لا يشعر بحاجة المرضى إلا من ابتلاه الله بالمرض، ولا يقدر نعمة البذل والعطاء إلا من وهبه الله نعمة القناعة بما قسم الله والإيمان العميق بأن التضحية من أجل الآخرين من أرقى القربات إلى الله، وأن «من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا». إن التبرع بالأعضاء أو بالدم من أعظم ما يمكن أن يتقرب به العبد إلى الله، وفائدته لا تعود على المتبرع له وحسب، ولكنها في حالة التبرع بالدم مثلا تعود على المتبرع نفسه بفوائد جمة، حيث تتجدد خلايا دمه، ويتأكد من خلو جسمه من الأمراض، ويشارك في إنقاذ حياة بإذن الله. نعاني في مجتمعنا من ضعف ثقافة التبرع بالأعضاء على وجه التحديد، وبدرجة أقل بعض الشيء بالنسبة للتبرع بالدم، وحتى عندما يصل الشخص إلى القناعة الكاملة بالتبرع بأعضائه عند وفاته ويصدر بطاقة التبرع، تصطدم المستشفيات برفض أهل المتوفى أن يتم التبرع بأي من أعضائه، وهذا ناجم عن ضعف ثقافة التبرع بالأعضاء في مجتمعنا، ما يؤكد الحاجة الماسة لتطوير آلية التثقيف والتحفيز لإقناع المجتمع بكافة فئاته بأهمية التبرع بالأعضاء، ولا بد من تكاتف الجهود، بدءا بالمدرسة سواء بتضمين المناهج لمواد أساسية توضح أهمية وفضل التبرع، أو من خلال الأنشطة اللا منهجية، ولا بد للمسجد أن يقوم بدوره أيضا، وعلى أئمة وخطباء المساجد أن يضطلعوا بدورهم في توعية الناس بأهمية وفضل التبرع وإيضاح الأجر العظيم الذي يناله، كما أن على وسائل الإعلام أن تقوم بدورها الوطني والإنساني والأخلاقي بتبني حملات منظمة للتوعية بأهمية التبرع بالأعضاء وبالدم، حتى تترسخ هذه الثقافة بين أفراد المجتمع، ولا تعود هناك مشكلة.