.
• متى ولدت، وكم تبلغ من العمر حاليا؟
تاريخ ميلادي ليس دقيقا، فهو مقيد بتاريخ 1340ه، أي أنني في ال92 من عمري الآن، مع أنني أتوقع أني لا زلت بين ال75 وال80 عاما من عمري.
• وما سبب اختلاف تاريخ ميلادكم؟
في ذلك الوقت كانت الحبشة لا تسمح بالذهاب للمملكة من أجل العمرة إلا لفئات عمرية محددة، وكنت حينها أبلغ من العمر 21 عاما، فصرنا نضطر لتزييف تاريخ الميلاد لكي نظفر بالخروج والسفر من أجل العمرة.
• أقرأ في بطاقتك أن مكان ميلادك هو اليمن، وأنت تقول إنك ولدت في الحبشة، وجئت منها إلى المملكة للعمرة !
نعم أنا من مواليد الحبشة، ولكن عندما غادرناها توجهنا إلى اليمن، عبر قوارب بدائية مصنوعة من الخشب يطلق عليها «سمبوك»، وغادرنا من ميناء عصب الحبشي، الذي يقع الآن في حدود إريتريا لا أثيوبيا، ومن القرن الأفريقي عبر خليج عدن وصلنا اليمن، وهناك في اليمن استخرجنا جوازات يمنية، استخدمناها للدخول إلى المملكة.
• وما سبب ذلك؟
في ذلك الوقت لم أكن أحمل أي جواز أثيوبي، وأتذكر أن سفرنا في ذلك الوقت من الحبشة إلى اليمن كان بطريقة عشوائية غير رسمية، وبدون أي أوراق ثبوتية، فقد كانت غايتي في الذهاب لليمن طلب العلم ومجالسة العلماء والمشايخ، دون أن تكون نيتنا موجهة للتجارة أو التوسع في المال.
• لماذا لم تبق في اليمن وتخدم جوامعها ومساجدها بدلا من المجيء إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة؟
لم أغادر من بلدي الحبشة وأتحمل عناء السفر لأيام وليالٍ طويلة عبر قوارب بدائية في البحر، وأنا أجازف بروحي بين وحشة البحر والمحيط ولطم الأمواج من أجل البقاء في اليمن، بل كان هدفي هو الوصول إلى الحرمين الشريفين، وما طلبي للعلم في اليمن إلا لكي أتسلح به حتى أكتسب علوم الدين وعلوم اللغة العربية ونطقها بعد أن كنت أعجميا فيها تماما.
• وكيف كان دخولك للمملكة؟
سافرت برا إلى المملكة مع مجموعة من اليمنيين والأحباش، واخترقنا سواحل وسهول اليمن، من خليج عدن حتى الحديدة وزبيد، وعند دخولنا الحدود السعودية أتذكر أنني عرضت جواز سفري اليمني على رجل يعمل في منفذ الدخول للأراضي السعودية، فنظر إلي بعد أن سمع لهجتي وأنا أتحدث إليه، وسألني «هل أنت يمني؟»، فقلت له لا تنظر للوني إنما انظر لجواز سفري، فضحك مني، ومنحني تأشيرة الدخول.
• في أي عام كان هذا؟
كان في شهر ذي القعدة سنة 1380ه وكان ذلك في عهد الملك سعود رحمه الله .
• بعد وصولكم إلى جدة أين توجهتم؟
توجهت إلى جدة، فمكة المكرمة، وقصدت المسجد الحرام، وصليت فيه وأديت مناسك الحج، ومكثت في مكة المكرمة خمسة أشهر، وفي شهر جمادى الأولى من سنة 1381ه توجهت إلى المدينة.
• وكيف تم قبولك في خدمة الحرم؟
جئت إلى المسجد النبوي وكان يعمل في خدمته 14 من الأغوات، جميعهم يكبروني سنا، وكنت وقتها في العشرينات من العمر، ومن بينهم من بلغ ال100 عام، فحضرت إلى شيخهم وعرضت عليه رغبتي في خدمة المسجد النبوي، فأول ما فعله أن قام بتفتيش أجزاء من جسدي ليتأكد أنني خصي، وعاين ذلك بشهادة اثنين ممن يثق بهم من الأغوات، ثم صار يوجه إلي عدة أسئلة يستوضح من خلالها سلامة عقيدتي وملتي، إلى أن بشرني بالموافقة على التحاقي أغا أفرغ حياتي لخدمة الحرم.
• كل هذا وأنت لا تزال يمني الجنسية حسب جواز السفر؟
نعم، وبعد أسبوعين حصلت على الجنسية السعودية.
• وهل كان معك أحد عند التحاقك في خدمة المسجد النبوي؟
لم يكن معي أحد، بل جاء بعضهم بعدي، واستمر قبولهم لسنوات، بما فيهم أغوات أكبر مني سنا.
• وكيف جرى تنصيبكم شيخا للأغوات وهناك من يكبرك سنا؟
مشيخة الأغوات لا تأخذ بعامل السن أبدا، بل بالعمل والقدرة على استيعابه، فأنا شيخ الأغوات في الحرم ولا زلت على حافة الثمانين من العمر، وهناك من بيننا من تجاوز سنه 100 عام، ولا يزال قائما بخدمة الحرم، مثل الأغا أبو الطيب رحيم، وهذا يرجع لمسيرة الأغا في العمل، فأنا منذ أن جئت شابا وأنا ألازم المشايخ الكبار، وأعمل تحت مظلتهم، وأبادر بإخلاص وتفان، حتى تقدمت على زملائي الأغوات في الدرجة، رغم أنني أصغر من بعضهم.
• كم عددكم الآن؟
يصل عددنا في الوقت الحالي إلى عشرة أغوات.
• وهل فوارق السن بينكم مديدة؟
لا ليست فوارق واضحة، خاصة أن نظام الأغوات تم إيقافه منذ سنوات، بجانب أن هناك ظروفا تزامنت مع تكوين هذه الفئة من نواح جسدية، فأصغر أغا موجود الآن هو عبد الله آدم، ويبلغ من عمره 65 عاما.
• هل معنى هذا أنه لن يأتي أغا بعد هؤلاء العشرة؟
نعم لن يأتي، فنحن ننقص ولا نزيد، لأن الظروف التي أفرزت هذه الفئة من حروب وغزو واحتلال انتهت، ولأن الحكومة أوقفت هذا النظام.
• كيف توقف الاعتراف بالأغوات؟
توقف الأغوات نتيجة فتوى أصدرها سماحة مفتي عام المملكة السابق الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ، حسب ما بلغه من أحد المجتهدين أن آباءنا قاموا بخصينا وأرسلونا إلى مكة أو المدينة، وفدوا بنا لخدمة الحرمين، فقال إن هذا العمل بدعة، ولا أصل له في الدين، وأن الصحابة رضي الله عنهم خدموا الحرمين دون الحاجة لهذه المظاهر، فأبرق إلى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله بذلك، مبديا رأيه ورأي هيئة كبار العلماء بإيقاف قبول الأغوات، فتم ذلك على الفور.
• وهل صحيح أن آباءكم فعلوا ذلك معكم؟
هذا الكلام غير صحيح، فآباؤنا لم يمزقوا أجزاء من أجسادنا ويقوموا بخصينا، وما نحن فيه هو نتيجة الغزو الإيطالي على الحبشة وأجزاء من أفريقيا، حيث عمد الجنود والغزاة إلى خصي الأطفال كي يقطعوا نسلنا ولا نتكاثر، وهذه الحقيقة التي غابت عن المجتهدين الذين أبلغوا سماحة المفتي بما ينافيها.
• وهل تذكر من فعل استئصال بعض أعضاء جسدك؟
لا أتذكر شيئا من ذلك، فقد كان يحدث للأطفال دون سن الرابعة وهذه الفترة العمرية لا تساعد الفرد على تذكر أحداثها كثيرا.
• بغض النظر عن الفتوى ورواية المجتهدين، فهناك منظمات وجمعيات حقوقية تحدثت عن ذلك، ونبذت هذا التصرف؟
أؤكد لك كل ما تتحدث عنه هو مجرد أساطير لا وجود لها في مجتمعاتنا، ولا يمكن أن نفكر بها، أو نقرها ونجعلها نمطا في حياتنا، فمن الذي يرضى أن يتوقف نسبه ويقطع نسله بخصي ابنه؟ والله لو دفعوا له المليارات مقابل خصي ابنه لما وافق ورضي.
• هل نستطيع القول والحكم بأن الأغوات فئة أفرزها الاستعمار والغزو على أفريقيا؟
لا طبعا، لأن الأغوات كانوا موجودين قديما قبل مئات السنين، وكان من ابتكر الاستفادة منهم في خدمة الحرمين هي الدولة العثمانية والأمراء الأتراك، على أنهم مهيئون للتفرغ للخدمة، وليست لديهم رغبة في النساء.
• لطالما أنها ثقافة وافدة من أفريقيا وتركيا.. هل كان يستعان بالأغوات في خدمة الجوامع الكبيرة في تلك الأقاليم، مثل مسجد السليمانية والسلطان أحمد في اسطنبول أو جامع النجاشي في الحبشة؟
لا، إنما يستعان بهم في خدمة الحرمين فقط.
• وكم عدد الأغوات الباقين في المسجد الحرام في مكة؟
لا أعلم، ولكن أتوقع أنهم ثمانية.
• هل يوجد أي ارتباط بين أغوات مكة المكرمة والمدينة المنورة؟
أبدا.
• وهل جميع الأغوات في الحرمين من الحبشة؟
نعم.
• ولماذا كانت الحبشة وحدها التي توفد الأغوات إلى مكة والمدينة؟
لا، بل كان هناك أغوات من السودان، لكنهم ماتوا، ولم يبق منهم إلا الحبشيون.
• التحضير لخدمة الحرم له مراسم خاصة في أعراف الأغوات .. حدثنا عنها؟
التحضير يبدأ باللباس الخاص للأغوات، وهو زي موحد بين أغوات مكة والمدينة، فنرتدي ثوبا مفتوحا من الأمام يسمى «الفرجية»، ونتوج رؤوسنا بلفافة نطلق عليها «الطاووق»، ونتحزم من وسط البطن بقطعة قماش ذات لون أبيض أو أخضر، وقبل هذا نغتسل ونكون في كامل طهارتنا، ونتهيأ بالطيب والبخور.
• وكم يكلفكم صنع هذا الزي؟
من 250 إلى 350 ريالا.
• وفيم تنحصر خدمتكم في المسجد النبوي؟
أجل ما نقوم به، وأعظم ما من الله علينا به، وأشرف مهمة نؤديها هي تنظيف الحجرة النبوية، ثم يأتي بعدها فتح وإغلاق منبر الرسول صلى الله عليه وسلم وتنظيفه صباح كل يوم جمعة، وكنا في السابق مسؤولين عن أبواب المسجد النبوي، ولكن أصبحت الآن بعد التوسعة متعددة، فأوكل أمرها إلى وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي.
• ومن يحتفظ بمفتاحي الحجرة والمنبر؟
نحن الأغوات، حيث نحتفظ بهذين المفتاحين في الغرفة الخاصة بنا عند باب جبريل، وهي الغرفة التي نبيت فيها بالتناوب، تحسبا لوصول أي ضيف.
• بمعنى أن الحرم لا يخلو من وجود الأغا في كل الأوقات؟
نعم، لا يخلو أبدا، بل يتناوب على المبيت اثنان وثلاثة.
• حتى عندما كان الحرم يغلق أبوابه في المساء قبل خمسة أعوام؟
نعم، وننام بجانب الهاتف، فكثيرا ما تلقينا اتصالات من وكالة شؤون المسجد النبوي تبلغنا بوصول ضيف نتهيأ لاستقباله.
• كم عدد مفاتيح الحجرة النبوية؟
مفتاح واحد فقط، نحفظه في غرفتنا عند باب جبريل.
• هل سبق أن فقد منكم؟
يستحيل ذلك، فنحن الموكلون بحفظه، وأكبر حراسة نسخرها لهذا المفتاح، بكل ما أوتينا من قوة، فأنت تسألني عن أعظم شيء بحوزتنا.
• وفيم تحفظونه؟
في الغرفة ذاتها، ولا يدخل هذه الغرفة إلا أغا فقط، ونغلق بابها، ولا يملك مفتاحا لباب هذه الغرفة غير الأغوات أنفسهم.
• من أي المعادن تم صناعة المفتاح؟
مصنوع من الفضة الخالصة، وهو قديم جدا.
• صف لنا الحجرة من الداخل؟
قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحباه يحيط بها بناء من الحجر، يشبه حجر الكعبة، فلا يمكن لأحد أن يرى القبر أبدا، حيث أن ارتفاع الحائط متران اثنان، وتنسدل من أعلاه ستارة خضراء، مكتوب عليها آيات من القرآن الكريم، وعبارة التوحيد «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، والصلاة الإبراهيمية على الرسول صلى الله عليه وسلم.
• وماذا عن مدخرات وكنوز الحجرة؟
عند قبر الرسول صلى الله عليه وسلم تحديدا كانت توجد قطع من الذهب والفضة، ونقود معدنية نفيسة، فتم إيداعها في خزانة خاصة توجد عند باب المجيدي.
• وما تاريخ هذه الكنوز؟
هذه عطايا كان يقدمها الضيوف الكبار من الملوك والرؤساء، ويتركونها عند قبر الرسول صلى الله عليه وسلم.
• وبم تغسلون الحجرة؟
جميع الأغوات العشرة يجتمعون عندما نغسل الحجرة النبوية كل 15 يوما، نبدأ بإزالة الغبار من أرضية الحجرة وحائط القبر، ثم نغسلها بماء الورد كاملة، وبعد أن نمسح الماء وتجف أرضية الحجرة، ندهن الحائط وبعض المناطق من الحجرة بدهن الورد، ونبخرها بأفخر أنواع الطيب، ويطلب منا بعض أفراد هيئة الأمر بالمعروف العاملون في الحرم أن يشاركونا أجر تنظيف الحجرة، فنسمح لهم بالدخول والمشاركة.
• دعني أسألك عن دكة الأغوات، من هيأها لكم؟
هذه الدكة تتميز بأنها مرتفعة نسبيا عن مستوى أرضية الحرم، ومحفوفة بحواجز من النحاس، وقد تهيأت قديما قبل مجيئي إلى المدينة المنورة، وهي خاصة بنا، ولا يجلس فيها أحد غيرنا، وكنا نستريح فيها بين الصلوات، نقرأ القرآن ونردد الأذكار فيقف عندنا الزائرون ويسلمون علينا.
• بينما أجدها الآن مكتظة بغير الأغوات، بل أنني لم أشاهد فيها أغا واحدا يتكئ بداخلها؟
نعم صحيح، فالمسجد النبوي ليس كما في السابق، فالزحام الكثير يحول دون جلوسنا في الدكة، فنضطر لتركها للزائرين، ونجلس نحن في الغرفة الخاصة بنا.
• وكيف تستقبلون الضيوف؟
لا تختلف هيئتنا لطالما أننا في حضرة الرسول وخدمة مسجده، فالزي الذي نرتديه كل يوم هو الذي نستقبل فيه أكابر ضيوف المملكة، ونستقبلهم عند باب السلام، ونحن نحمل مبخرتين مشبعتين بالطيب الفاخر الذي تؤمنه وكالة شؤون المسجد النبوي، ونسير أمام الضيف إلى الروضة الشريفة، ليصلي فيها، ومن ثم نفتح له الحجرة النبوية، فيدخل فيها للسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصاحبيه أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
• ومن استقبلت من ملوك المملكة؟
استقبلتهم جميعا عدا المؤسس الملك عبد العزيز، حيث أن خدمتي بالحرم بدأت في عهد الملك سعود رحمه الله .
• ما أبرز موقف دار بينك وبين أي من الملوك والرؤساء؟
العادة أننا نقدم الخدمة بصمت، ولا نتحدث إليهم، فهم ملوك ورؤساء جاؤوا للصلاة في المسجد النبوي وزيارة الرسول صلى الله عليه وسلم، لكنني أتذكر أن ملك المغرب الراحل الملك الحسن الثاني رحمه الله أخذني معه إلى الفندق، وصار يسألني عن الأغوات وتاريخهم، وأكرمني بعطفه وإحسانه، وقال أنتم تخدمون مسجد رسول الله، فيوجب علي أن أكرم من يقف على خدمة هذا الحرم، فدعاني لزيارته في المغرب، واستضافني في القصر الملكي، وهناك استغرب وزراؤه في المجلس، وهم يتساءلون فيما بينهم «ماذا يريد الملك من هذا الرجل الأسود؟»، وقد جدد إلي الدعوة مرتين أخريين، بجانب دعوة أخرى وجهها لي رئيس باكستان الأسبق نواز شريف.
• نأتي للسؤال الأكثر جدلا وإثارة .. هل الأغوات يتزوجون؟
نعم يتزوجون.
• ومن المرأة التي تقبل بأن تتخذ الأغا زوجا لها؟
تقبل بنا المرأة التي تعرف حالنا وتحيط بواقعنا، وتدرك يقينا بأننا عاجزون.
• عفوا.. هل أنت متزوج؟
نعم.
• ولكن في هذه الحالة انتفت الحكمة من الزواج، التي يأتي في مقدمتها وفق الشريعة الإسلامية الحفاظ على النسل والنسب والتحصين من الوقوع في الفاحشة؟
هي قبلت بي زوجا لها برضاها، وهي تعلم عن حالي، ولو أني خبأت عنها ذلك لجاز لها أن تطلق مني، فنحن لا نرضى بالغش في هذا الجانب، فلا يعقل أن ندعي القدرة في ذلك ثم تأتي المرأة وتفاجأ بالعجز وأنني مثل الميت أمامها.
• وممن تتزوجون؟
نتزوج النساء الفقيرات في بلادنا في أثيوبيا، وهن يرضين بنا لأننا نكرمهن في حياتهن، وقبل الزواج نرفع إلى الديوان الملكي بطلب الزواج من الخارج، فنعقد الزواج بعد صدور الموافقة.
• وهل تتعددون في الزواج بأكثر من زوجة واحدة؟
نعم، فبعضنا متزوج باثنتين وثلاث.
• الأغوات.. هذه الفئة الزاهدة التي أخضعت ذاتها وما تملكه لخدمة الحرم، ما قصة تحولهم إلى أثرياء؟
نعم، هناك أملاك وعقارات أوقفت لنا نظير خدمتنا للحرم قديما، وكانت حينئذ سهلة المنال وقيمتها في مقدور الكثير، ولكن الآن ارتفعت قيمتها وأصبحت تقدر بالملايين.
• ومن أوقفها لكم؟
أوقفها أغوات مثلنا، سبقونا بسنوات، وأوقفوا بعض أملاكهم قبل وفاتهم لنا، وهناك وثائق وصكوك تثبت ذلك بعبارة «وقف لأغوات الحرم النبوي والناظر منهم».
• كم عدد الأوقاف التي يرجع ريعها إليكم؟
كثيرة جدا، بين فنادق وعمائر وأراض، فمن بينها فندق يتجاوز قيمته العشرة ملايين ريال.
• ولكن بقي الآن عشرة أغوات فقط وأصغركم يبلغ من عمره 65 عاما، أين ستذهب هذه الأوقاف بعد رحيل هؤلاء العشرة؟
هذا يرجع إلى ولي الأمر، وهو من يقرر التصرف بالأوقاف، بينما نحن متمسكون بها متى ما حيينا.
• ألم تتعرض أوقافكم يوما لمحاولة السلب أو التشكيك في ملكيتها؟
بلى، فقد دخل الحساد في شؤوننا، وصاروا يحومون حول أملاكنا، وهم مدركون أنه لا ذرية لنا، فيحاولون النيل منها قبل رحيلنا.
• وهل حاول أحد النيل منها بالفعل؟
نعم، فكانت البداية أن وافق أغوات مكة على بيع أراضيهم وعمائرهم المجاورة والملاصقة للمسجد الحرام، وتحصلوا على مليارات الريالات منها، فانتقل هذا الداء إلى المدينة، محاولين إقناعنا بطمس حقيقة هذه الأوقاف، والخوض في بيعها، لكننا رفضنا ذلك جملة وتفصيلا، ورفعنا إلى المجلس الأعلى للقضاء منددين بمن يحاول السطو على أوقافنا، وأن لا نؤخذ بجريرة أغوات مكة الذين رضوا ببيع أوقافهم.
• وما قصة الزج بك في السجن قبل ثلاثة أشهر؟
زجوا بي في السجن لاستفحال الديون علينا، وجرى حجزي في توقيف إدارة الحقوق المدنية مدة سبعة أيام، نتيجة شرائنا سيارات تأخرنا في سداد قيمتها، وذلك بسبب تعليق بعض الأوقاف، فكان شراء السيارات السبيل الوحيد لحين الحصول على ريع هذه الأوقاف، بينما ظل بعضها عالقاً، يجري النظر في أمرها.
• أخيرا.. من من أئمة المسجد النبوي لم يزل عن ذاكرتك؟
الشيخ عبد العزيز بن صالح رحمه الله ، فهو بجانب علمه ووقاره وطيبته كان يحب الأغوات، ويكرمنا ويقف على شؤوننا، وافتقدنا لكل هذه الأمور منذ أن رحل عن الدنيا، فسرنا عند رحيله أمام جنازته، وكنا أول المشيعين، بجوار أمير منطقة المدينة المنورة الأسبق الأمير عبدالمجيد بن عبد العزيز رحمه الله .
• ماذا يذكرك به؟
كنت أحرص على أن أفتح له المنبر صباح يوم الجمعة، وأنظفه له قبل أن يصعد إليه، وأقف عند باب المنبر حتى ينزل، وأغلق الباب من بعده، وطوال الخطبتين أجلس أسفل المنبر، وهو يرتجل دون الحاجة لأن يقرأ من ورقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.