رغم اختلاف الكثير من المبتعثين في ولايات أمريكا حول سبل التكيف مع رمضان في الغربة، إلا أنهم متفقون جميعا على أن قضاء الشهر الفضيل على أرض الوطن، وبين الأهل والأقارب والأصدقاء، أجمل في كل الأحوال من قضائه هناك. «عكاظ» أحيت سهرة رمضانية مع عدد من المبتعثين السعوديين، لمناقشة طبيعة الحياة في رمضان في الخارج، وكيفية التغلب على ظروف الاغتراب، وسط هموم الدراسة وطول النهار في أمريكا. المقاضي من السعودية غير مجدية في البداية تحدث المبتعث مشعل الهاشم وقال: هذه السنة الثانية التي أصوم فيها بأمريكا، فلا شك أن الصوم في المملكة مختلف وله طعم خاص، ففي العام الماضي جربت شراء «مقاضي» رمضان من المملكة، إذ تكفل الأهل في الرياض بشراء كامل ما أحتاجه في رمضان، وبعثوا بها إلي، إلا أنني عانيت حتى وصلت إلي، حيث وصلت بعد منتصف شهر رمضان الكريم، فوجدت نفسي مضطرا لشراء بعض المؤن من البقالات الإسلامية الموجودة هنا، رغم ارتفاع أسعارها فخرجت بنتيجة من هذا الموقف وفشل التجربة مقابل غلاء تكاليف الشحن أن أكتفيت هذا العام بشراء بعض المستلزمات البسيطة الضرورية لمائدة السحور فقط من هنا، أما ما يتعلق بالإفطار فقد قررت أن يكون مع زملائي المبتعثين في النادي السعودي، خصوصا أنها أوكلت إلي مهمة المسؤول المالي عن مشروع الإفطار، الذي يشرف عليه النادي السعودي ويضم كافة المبتعثين السعوديين دون تمييز أو تفرقة. وحول البرنامج الرمضاني يقول الهاشم: البرنامج موزع بين الدراسة في أول النهار، والاستعداد لتجهيز الإفطار في آخره، والحرص على الالتقاء بالطلاب السعوديين كل مساء، والصلاة جماعة، بجانب تخصيص وقت لقراءة القرآن الكريم. بين الأسرة والطلاب المبتعث لدراسة الهندسة المعمارية أمين بصنوي يضيف قائلا: إن هذا العام هو الأول بالنسبة لي والذي أصوم فيه بعيدا عن الأهل والأسرة وبعيدا عن أجواء طيبة الطيبة، التي للصيام فيها طعم خاص عن أي مكان آخر في العالم بحسب تقديري، وما يتعلق ببرنامجي الرمضاني هنا فهو يختلف كثيرا عنه في المملكة، كون النهار يتجاوز 17 ساعة، والليل أقل من سبع ساعات، فلا شك أن قراءة القرآن الكريم سوف يكون لها نصيب من الوقت. واضطر بصنوي إلى تخفيض ساعات الدراسة لكي يتلاءم من رمضان مغتربا: وبرنامجي في رمضان يبدأ من منتصف النهار، حيث حرصت على تخفيض المواد الدراسية في رمضان، كون الوضع شاق وصعب، خصوصا أن درجة الحرارة مرتفعة، والشهر الكريم يتوافق مع فصل الصيف، أما الجزء الآخر من اليوم فسيكون موزع بين تلبية متلطبات الأسرة والاستعداد للإفطار، بالإضافة إلى حرصنا على تخصيص جزء من الوقت لحضور الإفطار الرمضاني مع الطلاب في النادي السعودي. رمضان في المملكة في المقابل هناك من يفضل السفر إلى المملكة في رمضان، كما يفعل سلطان الجحدلي، حيث قال: سوف أتوجه إلى المملكة لقضاء بقية الشهر الكريم، إذ يحلو الصوم فيه، وأشعر هناك بروحانية الشهر الكريم، فيمكنني الصلاة والقيام وزيارة الحرمين الشريفين والالتقاء بالأهل والأقارب. ويتفق المبتعث فيصل الدهام معه في الرأي: سوف أغادر بعد أن صمت بعض الأيام بعيدا عن الأسرة، وسأقضي ماتبقى من الشهر الكريم بين الأهل والأقارب بمشيئة الله، أما في هذه الأيام التي أمضيها في أمريكا فسوف أشارك الزملاء المبتعثين في ريتشموند في الإفطار الجماعي، حيث أعتبر اجتماعهم على سفرة واحدة وتناول وجبة الإفطار معا مظهر من المظاهر التي تفرح القلب، ويولد المحبة ويعزز التواصل والترابط في ما بيننا. ويضيف عبدالرحمن الأحمدي المبتعث لدراسة الهندسة: رمضان في أمريكا مختلف في كل شيء في الدراسة والإفطار والاجتماعات وفي اللقاءات الليلية الرمضانية، خصوصا في الحياة بعيدا عن الأسرة. أما جدول حياتي في هذا الشهر فيبدأ من الدوام الممتد من الساعة التاسعة صباحا إلى الساعة الرابعة عصرا، وبعد العصر أرتاح قليلا، ثم أبدأ الاستعداد لإعداد وجبة الإفطار مع الزملاء المبتعثين، بينما في المساء فأحاول التوفيق بين المذاكرة والالتقاء بالزملاء والسمر معهم، بجانب تخصيص جزء من يومي لقراءة القرآن الكريم. وزاد المبتعث عمر بغلف قائلا: الصوم في أمريكا لا يختلف عليه اثنان في أنه لا يعادل الصوم في الوطن الغالي بين الأسرة، وإن كنت أحرص يوميا بعد نهاية يومي الدراسي على قراءة جزء من القرآن الكريم، وتلبية متطلبات زوجتي وابني الصغير، وكذلك مشاركة المبتعثين الإفطار الجماعي. شراء متطلبات الإفطار وبسؤالنا عن طبيعة المؤن الغذائية وطريقة توفيرها وشراء متطلبات الإفطار، قال مشعل الهاشم: بما أن الإفطار عن طريق النادي السعودي وبشكل يومي وبرسوم رمزية فإن النادي متعاقد مع أربعة مطاعم من المطاعم الإسلامية والعربية في ريتشموند، لتوفير وجبة الإفطار، وبالتالي أعفينا أنفسنا من عناء البحث عن أماكن الأغذية الحلال. لكن الحال يختلف عند عمر بغلف وأمين بصنوي، فيقول الأول: اتفقت أنا وزميلي بصنوي على الذهاب إلى بقالة يديرها شخص هندي مسلم، وبقالة أخرى يديرها مسلمون من الهند وباكستان يوجد بداخلها ملحمة توفر اللحم الحلال من خرفان وماعز وبقر وحتى دجاج، وهي معروفة في ريتشموند، ويعرفها كل المسلمين كونها توفر المتطلبات الأساسية لما يحتاجه المسلم، وتحظى بإقبال كبير رغم غلاء أسعارها مقارنة بالأسعار في المملكة، لكنا نحن مضطرون للشراء لضمان سلامة الأكل.